العوده الي ام درمان
قالها الشاعر الفذ الأديب الدكتور محمد عبدالحي العوده الي سنار حيث العوده الي الجذور عندما إستهل ديوانه المكون من خمسه قصائد من خلالها وصل الأديب محمد عبد الحي للهويه شعرياً إستهل ديوانه فقال يا ابا يزيد ما الذي أخرجك من وطنك ..؟ فقال: الحق فقال له عُد من حيث أتيت، وما بين عودة الأديب الشاعر محمد عبدالحي الي سنار وعودة الاديب العالمي المخضرم الطيب صالح طيب الله ثراهم الي قريته التي تقع عند منحني النيل بهذا انجبت حواء السودان أعظم اديبين ذاع صيتهم وشهرتهم عالمياً جسدت كتاباتهم معاني الحرية والهوية طريق العوده الي الحياة الكريمه بعدالة السماء، إستهلها الاديب الطيب صالح عدت الي إهلي ياسادتي إحتوت الروايه ولخصت جمال، وعادات، وتقاليد حضاريه، وشوق عظيم، وحنين دافئ
عُدنا نحن والعود أحمدُ الي ام درمان وبنا شوق عظيم إلي منطقه كرري، وام درمان القديمه، التي جمعت أطياف الشعب السوداني يعيشون في تسامح في عاصمتهم الوطنيه تربطهم
أواصر المحبه وجذور التلاقح بمولد الإنسان الأم درماني العريق
عُدنا الي ام درمان بعد غيبه طويله سنه ونيف من الاشهُر تعلمنا الكثير، وغاب عنا الكثير، تعلمنا الصبر عند الشدائد والمحن، ومفارقه الديار، والأوطان، والأحباب وكفكفه دمعه المفجوع المحزون، تعلمنا أن القضاء والقدر كركن من أركان الإيمان يجب ترسيخه، وتعميقه في نفس المسلم
مفارقه الأوطان هزت وجدان ونفس الرحمة المهداه، عندما خرج من مكه قال قولته الشهيره، لولا اهلك أخرجوني منك لما خرجت لأنك أحب بلاد الله اليّ، واحب بلاد الله الي الله،
الحرب اللعينه كانت إمتحان وإبتلاء علي الشعب السوداني حيث غابت عنا القيم والأخلاق وتفشت العنصريه والجهويه البغيضه
عُدنا الي أم درمان وأسرتي الكريمة، وكلنا أمل في أن ينصلح الحال وبشارات النصر والإستقرار بدأت تلوح في كرري الأمنه وفي ظل نيران هذه الحرب المشتعله جمعت منطقه كرري كل أهالي أم درمان شرقها، وغربها، وشمالها، وجنوبها يتجولون ويتسوقون في سوق صابرين بعد ان صبروا لشهور فإستقبل سوق صابرين اهل ام درمان الصابرين علي انتهاكات واذي قوات الدعم السريع ” الجنجويد “جرائم لم يشهدها تاريخ البشريه، والإنسانيه،
ومدينه أم درمان العريقه جاءت تسميتها حسب ما ورد في الروايات ان هنالك إمرأه تنتمي الي الاسره المالكه وبيتها مبني من الحجر والجالوص عند ملتقي النيلين الأزرق والأبيض والي عهد قريب كان في بيت المال ولديها ولد اسمه “درمان” والي ام هذا الولد نسب إسم المكان، فكانت ام درمان، الدُرة، والجوهره والعاصمه الوطنيه العريقه
عُدنا إليها أم درمان بعد رحلة طويلة وشاقه عن طريق شبيه بطريق رأس الرجاء الصالح عندما كانت المسافه من المناقل الي الخرطوم تستغرق فقط أربعه سويعات تعطلت الحياه تماماً، تدهور الإقتصاد وتوقفت عجلة التنميه حيث أصبح الإنسان يبحث عن الأمن والأمان
تحركت يوم الخميس في 30 من مايو صباحاً من المناقل الجزيرة الخضراء التي ضاقت بأهلها بعد سقوط ودمدني واستباحت قوات الدعم السريع قري الجزيرة قريه تلو الاخري، بالأمس القريب كانت فاجعه قريه “ود النورة ” تحركت من المناقل الي سنار عبر الطريق الترابي الي جبل سقدي، ثم سنار، ومنها الي سنجه، والدندر ثم المبيت فيها، وبعدها ام رخم، طريق ترابي للالتفاف نحو القضارف والوصول الي الظلط الرئيسي المؤدي الي بورتسودان ومن القضارف نحو كسلا أرض القاش، ومنها الي دردوق والمبيت فيها، ثم هيا، ومن هيا اتجهنا الي عطبره
وصلت عطبره في يوم الواحد من شهر يونيو بعد ثلاثه يوم من تاريخ مغادرة المناقل، مكثت في دامر المجذوب ليومين مع أصحابنا وأصدقائنا وأحبابنا للراحه من التعب لظروفي الصحيه ثم تحركت في اليوم الثالث من شهر يونيو يوم الاثنين من عطبره مروراً بالمتمه، ثم شندي ثم المحطه الاخيره ام درمان كرري
ونحمد الله ونكون من عباده الشاكرين حفظنا في حِلنا وترحالنا وجدنا ديارنا بخير وكل احبابنا وجيراننا معظمهم لم يغادروا منازلهم ومنهم من ذهب وغادر ثم رجع علي الفور كما يقولون “حد التراب بيتك ”
هكذا الشوق والمحبه والحنين للاوطان والديار، الكل يريد العوده والرجوع الي وطنه الصغير بيته وعشه الذي يأويه سائلين المولي ان يكشف عن شعب السودان وولاية الخرطوم الغُمه، ليس لها من دون الله كاشف ….
النذير عبدالله صلاح الدين – 9 يونيو 2024