الأخبار

بنج سلاطين باشا وحميدتي

96

بنج سلاطين باشا وحميدتي

بقلم: علي أحمد أبوسالمة


أيام حكم الدولة المهدية في السودان في أواخر القرن التاسع عشر عندما كانوا الجهادية يحتفلون بطابور السير في شارع العرض الموجود في امدرمان اليوم، كان جيوش المهدية على صهوة الخيل وآخرين يسيرون مشاة وهم يحملون اسلحتهم النارية (البنادق) وايضا الأسلحة البيضاء من سيوف ورماح ودرق(دروع)، وكان الخليفة عبد الله التعايشي يجلس مع قادة جيشه وأمراءه لمشاهدة العرض

وكان أحدهم يركب خيله ومر بالقرب من مجلسهم وهو بلباس الجهادية وعلى يده رمح، وقف أمام الخليفة وألقى الرمح على الأرض، وقال مقولته المشهورة (أنا المصيبة المعلقة في السبيبة اذا وقعت السبيبة وقعت المصيبة)، هنا نظر أمراء وقادة الخليفة إليه واخبروه بأن يحبس هذا الجندي، ولكن الخليفة قال اتركوه لن يقدر على شئ طالما هو موجود عندنا ونحن ننظر إليه من خلال أمننا


ولكن ما كانت نهاية المهدية الا بسبب هذا الرجل النمساوي الأصل (سلاطين باشا)، الذي كان قائدا في صفوف حاكم السودان في عهد الحكم التركي اللورد غردون باشا، وقد تم أسره ووضعه في سجون بعد معركة تحرير الخرطوم 26 يناير 1885م بقيادة قائد المهدية محمد أحمد المهدي والذي توفى بعد أربعين يوم من سقوط الخرطوم بسبب مرض ألم به، وتولى الخليفة عبد الله التعايشي القيادة


هذا الأسير الذي تمكن من الخليفة وجعله يضع كامل ثقته فيه من خلال إظهاره الضعف والاستسلام، تركه يجلس بينهم ويعيش حياته طبيعية بين الناس، حتى تمكن من الهروب والوصول بمعاونة الكارهين للخليفة وحكومته آنذاك من السودانيين إلي أسوان ولقاء اللورد كتشنر قائد القوات البريطانية التي احتلت السودان في العام 1898م، وقد ملكه كل المعلومات الخاصة بالجهادية من قواتهم وقادتهم أسلحتهم وذخائرهم فكان القشة التي قسم ظهر الدولة المهدية وإسقاطها في العام 1899م.

العبرة:


إخفاقات القيادة العسكرية منذ عهد الرئيس المعزول عمر البشير القائد الأعلى للقوات المسلحة السودانية، عندما أعطى محمد حمدان دقلو تولي مهام واختصاصات الجيش في العام 2003م وكون له قوات قوامها خمس ألف جندي لمساعدته في القضاء على التمرد بولايات دارفور وسن لهم قانون أجازه البرلمان السوداني، بل وخصص له أكبر منجم للذهب، لدعم قواته المالية والعسكرية

وعند سقوط حكومته في العام 2019م، تمدد حميدتي اكثر واكثر في أخذ صلاحيات من مهام واختصاصات غير التي أوكلت إليه ايام البشير (حرس الحدود)، بل دخل في كل ما يختص القوات المسلحة السودانية عدا سلاح الجو والمدفعية.

السؤال:


هل كان الخبراء في إستراتيجية القوات المسلحة في ثباتهم غائبون عما سيحدث مستقبلا أم تدخل السياسة والأحزاب في قرارات وشئون المجلس العسكري جعلت من الواقع صدمة، كما حدث للخليفة عبد الله التعايشي وسقطت (السبيبة وكانت المصيبة).

الدروس المستفادة


عدم تدخل القيادات السياسية في الشئون الخاصة بالقوات المسلحة السودانية والاتجاه الي عودتها كما كانت قبل العام 1989م كجيش قومي واحد لا يشارك مهامه واختصاصاته اي قوات أخرى أو مليشيات غير رسمية.


أبعاد المؤسسة العسكرية من السياسة مع وضعها في صفة مراقب فقط للعملية الإنتقالية والإنتخابات والإلتزام بنصوص الدستور في الحفاظ على أمن وسلامة الدولة من اي مهددات داخلية أو خارجية.


ونسأل الله الثبات والنصر حفظ الله السودان أرضا وشعبا

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد