عقبات وتحديات في مواجهة السودان…. ماذا بعد؟
عقبات وتحديات في مواجهة السودان…. ماذا بعد؟
تقرير بقلم: علي أحمد ابوسالمة
مع تصاعد وتيرة الاشتباكات المسلحة في السودان، جراء الحرب التي تعد الأكثر فتكا في تاريخه الحديث، منذ منتصف أبريل 2023، بين الجيش والدعم السريع، يدخل السودان الي منعطف غاية في الخطورة، أثر التدمير الذي أصاب البنى التحتية لمؤسسات الدولة والقطاع الخاص المهمة والحيوية، التي كانت تساهم بصورة كبيرة في دعم الإقتصاد والتنمية بالبلاد، على الرغم من ضئالة عائداتها التي لم تجد فرصة للنهوض
قبيل نهاية حكم البشير في اواخر ديسمبر 2018، والفترة الانتقالية التي جمعت القوى المدنية والعسكرية، بوثيقة واحدة 2019 والتي إنتهت بفشل إداري وتنظيمي، لأسباب تتعلق بصراعات سياسية، أدت إلي انقلاب عسكري، عجز المجلس السيادي في تشكيل حكومة أخرى، مما سبب في إحداث فراغ كبير في الدولة، ألقت بظلالها على الأداء العام للدولة، وكان ذلك في تقديري محفزا للاختلاف، الذي أدى الي نشوب حرب، مازال قرع طبولها يصدع في الاذان حتى اليوم، مع اقترابها لإكمال عامها الثاني، مخلفا الآلاف من القتلى والجرحى والمفقودين، وملايين من المشردين، ما بين نازح و لاجئ.
ذكر تقرير المنظمة الدولية للهجرة، بأن نحو 10.7 ملايين شخص، نزحوا بسبب النزاع في السودان، منهم 9 ملايين داخل البلاد، بينما فر 1.7 مليون إلي دول الجوار أضافة الي ما أدت إليه حدوث الفيضانات في السودان في تدمير نحو 70 قرية، بالمناطق الشمالية والشرقية كليا وجزئيا. وبحسب تقرير حكومي بلغ عدد المنازل المنهارة كليا 12 ألفا و420 منزلا، وتركزت معظم الأضرار في الولايتين الشمالية ونهر النيل.
ولم ينتهي هذا الانهيار فقط صاحب معه ظهور الأمراض الوبائية الي فاقمت الأوضاع، اكثر ما هي عليه من حرب وتشرد ، فقد تأثّرت 5 ولايات في السودان، بإصابة بالكوليرا، وغيرها من الأمراض المستوطنة مع الخريف مثل الاسهالات المائية ، والملاريا، وحمى الضنك.
علاوة عن التعليم وتدمير المؤسسات التعليمية بسبب الاشتباكات، وتحويل بعض منها مساكن لإيواء النازحين، ساهم بشكل كبير من توقفه وفقد الكثير من الطلاب والطالبات فرصتهم في الحصول على الدراسة، مما جعل الآباء يرسلون أبناءهم للخارج لإكمال تعليمهم.
أما اقتصاديا تسببت الحرب، في فقدان معظم الأسر مصادر دخلها، والآثار الهائلة للحرب على سوق العمل والتجارة والزراعة والصناعة، أصبحت الدائرة تضيق أكثر فأكثر بالنسبة للسودانيين في الداخل والفارين داخليا واللاجئين.
ومع تلك التحديات ، هل يستطيع السودان مواجهة هذا السيل الجارف من العقبات؟؟
هذا الطرح من الأسئلة ، كان لابد من الوقوف عليها ، بحثا في المواقع الرسمية المحلية والعالمية ، التي نقلت في تقاريرها الشقين الخدمي (الإنساني) والاقتصادي على القطاعات الأكثر تأثرا وتضررا وما ترتبت عليه في حياة المواطن..
القطاع الخدمي (الصحي):
الاشتباكات والمواجهات العنيفة بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع في مدن العاصمة الخرطوم والولايات الأكثر تأثرا من الحرب، أصبح من الصعب تقديم الخدمات الصحية التشخيصية والدوائية وفي بعض المدن توقفت المستشفيات والمراكز الطبية بشكل تام
ووفقا لما ذكرته المديرة الإقليمية لشرق المتوسط ، حنان حسن بلخي، نقلا عن (صحيفة الشرق الأوسط)، حذّرت منظمة الصحة العالمية، من أن مستشفيات السودان على شفا الانهيار، وتحدثت عن فجوة دوائية في البلاد في وقت تتفشى فيه الأمراض الوبائية بين السكان.
وقالت أن «نحو 70 إلى 80 في المائة من المستشفيات في الولايات المتضررة من النزاع لا تعمل، إما بسبب الهجمات التي تطولها، أو نقص اللوازم الطبية ومستلزمات التشغيل، أو نقص العمالة الصحية».
مشيرة إلى أن «المستشفيات مكتظة بالمرضى والمصابين مع استمرار تدفق الأشخاص الذين يلتمسون الرعاية، وكثير منهم نازحون داخلياً، بينما يتعذر الوصول إلى العديد من المستشفيات».
كما أرجعت جانباً من الأزمة في المستشفيات إلى «انعدام الأمن» بالإضافة إلى أن «النظام الصحي في السودان، كان مُرهقاً بالفعل قبل الحرب، وهو الآن على مشارف الانهيار».
واضاف تقرير من (منظمة الصحة العالمية) النظام الصحي في السودان هشّ، إذ أن المؤشرات الصحية منخفضة باستمرار، وقد تعرض أكثر من 8 ملايين طفل دون سن الخمس سنوات للخطر بسبب عدم تمكنهم من الحصول على الخدمات الأساسية المنقذة للحياة.
يموت سنويًّا 78،000 طفل دون سن الخمس سنوات لأسباب يمكن الوقاية منها مثل الملاريا.
وحسب التقديرات، فإن هذا الرقم سيتضاعف ثلاث مرات إن استمرت الاستثمارات في قطاع الصحة في الانخفاض.
واعلن وزير الصحة السوداني ، تفشي وباء الكوليرا، فيما تهطل منذ أسابيع أمطار غزيرة على السودان، حيث ضاعفت السلطات في السودان من إجراءاتها الاحترازية بعد الإعلان رسميا عن تفشي وباء الكوليرا في محاولة للحد من انتشاره ، وكشف قسم الاستجابة بإدارة الطوارئ والوبائيات في وزارة الصحة الاتحادية، عن تأثّر 5 ولايات في السودان، وتسجيل 658 إصابة بالكوليرا، سُجلت الإصابات في ولايات نهر النيل والجزيرة والخرطوم وسط السودان، وكسلا والقضارف شرقا.
القطاع الخدمي (التعليم):
مستقبل الطلاب السودانيين أصبح في غاية الخطورة بسبب توقف وتدمير العملية التعليمية في السودان، ووجود أكثر من 10 ولايات في السودان متأثرة بالحرب بطريقة أو بأخرى، يستحيل إجراء امتحانات الشهادة السودانية بها.
وتأثرت 104 من مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة والمراكز البحثية والصندوق القومي لرعاية الطلاب، اضافة الي الكتب المدرسية غير متوافرة لكثير من المراحل الدراسية نتيجة توقف المطابع بسبب الحرب الدائرة في البلاد.
وإلى الآن في 11 ولاية ضمن 18 ولاية لم يتم صرف رواتب للمعلمين مما اضطروا إلى النزوح من مناطق الحرب والنزاع.
القطاع الإقتصادي:
حول الإقتصاد السوداني كشف الدكتور عبد الله الدردري مدير المكتب الإقليمي للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن السودان خسر 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة واحدة من الحرب، وأوضح في حوار مع أخبار الأمم المتحدة أن الدول لا تخسر 25 في المئة من الناتج خلال سنة واحدة إلا إذا كان الوضع فيها مدمرا.
وقال الدرديري منذ بداية النزاع جزءا كبيرا من الدخول في السودان تأتي من الموظفين أصحاب الرواتب الشهرية، خسر هؤلاء جزءا كبيرا ولم يعد جزء كبير منهم يحصل على أي راتب شهري، وكانت هذه الفئة الوحيدة في المجتمع السوداني التي كانت تحصّل مبلغ أكثر من ثلاثين ألف جنيه سوداني في السنة، بمعنى أنها كانت الأعلى دخلا.
تعرضت هذه الفئة لصدمة كبيرة، وقد أدى هذا إلى تراجع كبير في الطلب، وفي الاستهلاك، وفي الاستثمار. وهذه كلها مؤثرات سلبية على معدلات النمو والتشغيل والبطالة والفقر في السودان.
وقال تراجع الإنتاج الزراعي بشكل كبير للغاية، فنحن نعلم أن ثلثي عدد السكان في السودان يقيمون في الأرياف.
تشير الدراسة إلى أن خمسين في المئة من المزارعين في السودان لم يقوموا بزراعة هذا الموسم، نسبة للنزوح الداخلي والهجرة الخارجية وتراجع إمكانيات تمويل عملية الزراعة والفلاحة، بشكل عام، بسبب غياب التمويل والبذور والأسمدة وغيرها، وأيضا التسويق والوصول إلى الأسواق والوصول إلى الإنتاج، ووجود الانخفاض الشديد في الإنتاج الزراعي في السودان يضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي والمجاعة التي تهدد البلاد
بدوره، يرصد الخبير الاقتصادي حسن أيوب أبرز تأثيرات الحرب في تدهور القدرة الشرائية للمواطنين مع ارتفاع نسبة التضخم بنحو 140% خلال العام الماضي وزيادة كبيرة في الأسعار بلغت 5 أضعاف من إيجار عقارات وسلع استهلاكية، (سعر الصرف الرسمي: نحو 600 جنيه للدولار، ويرتفع إلى 1900 جنيه في السوق السوداء).
وأوضح الخبير الاقتصادي أن الدخل الأدنى المضمون في السودان والمقدر بـ35 ألف جنيه لا يغطي سوى النزر القليل من الاحتياجات، مشيرا إلى أن الأسرة المكونة من 5 أفراد ستحتاج إلى نحو 20 ألف جنيه يوميا لتغطية الاحتياجات الأساسية، دون حديث عن الطوارئ مثل المرض.
وأشار إلى غياب تقديرات دقيقة لخسائر الحرب، وقال إن بعض التقارير العالمية تحدثت عن تكبد السودان خسائر بنحو 100 مليار دولار، والرقم قابل للارتفاع مع استمرار الحرب.
وفي قراءة للمؤشرات الكبرى للاقتصاد السوداني أكد وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم أن الوضع الاقتصادي سيئ، وقال إن إيرادات الدولة تراجعت بأكثر من 80% وانخفضت الصادرات بأكثر من 60%، وترافق ذلك مع ضغط كبير على العملة المحلية بسبب الطلب الكبير على السلع المستوردة لتعويض السلع التي كانت تنتجها المصانع التي توقفت عن العمل،
وأشار الوزير إلى أن تحويلات المغتربين توقفت، كما تأثر إنتاج البترول وتراجع من 55 ألف برميل يوميا قبل الحرب إلى 18 ألفا.
وأخيرا كل التقارير تشير في صياغتها في حال استمرار الحرب إلي التهاوي المحتمل للبلاد، وفقد دفة السيطرة علي ادارة الدولة اقتصاديا وخدميا، وذلك لتزايد عدد النازحين الفارين من الولايات التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع وتوجههم إلي مناطق سيطرة الجيش الأكثر أمانا ، مما شكل عبئا على الخدمات العامة.
تقارير: صحيفة الشرق الأوسط، قناة الجزيرة الإخبارية، اليونسيف، منظمة الصحة العالمية
- حمدين: “حميدتي” يوجه بقتل أعضاء تنسيقيات القبائل بكردفان ودارفور بسبب ……
- أركو مناوي يتهم قوات الدعم السريع بحرق قرى في شمال دارفور
- “النباتية” .. “هان كانغ” تفوز بجائزة نوبل للآداب
- الجيش يعلن العثور على أدلة جديدة تثبت تورط “الامارات” في تمويل الدعم السريع
- السودان يرفض قرار تمديد ولاية البعثة الأممية للتقصي .. وموقف غريب ومُفاجِئ من الإمارات