فتيات في قبضة «الدعم السريع» .. يعملن بالسخرة وحُريتهِن مُقابل فِدَى مَالية
▪️تحت تأثير مخدر قوي وجدت “منية” نفسها داخل عربه نقلتها من دارفور الى منزل في الخرطوم به مجموعة من الفتيات وأفراد من قوات الدعم السريع كانوا يجبروهن تحت التهديد على القيام بمهام منزلية شاقة من نظافة وطبخ وغسل ملابس بجانب الاشراف على عدد من الجنود المصابين.
الخرطوم – سودان تربيون
يعملن بالسخرة وحريتهن مقابل فدى مالية.. فتيات في قبضة «الدعم السريع»
ابلغ أحد المقربين للشابة “سودان تربيون” انهم تلقوا اتصالاً يخطرهم ان ابنتهم وجدت مذبوحة بأحد الاحياء في الفاشر، لكنهم فطنوا الى إنها كذبة لأن الاتصال تم عبر شبكة لا تعمل في الفاشر مطلقاً، مرجحا أن المهاتفة لم تكن سوى تمهيد لطلب فدية لكنهم تجاهلوه كلياً.
وتحت تأثير مخدر قوي وجدت “منية” نفسها داخل عربه نقلتها من دارفور الى منزل في الخرطوم به مجموعة من الفتيات وأفراد من قوات الدعم السريع كانوا يجبروهن تحت التهديد على القيام بمهام منزلية شاقة من نظافة وطبخ وغسل ملابس بجانب الاشراف على عدد من الجنود المصابين.
وقالت عمة الفتاة إنها وجدت في منزل يسيطر عليه افراد من قوات الدعم السريع بضاحية الحلفايا شمال الخرطوم بحري بصحبة مجموعة من البنات يستغلهن عناصر الدعم السريع في الطبخ وممارضة جرحاهم.
ومع تواصل رحلة البحث عن منية تلقى والدها منها اتصالا أفادت خلاله بوجودها في الخرطوم وكانت محتجزة على يد قوات تتبع للدعم السريع ثم نجحت في الهروب بمساعدة أحدهم.
وروت على لسان قريبها كيف أن عناصر الدعم جردوها وزميلاتها من الأموال والحلى وسيطروا حتى على حسابات التطبيقات البنكية ساحبين ما فيها من مبالغ مالية.
أما هبة فخرجت من منزلها في الأيام الأولى لبدء القتال- منتصف أبريل الماضي- للاتصال بوالدتها الموجودة بدولة الامارات دون أن تعود وسط قلق ذويها الذين أمضوا تلك الليلة بحثاً عنها دون طائل، وحسب رواية شقيقها محمد الحسن فإن أحد أصدقائه أبلغه بعدها بأيام أن أخته شوهدت في شندي بولاية نهر النيل مع احدى الفتيات وانه عازم على المغادرة الى هناك للبحث عنها.
وخلال رحلة تقصي طويلة لسبر غور قصص الفتيات المختفيات لمس فريق “سودان تربيون” ترددا وتخوفا كبيرا وسط الأسر التي اختفت بناتها وامتنعت غالبها عن سرد التفاصيل كاملة كما شابت الروايات ارتباكا واضحا بينما لم تظهر عديد منها التعاون والرغبة في شرح كيفية الاختفاء وملابسات العودة.
ورفضت أسرة ليلي سالم التي اختفت مطلع يوليو وعادت بعد نحو أربع أسابيع، الحديث عن لغز غيابها وهو ما يعزز الروايات بأنها كانت محتجزة بيد الدعم السريع وتم اخلاء سبيلها مع اخريات عدن لذويهن وسط تكتم شديد.
ويؤكد مصدر وهو طبيب يعمل بالفاشر في ولاية شمال دارفور أن مفاوضات سرية دارت بين اسر عدد من المخطوفات وقوات الدعم السريع وتم إطلاق سراحهن بعد دفع مبلغ مالي كبير.
وكشف عن عودة 8 فتيات تم اختطافهن واحتجازهن بيد منتسبين لقوات الدعم السريع ووسط تكتم وسرية تامة جرت عملية تسليم وتسلم مقابل دفع اسرهن مبالغ مالية ضخمة تتراوح بين 8- 10 مليار جنيه للبنت الواحدة.
ويتابع “عندما اتصلنا بالرقم ثانية وجدناه مغلقا فدونت الاسرة بلاغا لدى الشرطة ولم تعد الفتاة حتى الان حيث مضى على اختطافها أكثر من عشرة أيام”.
وتقول اسرة في المناقل بولاية الجزيرة إن ابنتها اختطفت في وقت قريب لكنها تحتفظ بتفاصيل لن تكشف عنها خوفا على مصير الفتاة الموجودة حاليا في قبضة عناصر الدعم السريع، ويؤكد أحد أقاربها تلقيهم اتصالا من شخص طالبهم بدفع 40 ألف جنيه مقابل إطلاق سراحها.
وكشفت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل الخميس– حكومية- عن تزايد حالات الاختفاء القسري للنساء والفتيات في نيالا بجنوب دارفور.
وبحسب الوحدة فإن إفادات الناجيات والشهود العيان تؤكد وجود نساء وفتيات محتجزات لدى قوات الدعم السريع في مناطق مختلفة في مخازن وفنادق في نيالا والخرطوم بغرض استغلالهن جنسيًا بواسطة الدعم السريع.
ويقصد ب” الاختفاء القسري “الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده.
وشبهت ما يحدث للنساء في الخرطوم بما واجهته الأزيديات في العراق على يد عناصر تنظيم الدولة الاسلامية “داعش”.
وطالبت الوحدة بتحرك دولي سريع وجاد لإنهاء هذه المأساة ووضع حدٍّ للانتهاكات المريعة لحقوق الإنسان ضد النساء والفتيات في السودان لافتة الى صعوبات كبيرة في الإبلاغ عن الحالات ومخاطر جمة على مقدمي الخدمات في ظل الوضع الامني المريع بالمنطقة.
وفي بيان صحفي غاضب اكدت هيئة محامي دارفور اغتصاب خمس نساء ومن ضمنهن فتيات بمحلية مرشنج بولاية جنوب دارفور والتحرش بأخريات ومقتل امرأة.
وهيئة محامي دارفور هي أول جهة تحدثت عن وجود استرقاق نسائي في أسواق كتال ومليط بشمال دارفور، وقالت في 7 يوليو الماضي إن العرب البدو وعناصر المليشيات المسلحة اختطفوا العديد من الفتيات وبعضهن وصلن الى دمر البدو وأن مفاوضات سرية تجري بين اقارب المختطفات والخاطفين للإفراج عنهن مقابل فدية مالية، غير انها لفتت لعدم حصولها على تأكيدات تثبت علاقة هذه المليشيات بالدعم السريع.
ولم تستبعد الوحدة شبهة “بيع نساء وفتيات” بالنظر الى الوضع العام الذي يشجع تلك الممارسة لكنها قالت إنها لاتزال “مجرّد أقاويل”.
وتعليقا على بيان الهيئة قالت إحسان فقيري عضو لجنة الاطباء المركزية ان اختطاف البنات والرق موجود لكن تأكيده صعب للغاية واشارت لوجود مخاوف تمنع إعطاء المعلومات بينما رفضت الناشطة سعدية عيسى هذا الحديث جملة وتفصيلا مؤكده انها استطلعت اشخاصا بدارفور ونفوا الامر.
وسارعت حكومة شمال دارفور لنفي التسريبات حول وجود أسواق لبيع الفتيات وأفادت في بيان بتاريخ 15 يوليو الماضي ان ما تم تداوله حول (بيع الفتيات) في محليات الفاشر ومليط والمالحة وبعد تقصي دقيق اتضح انه عار من الصحة كما نفت الحكومة اختطاف نساء من الخرطوم ونقلهن الى بعض المدن في دارفور.
وقال عضو المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري عثمان البصري ان عدد النساء والفتيات المختفيات بلغ 36 سيدة، وكشف عن تدوين دعوى جنائية بنيابة ولاية الجزيرة بتاريخ 25 يونيو الماضي تتعلق باختفاء 24 سيدة، عادت منهن ثلاث.
واكد البصيري الابلاغ من جديد عن 15 مفقودة ليصبح العدد الكلي للمفقودات 36 سيدة منهم 34 من ولاية الخرطوم وسيدة واحدة من الفاشر واخرى من الجنينة عاصمة غرب دارفور.
ونشطت مجموعة من المبادرات العامة والنسوية في حصر المفقودات لمساعدتهم واعادتهم الى ذويهم وتلقت منظمات حقوقية وهيئات معلومات تفيد بتأكيد اختطاف 40 من النساء والفتيات بينهن 26 من ولاية الخرطوم و13 من غرب دارفور وفتاة واحدة من مدينة كاس بولاية.
ورصدت المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري لأول مرة احصائية لعدد النساء والفتيات المختفيات منذ اندلاع الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ووثقت “صيحة” في تقرير صدر الثلاثاء الأول من اغسطس 47 حالة لجرائم عنف جنسي نفذها افراد من قوات الدعم السريع بالإضافة الى عشرات الحالات الاخرى وهي قيد التأكيد.
ووحدت شبكة نساء القرن الافريقي”صيحة” الجهود مع مبادرة مفقودات لجمع معلومات أكبر مع المفقودات وابلغت ماب الامين مسؤولة الملف بصيحه سودان تربيون ان عدد المفقودات في تزايد وأن المنظمة شرعت في حصر جديد واكدت انه بموجب الحصر الاولي بلغ عددهن 36 فتاة تتواصل المنظمة مع اسرهن مؤكدة ان معظم المفقودات خرجن ولم يعدن.
وتحدث اخر تقرير نشرته شبكة نساء القرن الأفريقي “صيحة” عن عدم التوصل للحقيقة حول بيع الينات في الاسواق بيد انه أكد ظاهرة اختطاف واغتصاب الينات علي يد قوات الدعم السريع، ويشار الي ان عدد من المنظمات العالمية والمحلية أرسل عينات لتقصي الحديث عن بيع النساء والفتيات السودانيات في الاسواق بدارفور لكنهم لم يحصلوا علي دليل قاطع يثبت صحة المعلومة.
واتهم التقرير قوات الدعم السريع باستخدام الاغتصاب اداة لترويع سكان دارفور على مدى السنوات الماضية والاستمرار في استخدامه خلال الحرب الحالية ضد المدنيين بالخرطوم وبعض المناطق بدارفور.