الأخبار

ما زلت أكره المدرسة !!

جعفر عباس يكتب

66

ما زلت أكره المدرسة !!

جعفر عباس


قام الصبي المكسيكي بالشيء الذي طالما تمنيته عندما كنت مثله في العاشرة، فبعد ان استمتع بإجازة امتدت لثلاثة اسابيع بمناسبة الكريسماس ورأس السنة الجديدة، قرر الصبي أنه ليس في حالة نفسية تسمح له بالعودة الى المدرسة، فأتى بأنبوب غراء – سوبر قلو – وألصق به اليدين والساقين بالسرير المعدني..

وفي الصباح جاءت أمه: هيا لتناول الإفطار والتوجه الى المدرسة. رمى الصبي أمه بنظرة وابتسامة المنتصر ثم اعترف لها بحكاية الغراء، فأتت بمحاليل مختلفة لإذابة الغراء، ولكنها لم تأت بأي نتيجة استعانت بطبيب ولكن جهوده أيضا ضاعت هباء.

فكان لابد من (ويوا ويوا ويوا) وأتى جماعة الدفاع المدني بمناشير الكهرباء وقطعوا السرير تاركين فقط الأجزاء الملتصقة بجسم الصبي، وبعد معاناة أسفرت عن تقشير جزء من جلده تم فك الارتباط بينه والسرير ولكنه كان قد انتصر، فقد كان اليوم الدراسي قد انتهى! وباكر يفرجها صاحب الفرج.


شخصيا كنت أكره المدرسة في المرحلة الابتدائية حيث قضيت أتعس لحظات حياتي لم يكن في المدرسة شيء يشرح النفس: شتائم وضرب وواجبات وجدول الضرب وحفظ و”تسميع” وكانوا يعاقبوننا إذا كانت ملابسنا متسخة! وكان لكل واحد منا جلباب واحد للمدرسة والماء الذي نغسل به ثيابنا وأجسامنا نأخذه من النيل مباشرة..

يعني كل ملابس من حولك بنية اللون رغم أنها أصلا كانت بيضاء، لأن ماء النيل بني، وكلما سمعت زميل دراسة يقول: يا حليل ايام المدرسة اصيح فيه اسكت يا منافق! ولما رسبت في المحاولة الأولى لدخول المدرسة الوسطى رقصت طربا: بلا وانجلى حمد الله الف على السلامة، ولكن عمي محمد عثمان موسوليني جلدني كما الإبل الشاردة وجعلني “أعيد السنة و”حدس ما حدس”

كرهت حياتي المدرسية من المرحلة الابتدائية الى بداية الثانوية.. وبعكس ذلك كنت سعيدا للغاية بالحياة الجامعية، والسبب في ذلك أنه لم يكن هناك ضرب ولا جلد في الجامعة

ولم يكن الأساتذة ينسبوننا الى الحيوانات كما كان يحدث في المدرسة: يا حمار يا ثور الله في برسيمه ولو كنت ممتلئ الجسم: يا بغل يا بقرة، وقد لازم لقب حلوف (خنزير) أحد زملاء الدراسة الى يومنا هذا وزميل آخر لا يزال زملاء الدراسة ينادونه بال”خروف” من وراء ظهر عياله فلا يغضب

في المدرسة المتوسطة اخترعنا “البردعة” وهي عبارة عن كيس مخدة نجعل منه أربع طبقات ثم نلفه حول أردافنا ليمتص الضربات التي كانت تنهال على مؤخراتنا.


أس الداء هو ان مدارسنا مهتمة بالتعليم وليس ب”التربية” المهم هو حشو الرؤوس بأصول القراءة والكتابة والحساب ليس هناك اهتمام بالكيف والمعلم مطالب بإكمال تدريس كل جزء من المقرر في إطار زمني معين، وتحاسبه الوزارة بالطريقة التجارية: كم واحد نجح وكم رسب وعليه ان يسجل طريقة التدريس في دفتر التحضير – وهو من أسخف ابتكارات النظام التعليمي ولم يعد معمولا به إلا في العالم العربي

وكنت خلال فترة عملي بالتدريس لا أتذكر أمر دفتر التحضير إلا عندما أعلم بقدوم مفتش/ موجه، وفي غضون ساعتين أكون قد حضرت دروس 4 أشهر مضت!! كنت أتعامل مع مهنتي كمعلم بجدية، ولكنني كنت مقتنعا بأن دفاتر التحضير وطوابير الصباح كلها “حركات” بلا معنى يحافظ عليها ديناصورات بقاؤهم في مناصبهم رهن ببقائها.

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد