مصطفي علي مصطفي يكتب: الفقر نعمة

مصطفي علي مصطفي (درش)
الفقر احيانا نعمة عندما وطأت قدماي المدخل الخارجي لميناء سواكن، حانت مني التفاتة لمرافقي في رحلة الهروب من حرب بلادنا السودان حرب قضت علي كل شيء جميل او شبه جميل في بلدنا, بدأ على صديقي تبرم وضيق وهو يبحث عن قارورة ماء صحة يروي بها عطشه وعطشي, أحاول بقدر الامكان اخفف على صديقي الذي قضى جزء كبير من حياته يجوب بلاد العالم موانيء ومطارات, ولكن هي الحرب التي جعلته يكابد المشاق للخروج بهذه الطريقة الدراماتيكية في رحلة كانت محفوفة بالمخاطر
قلت لصديقي شكرا لهذا الميناء المتواضع الذي سينقلنا الى بر النجاة الى العالم الاخر, فأركب يا صديقي على سلالم الباخرة العتيقة هذه, نعم انه متواضع كتواضع كثير من انجازات فترة ثلاثين عاما لايوجد فيها صرح نستطيع ان نتباهى به امام العالم, قضيناها هتافات وشعارات وهاهي تعود علينا مرة اخرى لكن هذه المرة تصحبها قتل وتشريد وتهجير وتدمير لما تبقى من الوطن الجريح .. نحن قوم فقراء ونحمد الله اننا فقراء
فهاهي الحرب قد قضت على منجزاتنا المتواضعة وقد خرب الجنجويد كل شيء في بلادي, مع بساطته لم يتركوا اي شيء .
نحمد الله يا صديقي اننا لم نكن نملك ناطحات سحاب في قلب الخرطوم كبقية العواصم, والا كان تناطحت فيها سحب الدخان, وفقرنا منعنا من تملك مفاعلات نووية والا لاحترقت الخرطوم بسكانها, ونحمد الله على كذبة البشير الذي قال لاهل بورسودان سنوصل لكم مياه النيل وإلا كان انبوب المياه قد اغرق كل سكان القرى المجاورة له .
ألم ترى يا عزيزي المطار المتواضع وقد احترقت فيه كل شيء حتى طائرات الاصدقاء لم تسلم، فكيف كان سيكون الحال لو كان مطارنا كمطار حمد الدولي . بل قل لي كيف سيكون الحال لو نفذت الشركة الالمانية مشروع الكهرباء الذي بشر به رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك ..
لو تم تنفيذ تلك المشاريع الضخمة وبقروض من صناديق التمويل العالمية كيف سيكون الحال مع هؤلاء الاوباش ألم اقل لك ياصديقي ان الفقر احيانا نعمة ؟
