الأخبار

مصطفي علي مصطفي يكتب: مزاج ســـوداني

82

مصطفى علي مصطفى درش


هبط فجأة من ظهر لوري سفر قادم من شرق السودان كما يهبط الكثيرون في بلدتنا المتواضعة الرابضة على منحنى النيل, لم يسأله احد عن اسمه او قبيلته او الهدف الذي جاء من اجله, كل ما يعرفه الناس عنه انه من شرق السودان من لهجته وملابسه وقصر قامته, لم يكن يحمل مؤهلا للعمل فذهب يقدم خدماته في احدى مزارع الخضروات الموسمية واصبح بعد فترة يطلق الاهالي عليه لقب طوكراوي، ذات يوم ربيعي نزلت اتفرج على البحر وجدته يعمل بهمة ونشاط في نظافة الجرف تحضيرا لموسم الدميرة.

سألته يا طوكراوي لماذا اتيت في بلدنا لتعمل عامل زراعة باليومية وانت تملك أرض زراعية في منطقتكم طوكر, سكت طويلا ثم قال لي وهو يضع سبابته على خده اليمين (مزاج). اجابة طوكراوي الذي ترك ارضه ويعمل بالاجرة تلخصها في عبارة واحدة (مزاج) تجدها عند كل سوداني يعمل الان في بلده وخارج بلده ..

أحيانا تسأل مغترب يعمل بوظيفة متواضعة عن هدفه من الغربة يقول لك مزاج, حتى حملة السلاح من الجنجويد لو سألتهم لماذا تقتلون الناس في الشوارع وتنهبون وتسرقون يقول لك (مزاج).

قبل عدة سنوات استأجرنا ارض زراعية في منطقة شرق الضعين وصاحب الارض كان يعمل لدينا مشرف, كان يغيب عدة ايام ثم لما يأتي نسأله عن سبب التأخير فكان رده (مزاج بس). فنخصم منه ايام الغياب ولا يبالي,

عادة يتغيب الموظفون عن العمل وبكل بساطة يقول لك (ماعندي مزاج للشغل) وكأن الوظيفه أتته بالوراثة هذ هو المزاج الذي يتحكم في اداء الشخصية السودانية .

نتمنى ان يأتي يوما ويترك السياسيون الفاشلون في بلادي السياسة ويبرروا لنا سبب تركهم العمل السياسي (مزاج فقط) ولا نتمنى ان يكون مزاج فقط هو الذي يتحكم في جنود قواتنا المسلحة. فتأتيهم هذه اللوثة السودانية ويضعون السلاح جانبا ويخاطبوننا قائلين (مزاج فقط) بل نريدها ان تكون بين جميع الأطراف المتحاربة أرضا سلاح و(بمزاج) فقط.

أكتب تعليقـكـ هنــا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد