سوأة جديدة .. للاخوان المسلمين!!

د.عمر القراى

كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِين)
صدق الله العظيم

بعد أن ثار الشعب السوداني، ثورة شهد لها العالم، وأسقط حكومة الإخوان المسلمين، سقوطاً مدوياً، هربوا الى تركيا، وبدأوا يبثون سمومهم، من قناة الشيخ عبد الحي، الهارب بأموال الدولة، على حد زعم المخلوع عمر البشير في محاكمته .. وقبل سقوط حكومتهم، قام مرشدهم د.الترابي بفضحهم، من خلال مقابلته على تلفزيون الجزيرة، مع أحمد منصور.

وذكر أنهم سرقوا المال العام، وقتلوا اخوانهم الذين كلفوهم بإغتيال الرئيس حسني مبارك، بعد أن فشل المخطط، حتى لا يوشون بهم!!

فكانت أول شهادة لشيخ جماعة دينية، بأن اتباعه، الذين يحكمون باسم الدين، قتلة ولصوص!! وكانوا قد طردوا مرشدهم وزعيمهم الترابي، ووصفوه بالنفاق.. وكان البشير يود قتله، فيما روى الأخ المسلم الجميعابي، في لقاء بالصوت والصورة، أن البشير قال له أنه يريد أن يقتل الترابي تقرباً لله !! ماهذه الأفاعي ؟ ومن أين جاءوا ؟ وكيف إدعوا أنهم مسلمين وسودانيين، بعد أن خاضوا في دماء الأبرياء والعزل، وعذبوا الشرفاء في المعتقلات، وعينوا ضباط أمن، مهمتهم اغتصاب المعتقلين، كما اقر أحدهم في محاكمة الشهيد أحمد الخير!!

ليس في الإخوان المسلمين خير، وليس منهم رجل رشيد!! ولو كان فيهم لنصحهم، بأن يكفوا عن تكرار نفس السياسة، التي كانوا يمارسونها، منذ أن كنا طلاباً في الجامعة، في سبعينات القرن الماضي. تلك السياسة التي تقوم على المخادعة، والموادعة، للطلاب المتدينيين، والمستقلين، والطلاب من بيوت التصوف- رغم أنهم يكفرون الصوفية، ويسخرون من كراماتهم، كما يفعل الوهابية تماماً- يقربون هؤلاء، ثم يحاولون ارهاب الطلاب، الذين لا يجوز عليهم خداعهم، ولا يطمعون في ان يستجيبوا لهم، فيهاجمون بالعصي والسيخ اركان نقاش الجمهوريين، وندوات الجبهة الديمقراطية، والبعثيين!!

فبعد أن تشدقوا بأن قوى الحرية والتغيير، اقصتهم من المشهد السياسي، وقالوا بأن هذا العمل يناقض الحرية والديمقراطية، وكأنهم هم دعاة الديمقراطية، جمعوا نفس العصي القديمة، وهاجموا ندوة دار المحامين السودانيين، التي كانت تناقش قضية دستور السودان !! هؤلاء المعتدون على حق الآخرين في التعبير، يقودهم ناجي مصطفى، الذي يدعي أنه خبير قانوني، ومدرب تنمية بشرية، واعلامي!!

فما داموا لا يقدرون على مواجهة مليونيات الشباب، وماداموا قد استطاعوا أن يجمعوا بعض الطرق الصوفية، والادارات الأهلية، وفلول المؤتمر الوطني، ومرتزقة حكومة الانقاذ، فيما سمي مبادرة أهل السودان، فلماذا لا يوقفوا المجموعات الأخرى، التي قاطعت مبادرتهم، التي اختفوا فيها خلف عباءة الشيخ الطيب الجد، بالعنف والإرهاب ؟! وحين تم الاعتداء بالعصي المتشابهة، في الحجم والطول، وكأنها موزعة لهم من شرطة مكافحة الشغب، على المثقفين الذي لا يحملون إلا اقلامهم واوراقهم،

لماذا لم تتدخل شرطة البرهان، وجهاز أمنه، لحماية هؤلاء المواطنين ؟ بل لماذا لم تتدخل لحماية ممثلي الأمم المتحدة، والدول الأوروبية، والعربية ؟! أم أن الاخوان المسلمين، وفلولهم في اجهزة الدولة، لا يعتبرون غيرهم وغير الموالين لهم مواطنين سودانيين ؟ وليس لجماعة الاخوان المسلمين مثقال ذرة من قيم الشعب السوداني، في إكرام الضيف، وحفظ سلامته مهما اختلفنا معه!!

لقد كانوا يلوحون بالعصي ويهتفون ضد “فولكر” فذكروا الناس هتافهم الشهير (أمريكا روسيا قد دنا عذابها علي إن لاقيتها ضرابها) والذي انبطحوا بعده، وهرعوا يسلمون ملفات اخوانهم الارهابيين، للمخابرات الأمريكية!! كيف تدعي جماعة شيطانية مثل هذه أنها تقدم مبادرة لتوحيد أهل السودان ؟!

لقد طار في الاسافير بيان منسوب للمؤتمر الوطني جاء فيه (إن عدم حضور سفراء الترويكا والامارات والسعودية لمبادرة الشيخ الطيب الجد وقبولهم اليوم لدعوة دستور قحت المزعوم يدل ذلك على عدم حياديتهم وانحيازهم لفئة دون الأخرى. ولكن على الجميع أن يعرف إن حزب المؤتمر الوطني طرف أصيل في وضع أي دستور للسودان وإننا لن نسمح بتمرير أي أجندة خارجية لإعادة قحت للمشهد من جديد)(وسائل التواصل الاجتماعي).

فإن صح أن المؤتمر الوطني كتب هذا البيان، فإنه يدل على أنه كان وراء مبادرة الشيخ الطيب الجد.. ولهذا غضب من الذين قاطعوها، لدرجة توجيه كوادره بالاعتداء عليهم بالعصي والهراوات!! ولقد ذكر الصحفي بقال وهو أخ مسلم معروف، في شريط فيديو، أن المؤتمر الوطني هو الذي قام بالمبادرة، وأن شلليات فيه، ابعدت آخرين منهم بقال من المبادرة، وهاجم اخوانه هجوماً شديداً (وسائل التواصل الاجتماعي). وإذا أنكر المؤتمر الوطني هذا البيان، وصح أنه لم يخرجه، يكون من أخرجه قد قرأ بالفعل نفسية المؤتمر الوطني، وغضبه على مقاطعة مبادرته، رغم أنه اخفاها تحت قبة الصوفية !!

أما خلل البيان بغض النظر عمن أخرجه، فهو محاولة مساواة المؤتمر الوطني بينه وبين قوى الحرية والتغيير!! فمهما يقال عن اخطاء (ق.ح.ت)، فإنها لا تمثل نظام حكم ثار ضده الشعب وأسقطه، ولا هي مسؤولة عن قتل مائة وخمسين ألف مواطن سوداني في دارفور. ولم يحدث ل( ق.ح.ت) أن أنشأت بيوت الاشباح لتعذيب السودانيين، ولا هي متهمة بسرقة المال العام، واستغلال فقه التحلل للتهرب من عقوبته. ويكفي المؤتمر الوطني أنه الآن يؤيد انقلاب البرهان، ولا يعترض على قتل الثوار في كل مسيرة سلمية منذ الانقلاب حتى اليوم !!

ألايكفي أعضاء المؤتمر الوطني أنه لم يطاردوا، ويسجنوا بسبب مشاركتهم بكتائب الظل، في مجزرة القيادة العامة، فيريد أن يكون طرفاً من قوى ثورة التغيير ويؤخذ برأيه في الدستور، بعد أن حكم ثلاثين عاماً بلا دستور، أو قانون، وإنما بالبطش والارهاب !!
الشيخ العبيد ودبدر، رضي الله عنه، من كبار أولياء السودان وحكمائه.

وهو معروف ومحبوب من الشعب السوداني جميعه، ولقد قال فيه مادحه (سيدي العبيد ود ريّا المابيقوم فوق نيّة)!! وإنما جاء احترام حفيده، وشيخ سجادته، الشيخ الطيب الجد، من إحترام هذا الإرث الصوفي القديم.

ولقد استمعت لخطاب الشيخ الطيب، في اجتماع مبادرة أهل السودان، المنقول من قاعة الصداقة. ولم يذكر الشيخ من الذي تسبب في الوضع الذي فيه البلاد اليوم!! فإذا كانت المبادرة عاجزة، عن أن تخطئ البرهان، وهو يزهق ارواح الشباب المسالم كل صباح، فإنها تحيد عن الحق، وما بعد الحق إلا الضلال. لقد كان الشيخ العبيد يصالح بين القبائل المتحاربة، لكنه لا يعقد الصلح، قبل تحديد المخطئ، وجمع الديّات لأهل الضحايا، حتى يرضوا ويعفوا..

ولكن الشيخ الطيب لم يذكر أسر الشهداء، ولم يطالب لهم بالقصاص أو الصلح والديّات، كما كان يفعل جده من قبل. أكثر من ذلك!! قبل أن يكون معه في مبادرته، القتلة أنفسهم، الذين كانوا في المؤتمر الوطني حتى زواله، ورضوا بكل ما ارتكبه من جرائم!! أمثال عبد الرحمن الصادق، مساعد البشير المخلوع، ومبارك الفاضل الذي انشق من حزب الأمة، ولحق بالانقاذ. وأحمد سعد عمر الذي دخل الانقاذ ممثلاً للاتحاديين، فصار ملكياً أكثر من الملك. وصديق ودعة، الذي كان في الانقاذ، وتدخلت حكومتها لتنقذه من جرائم مالية، ارتكبها في الامارات.

ومحمد الجزولي الداعشي المهووس. وناجي مصطفى عضو المؤتمر الوطني، الذي قاد الاعتداء على نقابة المحامين. والشيخ عادل علي محمد البشير، صاحب اللبس المزركش، الذي يدعي أنه يتحرى الروحانية، ويمثل الطريقة القادرية، وبطاقة عضويته للمؤتمر الوطني تجوب الاسافير، مما دعى الطريقة أن تصدر بياناً تقول انه لا يمثل إلا نفسه !! هل هذه صحبة يتشرف بها الشيخ الطيب الجد؟! ثم إن المبادرة لم تطرح سوى أجندة الاخوان المسلمين، وهي عدم اقصاء المؤتمر الوطني، واقامة حكومة كفاءات تحت سيطرة الجيش وقوات الدعم السريع ، مهمتها هي التحضير لانتخابات سريعة، تهدف الى سيطرة الاخوان المسلمين مرة أخرى من الشباك، على الشعب الذي طردهم بالباب.

إن أي حديث عن الانتخابات قبل احلال السلام، وارجاع النازحين واللاجئين، وايقاف النزاعات القبلية، واصلاح الوضع الاقتصادي، حتى يتوفر الحد الادنى من العيش الكريم لكل مواطن، واختيار لجنة انتخابات، من عناصر لم تتلوث بنظام الانقاذ، ووضع قانون جديد للانتخابات، واقامة تعداد سكاني شفاف ونزيه، إنما يرمي الى “كلفتة ” لا يستفيد منها إلا الاخوان المسلمين، الذين ارجع اليهم البرهان الاموال التي نهبوها- وارجعتها منهم لجنة تفكيك النظام- لينافسوا بها احزاب فقيرة، ومقسمة، بواسطة الانقاذ لمدة ثلاثين سنة، في انتخابات لا تشمل كل المناطق. إن على الحكومة الانتقالية أن تحقق كل هذه المطلوبات الاساسية لقيام انتخابات، قبل الشروع في انتخابات، تكون نتيجتها معروفة سلفاً!!

قد يكون الاخوان المسلمين قد نجحوا، في تضليل الشيخ الطيب الجد، وزينو له سوء عملهم، فرآه حسناً. وربما دخلوا له عن طريق مصلحة العباد والبلاد فأراد ألا يخذل الناس.. ولكن الأوان لم يفت، ويمكنه أن ينفض يده منهم، وينحاز الى أبنائه الثوار.. ويوضح للشعب أن غرضه كان اصلاح ذات البين، وإنه يدين مافعله ناجي مصطفى، عضو المبادرة، الذي ساق مجموعة من الاخوان، واعتدى على حق الآخرين في التعبير عن رأيهم، مما يخالف توجه المبادرة، التي ترفض العنف والاعتداء.

هذا الموقف المنحاز للحق، هو الذي يشبه الشيخ العبيد ودبدر، ويشبه ما كان عليه شيوخ الصوفية، الذين لم يهادنوا باطل الإنقاذ، أمثال الشيخ ازرق طيبة، والشيخ الياقوت. أما شيوخ الطرق المطبلين لكل حكومة، والحانين لرؤوسهم أمام كل دكتاتور، سفاح، قاتل للابرياء، فقد نصحهم الشيخ فرح ودتكتوك حين قال:

يا واقفاً عند ابواب السلاطين
أرفق بنفسك من هم وتحزين
إن كنت تطلب عزاً لا فناء له
فلا تقف عند أبواب السلاطين

10 أغسطس 2022م

القراى البرهان الثورةعلى مسئولية كاتبه من الاسافير
  • مقالات
Comments (0)
Add Comment