فساد المعادن : هل سيحتاج القطاع إلى تفكيك وإزالة تمكين ؟!

متابعات | الجريدة

فساد المعادن (3)

” الجريدة “ هذا الصباح : بعد العبث والمحسوبية التي مارسها أبو نمو وأردول. هل سيحتاج القطاع إلى تفكيك وإزالة تمكين؟

  • (أردول).. يعيّن عدداً كبيراً من أقربائه وأبناء أسرته في مناصب مدراء إدارات
  • يشغل جبريل إبراهيم وزير المالية، منصب رئيس مجلس الإدارة في شركة (سودامين) التابعة للمعادن..
  • أربعة من قيادات إدارة شركة (سودامين)، من أسرة واحدة.
  • مدير عام شركة (سودامين)، من مؤسسي مبادرة رجال حول البشير
  • محضر يكشف عن حضور (6) من أسرة واحدة من بين (8) في اجتماع المساهمين لشركة (سودامين).

تحقيق: عبدالرحمن العاجب

الخروج عن مبدأ النزاهة يعني الفساد، ويعتبر الفساد ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة، وله الكثير من الأنواع، منها المالي والإداري والسياسي والأخلاقي.. وسيظل العبث والمحسوبية التي مارسها أبو نمو وأردول في قطاع المعادن يندرج تحت مسمى الفساد إلى أن يثبت قانون الخدمة المدنية القومية وديوان المراجع العام العكس.

وزارة أبو نمو وأقربائه:

كشفت مصادر واسعة الإطلاع عن حقيقة مفادها ان وزير المعادن محمد بشير أبو نمو قام في الفترة الماضية بتعيين العشرات من أقربائه وأسرته في وزارة المعادن والشركات والمؤسسات التابعة لها، وأكدت المصادر ان التعيينات ازدادت بوتيرة متسارعة بعد انقلاب 25 أكتوبر وبلغت بحسب بعض الإحصائيات أكثر من (100) موظف في مؤسسات الوزارة المختلفة، بينهم أكثر من (20) مدير إدارة.

السيطرة على (سودامين):

ومن بين الشركات التابعة لوزارة المعادن، شركة (سودامين) المحدودة، وتعمل هذه الشركة في مجال خدمات التعدين واستيراد المواد الكيميائية التي تستخدم في معالجة الخامات، بجانب مواد ومعدات إنتاج الذهب الأخرى، وبحسب إفادات المصادر فان أكبر عمليات الفساد والتمكين القبلي والاسري تمت في شركة (سودامين) والتي يشغل فيها الدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي منصب رئيس مجلس الإدارة.

فيما يشغل أحمد هارون التوم مدير المكتب التنفيذي لوزير المعادن عضو مجلس إدارة بشركة (سودامين)، ويشغل الدكتور سليمان أحمد حامد الشهير بلقب (كنج) منصب المدير العام لشركة (سودامين)، وعضو مجلس إدارة الشركة، وهو من قيادات النظام البائد المشهورين بولاية جنوب دارفور بجانب إنه من كوادر الأمن الشعبي، ويشغل وزير المعادن محمد بشير ابو نمو عضو مجلس إدارة في شركة (سودامين)، وينحدر الأربعة المذكورين أعلاه من قبيلة واحدة وربما من أسرة واحدة.

استمرار التمكين القبلي:

مضى وزير المعادن في تمكينه القبلي والأسري وقام بتعيين عدد كبير من أقربائه وأبناء اسرته مدراء إدارات بشركة (سودامين) وجاء بمدير إدارة التدريب ومدير الشؤون المالية والإدارية من أسرته، وعين مهدي حسين، وهو من أسرة وزير المالية جبريل إبراهيم، مديرا لإدارة المشروعات بالشركة، فيما عين عبدالجبار قادرية مديرا للإدارة التجارية بالشركة، فيما وجد تعيين صالح منصور مطر مديرا لإدارة الإعلام والعلاقات العامة بالشركة انتقادات واسعة لجهة أن الرجل لا يمتلك شهادات أكاديمية تؤهله لهذا المنصب، وبحسب مقربين منه أنه لا يملك حتى الشهادة السودانية، ولكنه تربطه صلة قرابة بمناوي، ووجد تعيينه احتجاجا من قبل مدير إدارة الموارد البشرية بالشركة.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تم تعيين كل من فاطمة عجب الدور موظفة بالمكتب التنفيذي، ورضوان موظف بقسم الاستشكاف وآدم موظف بقسم الاستكشاف، وزهراء موظفة بقسم المشروعات، وحتى الآن لم نتأكد من حقيقة تعيين التومة زوجة المدير العام في إدارة المخازن بالشركة، ويذكر أن جميع هؤلاء الموظفين الذين تم ذكرهم ينحدرون من قبيلة واحدة وربما أسرة واحدة.

تحالف الحركات والكيزان:

في خطوة وصفها البعض بأنها تحالف بين الحركات والكيزان، تم تعيين عدد من الكيزان وعناصر الأمن الشعبي في شركات ومؤسسات وزارة المعادن ومن بين هؤلاء أحمد هارون التوم مدير المكتب التنفيذي لوزير المعادن، وسليمان أحمد حامد مدير شركة (سودامين) والذي تم تعيينه في مارس ٢٠٢١ بطريقة مخالفة للقانون تم فيها تجاوز سلطات مجلس الوزراء، والوثيقة الدستورية التي نصت على عدم تعيين عناصر النظام البائد في وظائف قيادية بالدولة.

وفي السياق كشف مصدر واسع الاطلاع ملابسات تعيين سليمان أحمد حامد في وظيفة مدير عام شركة (سودامين)، وأفاد المصدر بأن أحمد هارون التوم مدير المكتب التنفيذي لوزير المعادن هو زميل دراسة وصديق شخصي لسليمان وهو من قام بكتابة توصية تعيينه،

وتفيد المصادر أن سليمان درس في جامعة جوبا كلية الموارد الطبيعية وابتعثه حزب المؤتمر الوطني لدراسة الدكتوراة في الصين، وبعد عودته عمل في وزارة المالية بجنوب دارفور، ثم جامعة نيالا التقنية بتوصية من نائب رئيس الجمهورية السابق حسبو محمد عبدالرحمن، ويعتبر سليمان من المقربين لحسبو، كما أنه من مؤسسي مبادرة رجال حول البشير التي كانت تسعى وتعمل على ترشيح البشير في انتخابات 2020

وبحسب المصادر فإن سليمان يعتبر من أبرز الكيزان الذين يعملون في الملفات السرية للحركة الإسلامية في التعليم التقني، كما أنه كان من عناصر الأمن الشعبي المعروفين بمدينة نيالا، وعضو في المجلس التشريعي لولاية الخرطوم إبان فترة النظام المباد.

شركة الأسرة الواحدة:

وكشف محضر اجتماع المساهمين بشركة سودامين المحدودة عن حضور (6) من أسرة واحدة من بين (8) لاجتماع المساهمين، وغاب عن الاجتماع ممثل بنك السودان المركزي، وحضر إجتماع المساهمين كل من (محمد بشير ابو نمو وزير المعادن، وجبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، وأحمد هارون التوم المدير التنفيذي الوزاري لوزارة المعادن، وسليمان أحمد حامد المدير العام لشركة سودامين، والطاهر عبدالرحمن فضل مدير مكتب وزير المالية، وعثمان عرجة ازيرق مدير مكتب وزير المعادن، ووليد الطيب وأدم حمدان ممثلين لشركة الجنيد) وناقش الإجتماع تكوين مجلس إدارة شركة سودامين والموقف الحالي للشركة وموقف الأصول الثابتة والمتحركة بالرئاسة والمشاريع.

مجلس إدارة سودامين:

ويتكون مجلس إدارة شركة سودامين من (9) أعضاء تم توزيعهم كالآتي: (وزارة المعادن (2) ممثل هما وزير المعادن محمد بشير ابو نمو ومدير مكتبه التنفيذي أحمد هرون التوم، وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي (3) ممثلين منهم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم ويشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة سودامين ومعه وكيل وزارة المالية وشخص أخر تختاره الوزارة، وشركة سودامين المحدودة (1) ممثل وهو مديرها العام سليمان أحمد حامد، وشركة الجنيد لها (2) ممثل بالإضافة إلى ممثل بنك السودان المركزي) وبالنظر إلى تشكيل مجلس إدارة شركة سودامين المحدودة فإننا نجد هناك ( 4) أعضاء في مجلس الإدارة من مجموعة اجتماعية واحدة وربما من أسرة واحدة.

حكاية تأسيس سودامين:

وتأسست شركة سودامين المحدودة عام ٢٠١٢م وكانت وزارة المالية تمتلك ٩٩٪ من الأسهم بينما يمتلك بنك السودان المركزي ١٪ من الأسهم، وبدأت شركة سودامين نشاطها التعديني في نفس عام التأسيس وهو عام ٢٠١٢م ولكنها ظلت متعثرة في اداء مهامها، وتمثلت أهم عوامل التعثر في العقبات الإدارية وشح الموارد المالية (رأس المال) والترهل الوظيفي، وضعف الكوادر تدريبا وتأهيلا، وتقدر موجودات وأصول شركة سودامين بحوالي ٤٠ مليون دولار كما تمتلك الشركة مصانع للمخالفات وعدد كبير من المعدات والطواحين والمصانع، وكان الهدف من إنشاء الشركة المساهمة الفاعله في ترقية وتقوية قطاع التعدين وتقديم الخدمات التعدينية، والعمل على تنمية وتطوير قطاع المعادن.

أهداف قيام الشركة:

الهدف الأساسي من إنشاء الشركة هو الأرتقاء بقطاع التعدين في السودان من خلال تقديم الخدمات التعدينية التي يعجز القطاع الخاص عن تقديمها، والقيام بكل عمليات الاستكشاف عن المعادن وتطوير الحقول والتنقيب عن كافة أنوع المعادن وإنتاجها في الأرض أو أعماق البحار، والعمل في مجال معالجة مخلفات التعدين وإعادة ردمها ومعالجة آثار التعدين التقليدي بعد الحصول على موافقة الجهات المختصة، وتقوم الشركة بتطوير تسويق المعادن داخلياً و خارجياً بعد الحصول على موافقة الجهات المختصة، وإنشاء المعامل لفحص العينات وضبط الجودة لتسهيل تحليل عينات المعادن محلياً.

وتعمل الشركة في مجال استيراد وصناعة كل المعدات المستخدمة في الاستكشاف والتنقيب عن المعادن وإنتاجها وصناعتها، والعمل في مجال خدمات التعدين من حيث الحفر والإستخلاص والترحيل والإستثمار في توفير كافة المعدات المتعلقة بها، والسيطرة والرقابة على المواد الكيميائية المستخدمة في معالجة المخلفات لما لها من تأثير بيئي، والعمل في مجال مخلفات التعدين للاستفادة من المهدر منها في عمليات التعدين، ويؤكد الواقع الماثل أن شركة سودامين فشلت في تحقيق رسالتها وكل أهدافها المعلنة في عقد التأسيس.

دخول الجنيد في سودامين:

وكانت وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي السابقة هبة محمد علي أصدرت قرار بتشكيل لجنة لتقييم شركة سودامين وقررت هذه اللجنة التي كان مبارك أردول المدير الفني للشركة السودانية للموارد المعدنية عضو فاعل ومؤثر فيها، قررت دخول شركة الجنيد كمساهم بشركة سودامين بأسهم مقدارها ٣٤٪ من إجمالي أسهم الشركة بقيمة ٢٥ مليون دولار، وبعد قرار اللجنة تم إعادة توزيع أسهم شركة سودامين لتكون على النحو التالي: (وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي ٥٠٪ من الأسهم، وشركة الجنيد المحدودة ٣٤٪ من الأسهم، ووزارة المعادن ١٥٪ من الأسهم، وبنك السودان المركزي ١٪ من الأسهم.

نهب معدات وآليات الشركة:

وفي سياق متصل بالفساد داخل الشركة كشفت مصادر واسعة الاطلاع عن سرقة ونهب عدد كبير من الآليات والمعدات التابعة لشركة سودامين، وأكدت المصادر أن اكبر عمليات السرقة والنهب تمت بمقر رئاسة الشركة بمدينة أبو حمد، فيما تعرضت مصانع الشركة والآليات والمعدات والطواحين التي تمتلكها لعمليات سرقة ونهب مستمرة، وبحسب المصادر فإن هناك عدد كبير من معدات وآليات وأصول الشركة تم الاستيلاء عليها بطرق غير قانونية، فيما تم بيع وتخصيص أكثر من (100 ) طاحونة وسيظل السؤال عالق ويبحث عن إجابة أين ذهبت هذه الطواحين وهل تم تخصيصها لأشخاص ام تم بيعها؟

وفي سياق متصل بالأمر أوضح سليمان أحمد حامد المدير العام لشركة سودامين في وقت سابق انه استطاع استرداد (لودر وحفار وقلاب) كانت مستاجرة لشركة الساحة للاعمال المتقدمة والتي سلمت هذه الاليات بدون عقود وبدون مقابل ليتم استرداد هذه الاليات وارجاعها لمقر الشركة عدا القلاب الذي تأخر وصوله لاسباب فنية، وأكد سليمان وقتها انه وعقب الفراغ من استرداد اليات شركة سودامين من شركة الساحة انه سيتجه الى مقر شركة ارياب بولاية البحر الاحمر للوقوف على اكثر من (10) اليات تعمل في ارياب من خلال الشراكة بين الجانبين ، مشيرا الى ان هذه الاليات متوقفة بسبب سوء الادارة نتيجة لٱعطال ميكانيكية.

محاولات فاشلة:

وأكدت شركة سودامين المحدودة في وقت سابق بأنها ستقوم باعادة تأهيل مصعني المخلفات التي تمتلكهم بولاية نهر النيل بمنطقة أبوحمد بطاقة (300) طن في اليوم من الخام للمصنع الأول و(200) طن في اليوم من الخام للمصنع الثاني، وتعتبر مصانع الشركة من المصانع ذات التقنية الحديثة والصديقة للبيئة، ولكن بحسب الواقع فإن كل محاولات إعادة تأهيل مصانع المخلفات التابعة للشركة فشلت لأسباب عديدة.

شراكات مشبوهة:

وبالنظر إلى عقد تأسيس شركة سودامين فاننا نجده نص في بند الصلاحيات على أنه للشركة الحق في أن تقوم بالتعاقد مع غيرها من الشركات والمؤسسات والحكومات لتنفيذ أغراضها.

وقامت الشركة باستغلال هذا النص ووقعت عقود مع عدد من الشركات سنكشف عنها في الحلقات القادمة للعمل في مجال استيراد وصناعة كل المعدات المستخدمة في الاستكشاف والتنقيب عن المعادن وإنتاجها وصناعتها، فضلاً عن توفير الكيماويات ومدخلات إنتاج التعدين، وشراء حجر المعدنين الأهليين لتشغيل المصانع.

نقلا عن الجريدة

عبد الرحمن العاجب صحيفة الجريدة فساد المعادن اردول أبو نمو جبريل إبراهيم الشركة السودانية للموارد المعدنية
  • أجراس الصمت
  • خاص
Comments (0)
Add Comment