حرب الزِّيف .. شَاهِد سُقُوط

بقلم: علي ابوسالمة

حرب الزيف شاهد سقوط

تابها مملحة تكوسها قروض” !!


بحثت عن البداية ولكن ما وجدت كلمة قط ابدأ بها غير كلمة المنتفعة او مجموعة الحرب.. والله ما رأيت اكذب منهم قط (سواقي الخلا) !!

سقوط مدني:

قبيل سقوط مدينة ود مدني بأسبوع كنا نسمع الكثير من الاخبار والاشاعات حول استعداد ودمدني العسكري المهول من الجيش والمستنفرين لمواجهة قوات الدعم السريع المتمردة، بقوات كما قال أحد الرواة المنتفعة (أولها مدني واخرها إمداد عسكري بالالاف من الفاو ومن سنار ومن القضارف ومن الدمازين ومن المناقل….)

حتى جاءت ساعة النصر المشؤومة التي ظن مواطنو ودمدني أن مدني هي مقبرة (الغوزات) كما صور لها كتاب الكيبورد (المنتفعة) وهم يتراشقون في قروبات التواصل الإجتماعي المختلفة كتراشق (القونات) في اللايفات….!!


يوم السقوط كان فاجعة كبيرة وخذلان أصاب كل مواطني ولاية الجزيرة عند سماعهم انسحاب القوات المسلحة من المدينة كاملا، وترك مواقعها للدعم السريع بكل عتاده وعرباته وذخيرته التي تكفي لعام، فقد رأى البعض من سكان حي الكريبة أفرادا من الجيش ينسحبون باتجاه غرب مدني تتسارعهم الخطى هاربين وتاركين خلفهم المواطين لوحدهم ومالهم وعرضهم؟؟؟؟؟


حتى رأينا دخول الدعم السريع بكامل عرباتهم والتي تفوق ٣٠٠ عربة ولم تاتي طائرة بالخطأ لكي تردعهم او توقفهم (الخيانة) يا لسخرية الموقف…


أبواق الحرب الإلكترونية:
خبر سقوط ود مدني أسكت الكثير من المنتفعة واللايفات والقونات بل والكثير من المواطنين فقدوا (ثقتهم) في سندهم ودرعهم القوات المسلحة (بالإنسحاب) وترك المكان خاليا تماما دون مقاومة في الأحياء السكنية او حرب شوارع كما كنا نشاهد في ولاية الخرطوم.
سقوط ود مدني كشف لنا وجود عبث كبير داخل قيادات الجيش، وقد حدث دون تبرير مقنع كما حدث من قبل في بعض مدن ولايات دارفور هل هو (تكتيك عسكري)..


ماذا فعلت قوات الدعم السريع المتمردة:
إحتفال مواطنين مدينة ود مدني مع الجيش قبيل سقوط مدني، كان له وقع ثقيل على الدعم السريع، لحظة دخولهم المدينة لم يتركوا شي غير النهب والسلب والفوضى بل وترويع المواطنين وانزالهم من عرباتهم ودخول القرى والمدني من أجل الغنائم وليست الديمقراطية كما يدعي الطرفان (برهان دقلو)….
كان (أمامنا) وكنا نشاهده بذعر والصدمة لم تفارقنا والسؤال يدور في خلدنا كيف (تركنا) الجيش وماذا حدث؟؟؟؟


تعرضنا في اليوم الثاني الي محاولة توقيف مهينة في أحد ارتكازات تتبع لقوات الدعم السريع المتمردة، فقد انزلوا كل الركاب رجالا ونساء أطفال وشيوخ (حمل ومرضى) لم يفرقوا بين أحد منهم كانوا كلهم سواء في دائرة الاتهام، وقد وصفنا أحد افراد الدعم السريع بأننا (جيش ومستنفرين)، أما النساء فقد تم اتهامهن بانتمائهن (لاخوات نسيبة) يلا سخرية الموقف الذي وضعنا فيه، هل كان هذا مبرر يمهد للقتل بشرعية الإنتقام ؟!….
كان بعضهم وقتها يسرق محال تجارية (مواتر تكتوك) وآخرون يدخنون المخدرا، وكان من يتحرى معنا وهم ثلاثة يشهرون أسلحتهم في وجوهنا، ويطلق آخرون الرصاص على (الأرض) ومقدمة (البص السياحي)، دون اعطاءنا فرصة لكي نخبرهم من نحن!!


في هذا الموقف رأينا أحد أفراد الدعم السريع وقد (ملأ الغيظ) قلبه وفي وجهه جروح كثيرة ملأت نصف وجهه نتيجة شظايا، وتحدث لنا أن أحد اقاربه قد قتل وتم حرقه في وسط السوق أمام جموع من المارة وقال لنا (كلكم كنتم محتفلين)، وردد لنا أين جيشكم؟؟؟
أين جيشكم؟؟؟
لم يستطع أحد أن يرد وقد عم الصمت كل الحاضرين عدا سيدة قالت لهم أنتم جيشنا وأنتم قادتنا وقد هرب جيش الكيزان!!


ومن بعد ردد ركاب البص أنتم جيشنا، فقال لنا أحد أفراد الدعم السريع لن يشفع لكم هذا كله ولن نعفُ عنكم، وفي هذه الأثناء جاء قائدهم (ابوعاقلة كيكل) بعربة مظللة، وتوقف ونزل مسرعا ليوقف أفراد الارتكاز، وسمعناه قال لهم (ديل أهلي خلوهم يمشوا) وقد أمر أفراده بإرجاع الركاب الي البص وتركهم يواصلون سفرهم الي ولاية سنار وقال لنا سنار (نحن ماشين عليها ارجعوا بيوتكم)،

وهنا كلنا قد هممنا مسرعين لركوب البص وقد نسينا أن محرك البص واحد الإطارات قد تعطلا بسبب الرصاص الذي أطلقه أفراد الدعم السريع، واضطررنا الي النزول، وهنا أمر (كيكل) إرجاع كل من في البص الي أماكن سكنهم من خلال شاحنة (دفار) وإرجاع مبلغ تذكرة السفر، وإعطى كل فرد من الركاب مبلغ ١٠ الف جنيه تعويضا لما حدث من الارتكاز، وأوصل بنفسه كل الركاب إلي المكان الذي تحرك منه البص، عدا بعض ممن فضلوا ركوب (تكتوك) وأخرون لم يجدوا عربة ترجعهم لكثرة عفشهم


ولكن في صبيحة اليوم الثالث من السقوط استغلينا ركشة وذهبنا بها نحو قرية أم تريبات غرب مدني، كان الطريق صعبا جدا وضيق يملأه المواطنين فمنهم من يمشي على اقدامه لندرة المركبات ومنهم من تقطعت به السبل ولم يجد مال يكفيه حق السفر وفضل ان يواصل بقدميه حتى أقرب قرية، ومنهم من استغل مركبات (شاحنات) وآخرون عربات أجرة غالية الثمن لأسباب انعدام البنزين ووصول سعر الجالون وقتها الي ١٥٠ الف…


ولا أنسى إنقطاع الإتصالات سبب الكثير من المعاناة للنازحين وهم يحاولون جمع شتاتهم وإخراج أموالهم (بنكك)، ولكن على الرغم من التعب والمصاعب التى شاهدناها وواجهناها، مازالت سكان قرى ولاية الجزيرة أهل جود وكرم ومروءة، فقد اطعموا المارة وقدموا لهم كل ما يستطيعون من ماء وزاد ومال لكي يواصلوا طريقهم لأماكن النزوح.


ولكن كل هذا لا يمكن أن يمسح الصدمة التي دخلت في نفوس المواطن ومشاهدته المعاناة والقتل والترويع والنزوح وبكاء الأطفال وازدحام في المدارس والقرى، هذه الخيبة لن تنسى أبدا..


ضريبة الحرب:
هذه الحرب فرضت على الشعب السوداني وقد دفع فيها الثمن غاليا، ولم يحقق الجيش إنتصار ملحوظ وكبير، ولم يشفع للدعم السريع ما فعلوه بالمواطنين من نهب وقتل وسلب فهي حرب خاسرة وعبثية كما قالها القادة المتحاربين (البرهان دقلو)…


انزلاق البلاد مازال مستمراً وكل دعوة للحرب لن تاتي الا بالمزيد من الدمار وفي الاخر سوف يجلس المتخاصمين كما فعل الجنرال المخلوع البشير مع جون قرنق ٢٠٠٥ وكنا آنذاك نسمع بأنها حرب ضد كافر وجهاد ومرتزقة من إثيوبيا وكينيا ويوغندا وكوبا وو….. ولم تُنهِي الة القتل البندقية الحرب بل التفاوض والجلوس، أوقف صراعاً مسلحا وصف بأنه اطول حرب أهلية في أفريقيا راح ضحيتها الآلاف من الشعب السوداني


في اواخر التسعينيات شهد شرق السودان حرب استمرت أربع أعوام أيضا إعلام الضلال المنتفع كان يذكر بأن هذه الحرب مدعومة من المرتزقة ونفس الأسطوانة المشروخة وأخيرا تم التفاوض بعد صراع أستمر لأربع سنوات


وكذلك إقليم دارفور الذي شهد حروب استمرت أكثر من ١٣ عاما كان الجيش والدعم السريع تحت قيادة واحدة ضد حركات دارفور المسلحة، وتسببت هذه الحروب في القتل والتشريد وكل أنواع الألم الذي يحكى ولا يحكى.


وللاسف الشديد بعد سنوات طوال من الحروب والقتل والدمار أخذ ذات الطريق لإنهاء معاناة أهالي الاقليم (بالتفاوض) مع الجنرال البشير (المخلوع) في العام ٢٠١٦م…


الحروب في السودان لم تنتهي بحسم ولا حتى بإبادة كما يروج البعض هذه الأيام، طريق الإنتصار هو جلب الأمن والاستقرار من خلال آلية التفاوض والاتفاق السياسي وليست آلة القتل والخراب والدمار.


اخيرا:
فاتورة الحرب كلفتنا الكثير من التأخر في التنمية اشبعتنا الجوع والفقر والأُمية جعلتنا نكن لبعضنا البعض (بالحقد والحسد) … ولم تترك لنا سبيلا واحدا لكي نقدم فيه التنازلات وإسقاط العنجهية المريضة التي حملتنا صبغة الجهوية والقبلية عقودا طويلة.


لا للحرب هو إنتصار للشعب والوطن، ومن قال التفاوض هو هزيمة فقد أخطأ وأصاب نبينا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عندما فاوض المشركين قبيل دخول مكة…


الناصر صلاح الدين الأيوبي كان بكامل قوته وانتصاراته مفاوضا لملك إنجلترا ريتشارد قلب الأسد، وقد انتصر فيها هو بإنهاء حروب استمرت ٢٠٠ عام في الشام..!!


لا للحرب هو عودة الصواب وإعادة التصحيح لكل الأخطاء التاريخية والحديثة التي ارتكبها القادة السابقون في (عهد الظلام)


إستمرار الحرب هو فتح باب الفوضى والعمالة والتدخل الدولي ولن يعود الوطن كما عرفناه، (وان جنحوا للسلم فاجنح لهم)

أبعاد ابعاد قابل للكسر صحف أخبارعلى مسئولية كاتبه من الاسافيرعلي ابو سالمةمقالات قابل للكسر للحقيقة بعد آخر
  • ابعاد
  • مقالات رأي
  • من الأسافير
Comments (0)
Add Comment