ديسمبريون .. نعم (2-5)

0

أمير علاء الدين طه

ديسمبريون .. نعم (2-5)

هل فعلا إن ذاكرة السودانيين مثقوبة تماما أم ان الذهنية السودانية اصبحت أسيرة لهذا الإعلام الظلامي والضلالي القريب جدا والقريب والبعيد والبعيد جدا .


إن ما حدث أمام ابواب قيادة الجيش السوداني وفض اعتصام القيادة بمؤامرة طرفا الصراع الحالي قبل فترة ليست بالبعيدة كانت ولازالت حدثا مأساويا، يروى عبر مشاركين وثوار من كأفة الأعمار والفئات من شهود عيان وليس عبر تاريخ في كتاب او فيلم وثائقي قديم احداثه في الحرب العالمية الاولى.


وهذا ما سيتضح أو قد اتضحت لعنته في الحرب الحالية بما يسمى لعنة فض الاعتصام ، والذي لازمه من قتل وسحل واغتصاب واعتقالات وتعذيب ومفقودي طال عدد كبير من الثوار والثائرات


إن هذا الاصطفاف خلف البندقية والحرب وبل بس وبكل وعي هذه الأمة السودانية ينذرنا مبكرا وينذر مثقفينا وينذر سياسينا وينذر كل المستنيرين بأن طريق الديمقراطية شاق ووعر جدا ولكنه أت لا محال ولو طال السفر ، كما يردد دائما استاذنا فتحي الضوء .


ان العبث لا يكمن في هذا الحرب العبثية فقط، بل يكمن في ادمغتنا العبثية السمكية وفي طرائق تفكيرنا العبثية وفي عاطفتنا السياسية العبثية وفي هذه الشواحن العبثية ذات الاثر اللحظي كذاكرة سمكية امتعن فيها المؤلف ليحرك ضمائرنا تارة باسم الديمقراطية الجنجويدية وتارة باسم الجهاد الاسلاموي.

كما ولا يخفى بأن ام هذا الصراع ونواته وبذرته الحية كانت ولازالت في انشقاق داخلي وتنظيمي بالأصل وتمرد داخل المكون الاسلاموي الحاكم الكبير من احد الأطراف على الماكينة العقائدية القائمة والمسيطرة .


فكلا طرفا الحرب هما من لبنتا المشروع الاسلاموعروبي، ولذلك نجد التهليل والتكبير وادعاء الدين في داخل ميدان المعركة،كلاهما يدعي الصلاة وكلاهما يدعي الشهادة وكلاهما يكبر وكلاهما يدعي الجهاد وليس ذلك من فراغ بل من شأنه أن يعرف لنا وللاخرين المصطفين عن طبيعة هؤلاء المتقاتلين وطبيعة هويتهما العقائدية والقتالية.

وهذا ما يشكل لنا اعتقادا جزاما بأن ممولي طرفا الحرب لا يعلمان ببواطن انثروبولوجيا الانسان السوداني ومجتمعه ونفسيته وتعقداته الثقافية حتى في داخل الافق الثقافي الواحد واعتمدا على تقارير من اناس لا علاقة لهما بهكذا واقع ومن المؤسف بانهم بعض الانتهازيين والمؤثرين لدا طرفا الحرب.

ولم يكلف هؤلاء انفسهم بدراسة هذه الامور بشكل متأني قبل اتخاذ أي قرار يخص الحرب والتغيير ودفع هذه الكلفة البشرية حرقا دونما شرعية على الأرض، وهذا بالتأكيد يشمل طرفا النزاع.

وأي شرعية تلك التي تستند على البندقية لتحكم بلدا ارثه وحاضره متجاوزا لكل الأقليم بل ومتجاوزا تراكميا لخبرات سياسية ومعرفية تفوق بسنين ضوئية كل دول الأقليم المصطفة وغير المصطفة خلف بل بس ولا للحرب، وكما قدمت الحركة الإسلامية اسواء وجه لها في هذه الحرب ،

فقد قدمت مليشيا الجنجويد اسواء وجه لها تجاه المواطن وبشهادات المواطن ذاته بل وفقدت مناصرين ومقربين لها بل وزادت من الارصدة الكيزانية مجانا فقد اوقعوا بانفسهم فريسة سهلة امام ارصدة إعلام الإسلام السياسي، إن إنغلاق مشروع الدعم السريع وانكفائه على ذاته والرفض وعدم تقبل النقد على سلوكه وعدم التعدد في مراكز اتخاذ قراره يعتبر من الأشياء التي اضرت ولا زالت تضر بالدعم السريع كقوات نظامية ذات خبرات قيادية منضبطة.

ولكن الى متى تظل القيادات العسكرية او حتى القيادات المدنية في هذا البلاد، تظل مأسورة لمخابرات دول بعينها وهي الأقل معرفة وتراكما في الأقليم عسكريا او سياسيا او مدنيا حتى .

إن ثورة ديسمبر المجيدة كانت ولا زالت نقطة ضوء ضد هذا الاستلاب وضد هذا الاستعباد وضد هذه التبعية كما وكانت تماما ضد تجربة الإسلام السياسي وملخص حكمه الفاشل في السودان ثلاثون عاما .
ولذلك كان وأد هذه الثورة ودفنها وهي حية، لم يكن ذلك مشروعا اسلامويا فقط بل كان مشروعا اقليميا بامتياز وبنفس ادوات ولوردات حرب اليوم.

ونواصل
الاربعاء/ 9 أكتوبر 2025م

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد