الحفاظ على إرثنا الطبيعي: قضية “إنجاليفو” ودور مركز بحوث الحياة البرية في السودان
الحفاظ على إرثنا الطبيعي: قضية “إنجاليفو” ودور مركز بحوث الحياة البرية في السودان

د. لبنى محمد عبدالله حسن
مدير مركز بحوث الحياة البرية – السودان
إن التنوع البيولوجي ليس مجرد مسألة بيئية فحسب، بل هو تعبير عن السيادة الوطنية والمشاركة في المسؤولية العالمية. وتُجسِّد قصة وحيد القرن الأبيض الشمالي “إنجاليفو”، الذي عاش لعقود في حديقة حيوان الخرطوم، هذا المعنى العميق، حيث أصبحت قضيته اليوم تُمثل نداءً لإعادة التأكيد على التزامنا بحماية تراث السودان الطبيعي.
تمت إعارة “إنجاليفو” إلى حديقة سان دييغو سفاري بالولايات المتحدة في أوائل التسعينيات، في إطار شراكة علمية ونية طيبة للمساهمة في جهود الإكثار لهذا النوع المهدد بالانقراض، وذلك تحت مظلة برامج الحفاظ العالمية، كبرامج الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN).
لكن، ومنذ تاريخ الإعارة وحتى اليوم، لم تتلقَّ الجهات السودانية أي تقارير واضحة أو موثقة حول مصير الحيوان، أو حالته الصحية، أو نسله، الأمر الذي أثار تساؤلات مشروعة.
في الأشهر الأخيرة، وبتنسيق من قوات حماية الحياة البرية، تمت مخاطبة وزارة الداخلية، التي أحالت الاستفسار عبر وزارة الخارجية وسفارة السودان بواشنطن، حيث ورد رد غير حاسم من حديقة سان دييغو يفيد بوجود آخر فردين من وحيد القرن الأبيض حالياً في محمية “أول بيجيتا” بكينيا، دون ذكر مصير “إنجاليفو” تحديداً، أو ما إذا كان قد تم نقله دون علم الدولة المالكة.
وبصفتي مديراً لمركز بحوث الحياة البرية، أؤكد على النقاط الآتية: المساءلة العلمية والشفافية هما حجر الأساس في أي شراكة للحفاظ على الحياة البرية، ويجب أن تلتزم الجهات المستقبِلة بتقديم تقارير منتظمة للدول المالكة للحيوانات.
الحياة البرية تُعد مورداً سيادياً، وأي اتفاقيات لنقلها يجب أن تُحترم بشفافية تامة، خاصة حين يتعلق الأمر بأنواع نادرة مهددة بالانقراض.
تمثل هذه القضية فرصة ثمينة لإعادة تقييم أطر التعاون الدولي، ووضع بروتوكولات واضحة تضمن حقوق الدول في مواردها الوراثية، وفقاً لاتفاقية التنوع البيولوجي وبروتوكول ناغويا.
يؤكد السودان حرصه على معالجة هذه المسألة بروح من المسؤولية والتفاهم، سعياً إلى التوضيح واستعادة الحقوق عبر الأطر القانونية والدبلوماسية، مع التزامه التام بالحفاظ على علاقات التعاون العلمي والشراكات الدولية البنّاءة.
يلتزم مركز بحوث الحياة البرية بدعم الجهود الوطنية، التي تقودها وزارة العدل بالتنسيق مع وزارة الداخلية، في بحث هذه القضية عبر المسارات القانونية والدولية المناسبة.
وفي الوقت ذاته، ندعو إلى حوار بنّاء مع شركائنا الدوليين في مؤسسات الحفظ، وعلى رأسهم حديقة سان دييغو ومحمية أول بيجيتا.
هدفنا ليس فقط معرفة مصير “إنجاليفو”، بل بناء آلية رصينة تحمي حقوق السودان مستقبلاً، وتضمن أن يكون كل اتفاق دولي حول الحياة البرية محكوماً بمعايير الشفافية، والعدالة، والعلم.
فليكن هذا الملف منطلقاً نحو شراكات بيئية أكثر وضوحاً واحتراماً، تضع السيادة البيولوجية والالتزام الأخلاقي في صميم العمل البيئي المشترك.
د. لبنى محمد عبدالله حسن
مدير مركز بحوث الحياة البرية – السودان
- الحفاظ على إرثنا الطبيعي: قضية “إنجاليفو” ودور مركز بحوث الحياة البرية في السودان
- استثمارات سعودية في السودان لإقامة شراكات استراتيجية بصناعة السكر
- «الخارجية الأميركية» تلغي اجتماع «الرباعية» حول السودان
- عاجل .. تدهور الحالة الصحية للمتمرد عبدالرحيم دقلو
- عاجل .. الجيش يسيطر على منطقة «رهيد النوبة» ويقترب من «جبرة الشيخ» بشمال كردفان .. وتوغل بجنوب السودان لعناصر من مليشيا الدعم السريع

