الأخبار

جدل في السودان بعد اتهام البرهان لـ«الدعم السريع» بفض اعتصام «القيادة»

تبادل اتهامات فض الإعتصام

31

▪️جدل في السودان بعد اتهام البرهان لـ«الدعم السريع» بفض اعتصام «القيادة»
▪️قانونيون لـ«الشرق الاوسط»: المحكمة المختصة هي صاحبة القرار والبت في صحة الاتهامات


▪️ود مدني السودان – وجدان طلحة | صحيفة الشرق الأوسط

تم تقييد عشرات الشباب المعتصمين بحبال متينة، وربطت على أرجلهم حجارة ثقيلة، ثم ألقوا في نهر النيل، في يونيو (حزيران) 2019. ابتلعتهم المياه الجارفة، لكن جثثهم أبت أن تخضع للأثقال المربوطة عليها، فأخرجتهم الأمواج بالقرب من المنطقة التي كانوا يهتفون فيها مطالبين بـ«الحرية والسلام والعدالة»، ولم تفلح تلك الحيلة في إخفاء بشاعة الجرم الذي ارتكبته «قوات نظامية» بحق المعتصمين السلميين الذين لجأوا إلى مقر «جيشهم» الذي أعلن حمايتهم.

وفي تلك الجريمة – المجزرة، قتل نحو 125 معتصماً سلمياً، وفقد المئات ولا يزالون، ناهيك بعمليات التعذيب والاغتصاب والترويع التي يقول شهود الجريمة إنها ارتكبت من قبل قوات بثياب نظامية، ولم تفلح لجنة تحقيق كوّنها رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، في كشف المسؤولين عن الجريمة. وبعد مرور أربع سنوات على الجريمة، واشتعال الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، وجّه البرهان الاتهام لهذه القوات التي يرأسها نائبه – وقتها – محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ما أثار أسئلة في أذهان الناس: لماذا تستر البرهان كل هذه الفترة على هذه المعلومة؟ وما الذي دعاه للتصريح الآن؟

4 سنوات من التستر على الجريمة

وبعد أربع سنوات من ارتكاب الجريمة البشعة، وبعد اختلاف الفرقاء واشتعال الحرب بينهم، حمّل قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في تصريحات علنية، المسؤولية لـ«قوات الدعم السريع»، في عملية «فض اعتصام القيادة العامة» في 3 يونيو (حزيران) 2019. لكن سهام الاتهامات هذه ارتدت عليه أيضاً وحملته جزءاً من المسؤولية.

على الرغم من أن جريمة «فض الاعتصام» الشهيرة، حدثت أمام القيادة العامة للجيش، وعلى مرأى من قادته وكاميراتهم، لم يتقدم جندي واحد لحمايتهم، بل تبرأ القادة العسكريون وقتها، سواء في الجيش أو «الدعم السريع»، من الجريمة، على الرغم من أن القرائن والأدلة، بل الاعترافات، أشارت إلى تورطهم.

التسريبات تشير إلى أن البرهان لم يدل بهذا الاتهام أمام اللجنة المستقلة التي كونت برئاسة الخبير القانوني نبيل أديب، لأنه لو فعل وقتها لظهرت نتائج التحقيق، ولما استغرقت هذه السنين، رغم وضوح الفيديوهات والصور التي وثقت الجريمة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أظهرت وجوه ورتب المتورطين بجلاء. لكن صمت البرهان سنوات، في نظر العديد من القانونيين، يعني في أحسن الأحوال أنه سيواجه تهمة «التستر على الجريمة»، إذا لم تثبت التحقيقات ضلوعه وقواته فيها.

البرهان سبق أن أنكر مسؤولية المكون العسكري بشقيه

يقول رئيس لجنة التحقيق المستقلة في جريمة «فض اعتصام» القيادة العامة، المحامي نبيل أديب، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما أدلى به البرهان أمام اللجنة لا يتم الكشف عنه في وسائل الإعلام ولا التعليق عليه. وكان البرهان قد مثل أمام لجنة التحقيق، هو ونائبه في رئاسة المجلس العسكري الانتقالي المؤقت وقتها «حميدتي»، لكن اللجنة أبقت على تلك التحقيقات والإفادات قيد السرية.

تصريحات البرهان لا تلزم لجنة التحقيق

وفتحت مجزرة «فض اعتصام» القيادة العامة جرحاً عميقاً في نفوس السودانيين، لا يزال ينزف ويُبكي بسبب انعدام الأخلاق والمروءة التي دفعت قادة الجيش لارتكابها، وهو ما أشار إليه القيادي في تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، المحامي المعز حضرة، في إفادته لـ«الشرق الأوسط»، بقوله: «تلك المحزرة أشبه بجريمة كربلاء التي ارتكبت بحق العترة النبوية الشريفة».

وتابع: «البرهان ظل منذ جريمة فض الاعتصام ينكر مسؤولية المكون العسكري بشقيه (الجيش و«الدعم السريع»)، رغم أن الوقائع والقرائن تؤكد أن من قام بفض الاعتصام هو المكون العسكري بشقيه، وبمشاركة «كتائب البراء» التابعة للحركة الإسلامية في الجريمة، وطمس معالمها، بل إزالة اللوحات التي رسمها الثوار على جدار قيادة الجيش، قاطعاً بأن الجريمة تمت بموافقة القيادة العامة التي يرأسها البرهان.

وأضاف: «البرهان ارتكب جريمة التستر وجريمة تضليل العدالة، بالإدلاء بمعلومات كاذبة، وهذا التصريح استهتار بالشعب السوداني وبثورته المجيدة».

وتابع حضرة: «أن يأتي البرهان بعد أربع سنوات باعتراف أن (الدعم السريع) هي التي فض الاعتصام، فهذا لن يبرئه، بل يجعله شريكاً في التهمة؛ لأنه يمثل رأس الدولة في ذلك الوقت، وتقع المسؤولية الأولى عن الجريمة عليه».

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد