الأخبار

جعفر عباس يكتب: تجربتي التلفزيونية !!

41


قبل الابتعاث الى بريطانيا لدراسة أصول الإنتاج البرامجي التلفزيوني ألحقونا بتلفزيون الجزيرة الريفي في مدني، بغرض التدرب، ووجدنا هناك كوادر ذات تأهيل عال نالوا التدريب في إنجلترا وهولندا واليابان، وكانوا ينتجون برامج موجهة الى مزارعي مشروع الجزيرة وفق ضوابط فنية صارمة، وكان طاقم القناة يقوم بزيارات لما يسمى بأندية المشاهدة في العديد من القرى وهي أندية تم تزويدها بأجهزة تلفزيون ومولدات كهربائية، وفي كل منها عريف يناقش مع المزارعين فحوى كل برنامج ويسجل ملاحظاتهم ومقترحاتهم،

وفي ذات زيارة توقف الفريق عند دكان ليسألوه عن الطريق الى النادي، فوصف لهم الطريق وحلف بالطلاق لازم يشربوا عصير من دكانه، والتقط قارورة من العصير المركز من صندوق ثم بعض الأكواب الزجاجية التي بنى عليها العنكبوت من الرف ثم أتى بسروال له كان ملقى على كرسي وحشره داخل الأكواب لإزالة الغبار منها وصب العصير فيها وقدمه للجماعة، فشرب اثنان منهما العصير وهو في حالة غليان بعد أغمضا عينيهما بين حمل الثالث كوبه ومضى خارج الدكان وكأنه يريد تفقد “المناظر” من حوله ثم صب العصير على الأرض خلسة وأهال عليه التراب، وأعلن التوبة من تلك الجولات

وبالمقابل كان العمل في تلفزيون ام درمان يتم عن طريق ما كانوا يسمونه ب”العواسة”، أي بعكس تلفزيون الجزيرة الريفي حيث كان لكل برنامج مسار ونص وخارطة توضح كل شيء: حركات الكاميرا وما ينبغي ان يقال ونوعية اللقطات، ولكن الجو العام في ام درمان كانت تسوده أيضا روح الإلفة، وكان به مخرجون وفنيون مقتدرون، وبعد ان التحقت بالتلفزيون الأم درماني بعد عودتي من لندن شهدت وسمعت عن عدد من الحوادث الطريفة المقترنة بالعواسة

كنت أقوم بتقديم حلقة من برنامج تعليم الإنجليزية على الهواء مباشرة، وفي ذلك اليوم كانوا قد أتوا لي بكرسي دوّار، سعدت به كثيرا وعند فقرة حوارية مع ضيف قمت بتدوير الكرسي في اتجاهه بحركة مسرحية فإذا به فووو، يكمل نصف دائرة حتى صار ظهري يقابل الكاميرا، وعجرت عن إعادته الى “الواجهة”، وكالعادة في مثل تلك المواقف قام المخرج بقطع الارسال ووضع شارة “نأسف لحدوث خلل فني”،

وذات مرة كنت في غرفة التحكم (الكنترول) لتسجيل فاصل غنائي لمطرب ضخم الكراديس عريض المنكعين شلولخ، وقبل بداية التسجيل وقف وامسك بالعود ورفع رجله اليسرى على كرسي فإذا ببنطلونه يطق وينفتق، فألزمناه بالغناء وهو جالس

وحكوا لنا عن حمدي بدر الدين الذي كان يقدم برنامج فرسان في الميدان وفي إحدى الفقرات وقف الموسيقار بشير عباس أمام المايكرفون وشن هجوما كاسحا على الشاعر الغنائي سليمان عبد الجليل، وبعدها بقليل وصلت الى حمدي ورقة عليها تعليمات من وزير الاعلام تقول إنه لا يجوز استغلال التلفزيون لتصفية الخصومات الشخصية وان على بشير عباس ان يعتذر، وبحصافة خاطب حمدي بشير: سليمان ما موجود معانا والأصول تقضي بأن تعتذر له، ولكن بشير قال: مستحيل اعتذر له ، فما كان من حمدي إلا أن صاح: ياخي اعتذر ما تخرب بيتنا (كل هذا لايف على الهواء)، فجاءته رسالة أخرى من الوزير: جيت تكحلها وعميتها يا حمدي

فرضوا على المخرج أحمد عاطف ان يمنح دور البطولة في مسرحية من إخراجه لاسماعيل خورشيد، وكانت بينهما خصومة شديدة، وكان المشهد الافتتاحي حسب السيناريو المجاز ان يتعرض البطل لإطلاق نار ويصاب بجراح يتعافى منها وتمضي المسرحية الى نهاياتها المرسومة، وبعد دقيقة من بدء تسجيل المشهد تم إطلاق النار على البطل (إسماعيل خورشيد) فصاح عاطف: ستوب.. ثم قال لخورشيد: أنت خلاص مُت ودورك انتهى، واتضح انه قام بإعادة كتابة السيناريو بحيث تستمر وقائع المسرحية في غياب الشخصية التي كان خورشيد يجسدها

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد