الأخبار

د. زهير السراج – “المديدة حرقتنى” !!

147

▪️مناظير
▪️د. زهير السراج
[email protected]
▪️

المديدة حرقتنى !

  • على خلفية لقاء رئيس الوزراء بوفد من سفراء الاتحاد الاوروبى قبل بضعة ايام، وجه الفريق اول (البرهان) انتقادات حادة لبعض الدبلوماسيين واتهمهم بزرع الفتنة بين (حمدوك) والعسكر والتحريض على الجيش مستخدما التعبير الشعبى (المديدة حرقتنى) الذى كان شائعا فى زمان بعيد وسط الاطفال، فعند حدوث خلاف بين طفلين يقوم طفل ثالث بملء كفه بالتراب ويبسطها مفتوحة بينهما صائحا (المديدة حرقتنى) بهدف التحريض وتسخين المعركة التى تبدا عندما يقوم احد الطفلين بالضرب على الكف من اسفل ملقيا بالتراب على وجه الآخر، فينتقل الخلاف بينهما من مرحلة الكلام الى مرحلة العراك بالايدى والاقدام، وقد لا يحدث العراك المنشود إذا اكتفى الطفلان باطلاق التهديدات فى وجه بعضهما البعض ولم يقم أحدهما بإلقاء التراب على الآخر، وقد يحدث فى مرات نادرة أن يلقى أحد الخصمين أو كليهما بالتراب على وجه المحرض ويلقمانه ضربا ولكما عقابا له على التحريض، ولقد انتهت هذه الظاهرة الآن أو انحسرت بشكل كبير إلا فى بعض المناطق الريفية البعيدة، ولم يسمع بها الكثيرون إلا مؤخرا بعد الخطاب الساخن للبرهان امام رهط من الجنود، والذى إتسم بالحدة والتوتر والغضب وعكس بعباراته الحادة والطريقة التى ألقاه بها الازمة الخانقة التى تعيشها البلاد وحالة التوتر التى يعانى منها الفريق البرهان وتذكرنا بخطاباته الحادة فى ايام ما قبل الانقلاب !
  • وكان الوفد قد اكد لحمدوك مساندة الاتحاد الأوروبي المستمرة منذ ديسمبر 2018م للشعب السوداني لتحقيق تطلعاته في الحرية والسلام والعدالة، ودعمه للنموذج السوداني الفريد في التحول الديموقراطي، كما رحب بالبنود الأربعة عشر التي تضمنها الاتفاق الإطاري الموقع في 21 نوفمبر باعتباره خطوة أولى في اتجاه العودة لمسار التحول المدني الديموقراطي، تحتاج الى المزيد من الخطوات والاجراءات لبناء الثقة بين مختلف مكونات الفترة الانتقالية عقب انقلاب 25 اكتوبر، استنادا على الوثيقة الدستورية لعام 2019م واتفاقية جوبا لسلام السودان لعام 2020م وضرورة وجود اجماع وطنى لتحقيق مهام الفترة الانتقالية، مع أهمية استكمال عملية السلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان ــ شمال بقيادة القائد عبد العزيز الحلو وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور.
  • واتفق الطرفان خلال اللقاء على اهمية الشروع في صناعة دستور وطني شامل يُعبّر عن جميع السودانيين، والإعداد لانتخابات حرة ونزيهة ومواصلة أجندة الإصلاح الاقتصادي، مع العمل على بناء إطارات وطنية تؤدي لتحقيق العدالة الانتقالية واحترام حقوق الإنسان باعتبارهما عنصران أساسيان لبناء الدولة الديموقراطية الحديثة (المصدر،وكالة السودان للانباء)!
  • يبدو أن ما ازعج (البرهان) وتهديده للسفراء بعبارات اشبه بعبارات المخلوع بعد صدور امر قبض ضده من محكمة الجنايات الدولية، ولكنها لم تصل بعد الى مرحلة صرف البركاوى و( تحت جزمتى)، هو انتقادههم لما حدث فى ٢٥ اكتوبر، وتأكيدهم على ضرورة استعادة المسار الديمقراطى واستكماله بوضع مشروع دستور وطنى بمشاركة الجميع، وحديثهم عن تحقيق العدالة التى تعنى محاسبة مرتكبى الجرائم، ومن بينها جريمة فض الاعتصام وقتل المتظاهرين السلميين خلال التظاهرات الشعبية الاخيرة وغيرها، بالإضافة الى ضرورة إحترام حقوق الإنسان فى اشارة الى الاعتداء على المتظاهرين السلميين، ويبدو ان البرهان قد ترجم ذلك بمحاولة سفراء الاتحاد الاوروبى زرع الفتنة بين حمدوك والعسكر وسحب البساط من تحت ارجلهم، الأمر الذى أغضبه فخرج يتهمهم بتحريش — تحريض — (حمدوك) مستخدما تعبير (المديدة حرقتنى)، مع تأكيده على مساندة حمدوك و”مساعدته على العبور” !
  • من جانب آخر توقع الدكتور (حسن مكى)، أن تتأزم الأمور أكثر فى البلاد، وانسحاب (حمدوك) من المشهد السياسى لعدة اسباب منها عدم تعاون المكون العسكرى معه، وضخامة المشكلات التى وصفها بانها اكبر من قدراته وقدرات المكون العسكرى، بالاضافة الى التصعيد الثورى المستمر والانفجار فى دارفور، قاطعا بأن حمدوك لن يستطيع تكوين المجلس التشريعى والمحكمة الدستورية، وسيجد أن من الافضل له الانسحاب من المشهد السياسى.
  • وجزم فى حديث للزميلة (اليوم التالى) بأن معركة 25 اكتوبر لم تحسم بعد لصالح أى طرف، سواء المكون العسكرى أو حمدوك ومن يمثلونه، وقال بان هنالك جولة أخرى قادمة، ولم يستبعد أن يقوم الجيش بتغيير قيادة المكون العسكرى فى حال لم تستجب للتحديات الكبيرة التي يمر بها السودان وشعر الناس بالاخفاقات، ولكنه إستدرك قائلا: “حسب الترتيبات والأولويات، فان التوليفة القادمة ستكون تكتيكية بين حمدوك، برهان، حميدتي، وفي النهاية لابد أن يختفي أحدهم من المشهد”!
  • تُرى هل تصدق توقعات حسن مكى، أم تؤتى مديدة الخواجات الحارة أكلها وتكتمل مسيرة بناء الدولة المدنية الديمقراطية ويذهب العسكر غير ماسوف عليهم ؟!
أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد