الأخبار

د. فخر الدين عوض حسن يكتب: شيطنة الأحزاب – أرقام وحقائق

267

د. فخرالدين عوض حسن عبدالعال
خبير حوكمة – ادارة جودة وانتاج

استغرب جدا للمحاولات الجارية لشيطنة الاحزاب وتحميلها وحدها وزر بعض الفشل الذى لازم الحكومة الانتقالية ومن الضرورى ان نتوقف عند نقاط مهمة جدا قبل ان نحكم على الحكومة الانتقالية:

● حكومة الثورة الاولى تم اعلانها فى الخامس من سبتمبر 2019م من 18 وزيرا من كفاءات مستقلة ولم تسلم من اتهامها بالانتماء الحزبي. مثل د.اكرم على التوم الذى يراه البعض شيوعيا د. البدوى وعلاقته بحزب الامة.

حينها، قدمت قحت ثلاثة ترشيحات لكل وزارة ليختار د. حمدوك من بينها وايضا اختار حمدوك بعضهم بنفسه وليس من قائمة المرشحين من قحت ..مثل وزيرة الخارجية اسماء محمد عبدالله استمرت هذه الحكومة نحو 17 شهرا

● في 31 أغسطس 2020 تم توقيع اتفاق جوبا للسلام
ومن ضمن بنود الاتفاق، منح الحركات الموقعة مناصب فى السلطة والثروة، وادى ذلك الى سخط فى معظم مناطق السودان.

لقد ادى تعطيل المنظومة القضائية والعدلية من قبل عسكر السيادى وحلفاؤهم والقوى المضادة للثورة، الى كارثة عظيمة ابرزها الخرق الابرز للوثيقة الدستورية الذى تم ” بحشر ” بنود اتفاق جوبا فى الوثيقة عبر المجلسان السيادى والوزارى .. ولقد نصت الوثيقة صراحة بانه لا يجوز تعديلها الا باغلبية ثلثى المجلس التشريعى الانتقالى فقط لا غير!

لقد نصت اتفاقية جوبا على سبعة وزارات للحركات، بدون التطرق لالية الاختيار فقاموا بتعيين انفسهم عنوة وبدون اى رؤية او مشورة لرئيس الوزراء فقط يبصم حمدوك على توزير د. جبريل وغيره.

● أدى وزراء الحكومة السودانية الثانية القسم الدستوري، في 10 فبراير 2021م، وتعد هذه الحكومة هي أكثر الحكومات تنوعًا من الناحية السياسية في تاريخ السودان، حيث ضمت مكونات مختلفة يمثلون جميعَ أنحاء هذا البلد، لتمثلَ أكبرَ تحالف سياسي يشهده السودان في العصر الحديث.

تكونت الحكومة من 25 وزيرا على النحو التالى:

%20 وزير مستقل
%20 حزب الامة
%8 المكون العسكرى للسيادى
%8 حركة العدل والمساواة
%8 التجمع الاتحادى
%8 المؤتمر السودانى
%8 حزب البعث
%4 حركة مناوى ( زائدا حاكم دارفور – حكومة اقليم دارفور)
%4 حركة عقار ( زائدا عضو سيادى )
%4 حركة حق
%4 التحالف السودانى، ( زائدا والى غرب دارفور)
%4 حركة التحرير ( زائد عضو سيادى)

وايضا كان توزيع السلطة فى السيادى ( بالنسبة المئوية) كالاتى:

%35.71 العسكر وحميدتى
%7.14 تجمع القوى المدنية
%7.14 التجمع الاتحادى
%7.14 حزب البعث
%7.14 مستقل محسوب على حزب الامة
%7.14 مستقل
%7.14 حركة عقار
7.14 حركة حجر
%7.14 حركة الهادى ادريس
% 7.14 الاقباط

واستمرت هذه الحكومة حتى 25 اكتوبر 2021 اى 256 يوما (اقل من تسعة اشهر)

وانقلب عليها المكون العسكرى الذى كان الاغلبية فى السيادى الى جانب وزارات الداخلية والدفاع. وتحالف مع الانقلابيين اطراف اتفاق جوبا للسلام الذى قام به العسكر فى غياب د. حمدوك ولضعفه البين فى ادارة ملف السلام.

وقد صرح مناوى بان هذا التحالف ( بين العسكر وحميدتى والحركات) قام اثناء المفاوضات فى جوبا، واتفقوا حينها على عدم تسليم الحكم للمدنيين كما نصت الوثيقة الدستورية وايضا عدم تسليم البشير للجنائية، والتغاضى عن مجزرة فض اعتصام القيادة، وبنود اخرى من “تحت التربيزة” على حسب وصفه. فى راى الشخصى ان تلك الحكومة حققت مكاسب عديدة ولكن الملفات التى فشلت فيها تعود بصفة اساسية الى اربعة اسباب:

1/ سيطرة العسكر وحميدتى على ملفات العمل التنفيذى وملفات الامن والاقتصاد والسلام والسياسة الخارجية بصفة خاصة، والتخريب المتعمد للاقتصاد عن طريق الامن وغيره، وايضا العمل على عدم اجازة القوانين ..وتعطيل اختيار التشريعى .ساندت هذا المعسكر، كافة قوى الثورة المضادة واذرعهم فى الاجهزة الامنية والعسكرية والاقتصادية. وفى رؤيتى ان الملفات التى فشلت فيها الحكومة سببها العسكر وحميدتى وقوى الثورة المضادة بنسبة 60%

2/ ضعف شخصية رئيس الوزراء د. حمدوك، الذى انعكس جليا فى الملفات الخاصة به حسب الوثيقة الدستورية مثال بنك السودان وجهاز المخابرات ووزارة الداخلية..الخ وايضا التعيينات الفوقية فى اجهزة الدولة القيادية، التى كان يقوم بها حمدوك بدون منهجية او اى شفافية وبعيدا عن المؤسسية وشعارات الثورة.

لقد وجد حمدوك تأييدا وزخما جماهيريا لم يسبقه عليه احد فى تاريخ السودان، ولكنه لم يستطيع استثماره ابدا وذلك لتغلب ذهنية الموظف واغترابه عن الشارع وابتعاده عن الناس بفعل “القوقعة” التى ادخل نفسه فيها وخصوصا فى حكومته الاولى، وقد حاول وزيره م. خالد عمر فى الحكومة الثانية، ان يخرجه الى حد ما من تلك القوقعة/الشللية ولكنه لم يستطيع، لان د. حمدوك يفتقد الى صفات القائد وقد تسببت شخصيته الضعيفة فى نسبة 20% من فشل الحكومة.

3/ الحركات المسلحة التى دخلت بجيوشها الى المدن تسببت فى كثير من الخروقات الامنية والتخريب الاقتصادى واشتغلت بسياسة التمكين بعد اصرارها وسيطرتها على وزارات المالية والمعادن والثروة الحيوانية والشؤون الاجتماعية وغيرها من الوزارات الاقتصادية الهامة وقد تحالفت تلك الحركات مع حميدتى وعملت معه بتناغم للسيطرة على قطاعات اقتصادية هامة مثل المناجم وتصدير الماشية، وقد تحدثت تقارير عديدة عن تهريب للذهب والعملة والسيارات بواسطة تلك الحركات المسلحة

ان ضعف شخصية حمدوك والذى يذهب البعض الى وصفه (بالتامر) جعل تلك الحركات المسلحة تمارس الابتزاز وتتمدد فى الحكومة وتعين منسوبيها فى وظائف قيادية فى الدولة دون ادنى مؤهلات وبدون منافسة شفافة كما هو مفترض فى حكومة الثورة ان فشل الحكومة الثانية فى ملفات جوهرية وهامة وابرزها الامن والاقتصاد تتحمله الحركات المسلحة بنسبة 15%

4/ يتم عن عمد رصف الطريق للديكتاتورية عن طريق شيطنة الاحزاب التى شاركت فى الحكومة الانتقالية والتركيز على اربعة احزاب هى: الامة، المؤتمر السودانى، التجمع الاتحادى والبعث ارجع الى اعلى المقال لتعلم نسبة مشاركتهم فى الحكومة التى عمرها اقل من تسعة اشهراما تحالف قحت فقد خرجت منه الجبهة الثورية الى جوبا لتزيد حصتها فى السلطة ولم يخرجها احد من التحالف، غير رغبتها فى زيادة المال والمناصب. وتحالف قحت تحالف عريض وكبير لاحزاب وتجمعات لبرنامج وطنى. والاحزاب المشاركة فى التحالف عانت من الاعتقال والتعسف ولم تجد فرصتها فى النمو الطبيعى لتصبح مؤسسات وطنية.

لقد شاركت فى ورش وسمنارات اعدتها مركزية قحت عن كيفية اختيار المجلس التشريعى الانتقالى الذى كان يرفضه ويعمل ضده العسكر بكل امكانياتهم ولا يريدون قيامه ابدا فكانا حميدتى والعسكر من اسباب عدم قيام التشريعى بطرق شتى سوف اكشفها فى مقال قادم.

خروج بعض احزاب قحت من التحالف ادت الى كثير من ضياع الفرص وابرزها الحزب الشيوعى. وفى راى ان قحت تتحمل 4% من اسباب فشل الحكومة وفشلها فى قيام المجلس التشريعى الانتقالى ويتحمل ثلث هذا الفشل وزير الحكم المحلى د. يوسف الضى الذى لم يحرص على البناء القاعدى لقوى الثورة.

وايضا يتحمل الشعب بكافة قطاعاته وفئاته نسبة 1% من فشل الحكومة وذلك امر سوف افصله فى مقال اخر

▪️الخلاصة:
ان ما حدث فى السودان ليس انقلاب عسكرى تقليدى كما حدث كثيرا فى تاريخنا واقعدنا عن ركب الامم، الذى حدث هو اختطاف للوطن من قبل كارتيلات: قيادات الجيش، وامراء الحروب، واصحاب المليشيات تجار المرتزقة وهدفهم سرقة موارد الدولة وافقار مواطنيه عن طريق القبلية والعشائرية (فرق تسد) وهو تحالف هش تقوده الاطماع وبدون دوافع وطنيه وسلاحنا الاول لمواجهة هذا التحالف، هو وحدة كافة القوى الوطنية من لجان مقاومة واحزاب ونقابات …الخ وكل القوى الوطنية الديمقراطية التى تدعو وتعمل لقيام حكومة مدنية ديمقراطية يجب ان تعمل معا لاستعادة الوطن من الخاطفين.

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد