الأخبار

د.محمد أبو زيد يكتب: الجمهورية الثانية … إستـدار الزمـان كهيـئته

91

الجمهورية الثانية … إستـدار الزمـان كهيـئته

التحدى الأكبر الذى يواجه الشعوب والأوطان أنها ليست حرة ومستقلة فى عالم اليوم، إلا أنه توجد فرص للمناورة والمدافعة التى لو لاها لفسدت الأرض وهدمت صروح العبادة وإمتلأت السوح بما تهوى أنفس القوم الشح هذا أمر واقع غير مكذب وليس من ضروب الخيال ولكننا نمتلك كنوزاً غير مكتشفة، فأنه على ساحة التدين العام نحتاج نهجاً جديداً قديماً يستند فى قضايا الأيمان على التعمق والتجذر الذى تبتنى على الغالب الأعم من آيى القرآن وصحيح البيان.

فاليقينيات التى لا تقبل التكذيب مسلمات مثل الأشياء المادية المدركة بالحواس، أو الأخبار المتواترة التى يستحيل عادة تواطؤ رواتها على الكذب، وكذلك الحقائق العلمية المكتشفه فعلياً وثبتت بالتجربة الغالبة.

أما الظنيات فالخلاف حولها سائغ أن كان ذلك قانون تصحيح وتضعيف الأحاديث ، أو الأحكام الشرعية الناتجة عن إجتهاد بسبب إختلاف مدلولات الألفاظ ، أو تعارض المصالح والمفاسد أو تزاحمهما.وهذا ينطبق على سائر أنواع التشريع والقانون، و القواعد العلمية فى العلوم الطبيعية التى تندرج فى باب الظنيات وتختلف فيها المدارس العلمية والإكتشافات والتفسيرات.

وأما فى سائر الغيبيات ألا ننجرف نحو التأويلات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، والإكتفاء بظاهر القول.
وهنا تزل أقدام قوم كثر وتنحرف بهم السبل ويجعلون ذلك شعارهم ويستقطبون حوله أمما. وطوائف ً.

أما العبادات لا سيما ذات الغايات المحضة التى لا يتصور لها نفع دنيوىً خالص فالأصل فيها الإقتصاد وعدم الأسراف والتبذير ” القصد القصد تبلغوا ” ” وخذوا من العمل ما تطيقون فأن الله لايمل حتى تملوا ” ..كل الواجبات والمأمورات ” منتجات فعلية ” توصف بكونها أشياء محسوسة ذات منافع ملموسة.

والمحرمات وسائر المحظورات “عدم” لا توصف بكونها شئ لأنها لا ترى ولا تحس ومنافعها المحسوسة لا تتجسد إلا حين يكف الإنسان عندما تتوافر دواعيها ودوافع الكف نفسها إيمانية من قبيل المأمور أما ماعدا ذلك فالعبد فى حالة عدمية حيالها.

وبذا يكون “فعل المأمور” : أصل فى الدين ، “وترك المحظور”: فرع. والمأمورات لاحساب لها ولا عد أما المحظورات فمعدودة ومحددة ومفصلة “وقد فصل لكم ما حرم عليكم” والمتدينون فى الغالب يركزون على الفروع دون الأصول، والعدمية دون الإنتاجية، فنحن شعوب خاملة غير منتجة حتى فى الدين : كالعيس فى البيداء يقتلها الظمأ، والماء فوق ظهورها محمول .
الحسنات والسيئات مراتب ليست ذات ثقل واحد فى الميزان، وهنالك إشارات دالة وموقظة للعقول والألباب تحكى منهجاً معتدلاً.

حادثة ماعز الصحابى الذى أقر أمام النبى صلى الله عليه وسلم بأنه زنى : وفى المراجعة يقول له النبى : لعلك قبلت. يقول لا بل زنيت.
فيقول له لعلك حصنت : يقول لا بل زنيت
فيقول له لعلك ضاجعت : يقول لا بل زنيت
فيقول له لعلك فأخذت : يقول لا بل زنيت
المنهج يحدث عن مراتب ابتدأها النبى صلى الله عليه وسلم من أدنى إلى إعلا قبل أن يصل إلى الجريمة الحدية التى يصعب إثباتها بل ربما يستحيل إلا بالإعتراف الذى هو سيد الأدلة .كذلك قوله صلى الله عليه وسلم حينما سئل ” المؤمن يزنى ؟ قال :بلى . يسرق ؟ قال : بلى يشرب الخمر ؟ قال :بلى.يكذب ؟ قال : لا ” فالكذب أشد خطورة من الجرائم الحدية والشرك بالله أكبر الكبائر.

وهل هناك ضرر أشد وأنكى من الكذب الذى يضرب الأيمان فى أحشائه ويحوله إلى نفاق وينسف العدالة من جذورها، أنظروا إلى الجراح التى تخلفها شهادة الزور فى المحاكم، والرعية تفسد إذا بذر حكامها بينهم الريب والشكوك.
والعالم الغربى أفقه منا فى هذا المجال، وحادثة الرئيس الأمريكى كلينتون مع مونيكا لوينيسكى التى أدين فيها على الكذب بدافع التأثير على العدالة، بينما لم يأبه القضاء بالحادثة الجنسية كثيراً، أما نحن فقد شنعنا فعله الثانى ولم نكترث للكذبة…

والتدين عندنا مضطرب حسب نظرتنا للحسنات والسيئات بميزان تقاليد المجتمع وليس حقائق الدين فأن فرائصنا ترتعد إذا رأينا شارب خمر بينما يمارس الكذب ولربما الشرك فى حياتنا عادياً دون إمتعاض أو تشنيع وللأسف فأن البعض منا جعله وسيلة لكنز الأموال والكسب الحرام. وفى تدين المجتمعات التقليدى الأمر مقلوب تماماً، والحق أن المحظور والجريمة ذات الضرر المتعدى أخطر وأحرم من ذات الضرر اللازم الذى لايضر إلا صاحبه، وكلما كانت مساحة الضرر أكبر كلما كان المحظور أحرم.

المنافسة والتنافس تفاعل يثرى الفكرة والمنتج، وأسواق الأفكار والسلع تتسع وتزدهر بالكثرة والوفرة والجودة وكلها مكتسبات لا تتحقق إلا بالإندفاع نحو التنافس المثمر فى عالم البحوث والأكتشافات إلى أن يتوج بصناعات تحويلية مفيدة وصالحة ومسعدة للحياة. فالتقدم والتطور لكل شعب أو أمة لا يمكن أن يتحقق ما لم يفتح الباب مشرعاً للتنافس فى كل مجالات الحياة، وقد أنتبه غيرنا لأهمية هذا المبدأ الهادى فعكفوا عليه وأجادوا فيه فتحقق لهم التقدم والتفوق على الآخرين، وهل نحن نفتقر فى مرجعياتنا لهكذا مبادئ؟ الإجابة قطعاً لا “وفى ذلك فليتنافس المتنافسون” والجودة دائماً تتفوق على غيرها ” إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه”.

فالحرية أساس يبنى عليه النماء الفكرى والعملى فالتدين غير مقبول إذا كان منزوع الحرية والنبى منع من سلب حرية التدين حتى ينشأ خالصاً “أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين”، وهذا مبدأ يسرى على كأفة التصرفات فإغتصاب حرية التدين أشد من إغتصاب حرية الرأى والإجتهاد والإختيار والتملك للأموال والأعراض، والأنفس. وكذلك الإكرأهـ على فعل سائر المحرمات.فسلب الحريات قتل للأبداع وذبح للتطور ولا ننتظر من أمة مضطهدة أن تتقدم فى أى مجال إلا فى المساحات المأذون بها وما أقلها ، ولا نأمل فى عزة منها أو علو فى الأرض.

إذن ينبغى توفير بل وتقنين حرية الرأى والتعبير والتدين والتنظيم والتملك، وسائر الحريات.
والنأى عن الأرهاب الفكرى والإكراه العملى.
” لا إكراه فى الدين .قد تبين الرشد من الغى “
ولا خوف على الفكرة من الحوار فمضامينها أفعل فى الإقناع فالحق أبلج والباطل لجلج “بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ” الكلمة يجب أن تستند على الصدق بالتحرى والإستيثاق عبر نقلة مؤتمنين، وحذارى من الإثارة بالكذب والتشهير من أجل كسب المال ” وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون”
وليس كل مايعلم يقال ” كفى بالمرء أثماً أن يحدث بكل ما سمع “

وكشف العورات أولى منه سترها “لسانك لاتذكر به عورة إمرئ فكلك عورات وللناس ألسن”
والذين أبتكروا الصحافة جعلوا غاياتها “الحط من قدر الشخصيات الأتوقراطية” والأصل عندنا “أقيلوا ذوى الهيئات عثراتهم”.

والتنبيه إلى الأخطاء وتقويمها ينبغى أن يكون بالتى هى أحسن لأنه أمر بمعروف ونهى عن منكر “فليكن أمرك بالمعروف معروفاً ونهيك عن المنكر بغير منكر” الإنتاج الثقافى فى مجالاته المصطلح عليها محدود وفقير الترويج،وهنا تعتقل الأمة لخلافات حول تصاوير أو بعض معزوفات أو أدوار درامية وتتراجع بسبب ترجيح البعض لخيارات فقهية إجتهادية تقبل الرأى والرأى الآخر وبسبب ذلك يفسح المجال واسعاً لآلة إعلامية ومؤسسات إنتاج مثل هوليود وبوليود لإنتاج ملايين الأفلام والمسلسلات لكل الفئات وفى شتى المجالات تملأ الفراغ بجودة عرض وسموم لاقبل للأمة بها بل يخرج علينا سؤال كبير فى إحدى المجلات الغربية world the Change Can holy wood
والإجابة كانت نعم،

ولنا أن نسأل أنفسنا كم ننتج نحن وكم نسبة ما ننشره عبر وسائل إعلامنا فضلاً عن وسائل غيرنا، أنها معادلة غير متكافئه لايرجى معها قلب الطأولة والحلم بالتفوق قريباً إلا إذا تحرر العقل الإسلامى مما يقيد به نفسه من آصار وأغلال رفعها الله عنه مسبقاً بقوله”ماجعل عليكم فى الدين من حرج” “فإتقوا الله ما إستطعتم “وهل المنتج المحلى يغنى فى الإقناع والإمتاع ؟ الإجابة معلومة لذا هربت أجيالنا وعزفت عن منتجاتنا وإستوردت المنتج الخارجى الموفور بكثافة ويصل إلينا عبر الفضاء دون عناء.

أن مضاهاة خلق الله لهو صناعة ماتباهى به الصانع بأن قدراته فى الخلق مثل صنع الله أو أنه أوتيه عن علم مستقل عن تعليم الله له كما قال قارون “أنما أوتيته على علم عندى”.فالإستنان بسنة الله فى تكوين وإنشاء مخلوقاته على النسق البديع يعد أكبر عامل ساعد الإنسان على الإستغلال الأمثل بالمحاكأة والتشبيه فى إبتكار وتجويد الصناعات المختلفة على ذات النسق الذى خلقه الله.وهو إكتشاف لأسرار صنع الله فى الكون والحياة.

أما إذا كانت الصناعات التى بنيت على دراسات للصفات الفيزيائية لمخلوقات الله فليس هذا أمر محرم فكل وسائل النقل كالطائرات والقاطرات والحاملات والناقلات وغيرها أساسها محاكآة للمخلوقات الأصلية بعد إجراء دراسات علمية للتركيب الهندسى ووظائف أعضاءئها بطريقة تناسبية فى الأحجام والطول والعرض والإرتفاع والإنخفاض،

وسرعة الحركة وبطئها ومراحلها فى السير والتوقف، والهبوط والإقلاع، والأصوات المصاحبة لها.إعتماداً على سنن الله فى خلقه فهلا أطلقنا العنان لأبنائنا وأجيالنا يتنافسون فى الطاعات والبحوث والدراسات والإكتشافات العلمية والفنون والرياضات والصناعات وغزو الفضاء وسائر مجالات الحياة تتكتل وتنتظم وتتنافس بشرف ورشد وإخلاص دونما حسد مهلك أو ضرر مفسد .

وفى المال والإقتصاد التأكيد على حرية التملك والتجارة وضبط الأسواق والمعاملات المالية بتبادل المنافع والبيع المثلي ومكافحة كل ما يؤدى إلى الإضرار ومحق البركة كالربا وتطفيف الكيل والميزان وأكل أموال الناس بالباطل ونهب الأموال العامة والخاصة.

وتكتفى الدولة بعد أن تفتح حرية السوق وتوفر المناخ لإزدهار ووفرة السلع وجودتها التنافسية أن تأخذ نصيباً مشروعاً لتسيير أعمال الدولة وحماية أهلها وإدارة شئونهم عبر خزانة المال ذات المصادر المتكونة من الزكاة والصدقات والأوقاف والغنائم ومعادن باطن الأرض وما تفرضه الدولة على المال من رسوم وضرائب وجمارك على قاعدة ”

إن فى المال شيئاً سوى الزكاة” وتنفق هذه الأموال برشد وأمانة على مستحقيها، ويقدم فى العطاء صاحب النفع المتعدى مثل (وفى سبيل الله)، (والعاملين عليها) على بقية مستحقى المصارف فى الزكاة وهذه قاعدة فى كأفة مصارف الأموال، ويكون ذلك بصورة راتبة أوحسب الحاجة.
“فى سبيل الله” القائمون على الحماية والتأمين (الخدمة العسكرية والأمنية)
“والعاملين عليها” القائمون على جبابة الزكاة والضرائب “الخدمة المدنية”.

فإذا كان الأمر إعطاؤهم منها بصورة غير راتبه فليس هناك ما يمنع أن يكون راتباً كأجر أساسى أو إضافى. وإعطاء العامل كفايته عاصم له من خيانة المال العام كما قال الخليفة عمر بن عبد العزيز لما رفع أجور العاملين فى الدولة إلى مائتى ديناراً :”أردت أن أغنيهم عن الخيانة”.
إدارة شئون العباد من أعظم القربات إلى الله ولايضطلع بها إلا من تحلى بالصبر واليقين “وجعلناهم ائمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانو بأياتنا يوقنون”

والشده والسماحة أمر لازم لسياسة البشر وقياداتهم” أنا الضحوك القتال”وإذا لم تتوفر الصفتان في الحاكم فإن الشأن يكمل بنائب يحمل أحدى الصفتيين المكملتين.فكملتا بعمر بن الخطاب لأبي بكر الصديق لما كان ليناً وكذلك بعلي بن ابي طالب لعثمان أيضاً لما كان ليناً وكمل عمر بعثمان لما كان شديداً.الشجاعة والكرم فطرية كانت أم مكتسبة لازمة للقائد وقد عزل النبي عليه الصلاة والسلام زعيم قوم وولى غيره لسبب بخله وقال ” إن السيد لايكون بخيلاً “.

السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية كانت مجتمعة فى شخصه صلى الله عليه وسلم بغرض إثبات النموذج العملى، ولكن لما إتسعت دائرة الدولة. أناب عنه أبى بكر وعمر فى التنفيذ والقضاء، أما فى التشريع فكان يستشير كل صحابته فى النوازل التى يتأخر فيها الوحى.ولما ولى سيدنا أبوبكر الخلافة تولى عمر القضاء ، ولما توسعت الدولة جغرافياً بعد الفتوحات تأسس النظام اللامركزى فى الدولة فوزعت إلى أقاليم وأمصار.

وإختيار الإمام والخليفة فى العهد الراشدى تم بطريقتين الأولى كان مباشراً من الأمة عند إختيار أبى بكر الصديق فى السقيفة وتكرر بشكل تنافسى عند إختيار عثمان أبن عفان حينما نافسه على بن أبىكما تم الإختيار عبر أهل الحل والعقد وكان ذلك فى تولية سيدنا عمر ، وتكرر ذات المشهد حين تم تنصيب سيدنا على.

وأهل الحل والعقد هم القادة المتبوعون أياً كانت القطاعات التى ينتسبون إليها، وبالتالى فأن الإختيار المباشر أشبه بالنظام الرئاسى والإختيار عبر أهل الحل والعقد أشبه بالنظام البرلمانى، وأما التنافس عبر الإنتخابات فكان مثاله ما حصل بين على وعثمان وترجح فوز عثمان على على بن أبى طالب وأما نظم الإدارة والحكم وتنظيم الجيوش وفنون الحرب فقد إستفاد الصحابة والخلفاء من التجارب الإنسانية فى وقتها إمبراطوريتى الفرس والروم

وهذا يؤكد أن ما ينفع الأمة مما تنتجه عقول البشر يلزم الإستفادة منه بغض النظر عن إختلاف الأديان مادام أن الدنيا أولى بها المؤمن وليست هى سجنه كما يحكى ” الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ” إنما الصحيح ” قل من حرم زينة الله التى أخرج لعبادة والطيبات من الرزق قل هى للذين امنوا فى الحياة الدنيا” وأما الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة فهى زينة المؤمن التى بها يجذب غيرهـ إليه، وهى أكبر وسيلة للترويج والتسويق للفكرة ” أنكم لا تسعون الناس بأموالكم، ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق “.

وهنا الفشل الآخر الذى يقعدنا عن حسن الأرشاد والترويج ويمتد ذلك إلى سائر منتجاتنا فى الحياة فثروتنا كبيرة وبلداننا غنية لكننا فقراء الخلق المروج المسوق الجاذب لسلعتنا الغالية ” ألا أن سلعة الله غالية فصلة ذوى القربى وموالاة ومناصرة أخوة الإيمان، وحسن الجوار مع الجار ذى القربى والجار الأجنبى ديناً أو عنصراً، والتحالف مع الأقرب، والمعاداة وقطع العلاقات مع المعتدى كلها مطلوبات .

لكن يبقى الهدى أن نتعامل بالحسنى ونجنح للسلم مع الكل وإنتهاج الحوار سبيلاً للإقناع وإيصال الحجة والفكرة ، والتعاون على البر والتقوى ، وتبادل المنافع والمصالح حسب مقتضيات وضرورات الحياة فى سوح المعارف والإكتشافات فى المجالات الإنسانية والطبيعية، كافة .

وهنا يأتى تقدير الموقف قوة وضعفاً حسب التقدم والتأخر فى كل مجال بحسبه ، وموازين القوة عموماً مختله ، فنحن نقع فى منطقة الضغط المنخفض ، وفى مثل هذه الحالات تحتاج الأمة لأعمال الموازنات الشرعية التى تعتمد أساساً على سنة الله فى التشريع والذى بنى على ما يحقق مصالح العباد ودفع الضرر عنهم بحسب الإمكان ، فكل ماأمر الله به فى الأصل منفعته للعبد راجحة ، وكل ما نهاه عنه مضرته راجحه ومناط التكليف مبنى على العلم والقدرة ،

فمن لم يعلم غير مكلف ومن علم ولم يستطع التنفيذ أيضاً مغفور له ” فمن أضطر غير باغ ولا عاد فلا أثم عليه “وإنتفاء الأثم لا يعنى رفع الحكم الأصلى نهائياً وإنما إنتقالياً إلى أن تتوفر الظروف الملائمة لتنفيذه ، وهنا تكمن سعة الدين ” ماجعل عليكم فى الدين من حرج ” و “فأتقوا الله ما أستطعتم” وعندئذ قد يندرج أحياناً المحبوب فى المبغوض فيصبح الواجب حراماً أو المبغوض فى المحبوب فيصير الحرام واجباً ، إذا ترتب على فعله مصلحة راجحة وهنا تكمن طواعية الدين ومرونته دون حرج ،

ولكن يبقى التحدى أمامنا هو سعة الفقه وتغيير ما بالأنفس للتعامل مع تقلبات الزمان والمكان بما يناسبها. ” فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بإنفسهم “.

ويحكى عن الشعب الأمريكى أنه يكثر التنقل، فالأمريكى يتنقل من دين إلى دين ومن مذهب إلى مذهب، ومن مهنة إلى مهنة، ومن ولاية إلى ولاية، وهو دائم الحركة ويحس بها حتى وهو نائم .

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد