الأخبار

عبد الحميد عوض يكتب: السودان … حركات الكومبارس .. زيف الشعارات والوقاحة السياسية !!

59
عبد الحميد عوض يكتب : السودان… حركات الكومبارس

أثناء حكم الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، نشأت العشرات من حركات التمرد التي اختارت السلاح كوسيلة لإسقاط النظام، وإنهاء الظُلمات التاريخية والتهميش التنموي والسياسي لعدد من مناطق السودان. كما وضعت تلك الحركات من بين مواثيقها، مبادئ قومية، كالإيمان بالنظام الديمقراطي المدني كنظام يصلح لإدارة البلاد، في مقابل أنظمة عسكرية أذاقت مناطق الهامش وكل البلاد الويل والثبور، ومارست الطغيان وارتكبت كما في حالة نظام البشير، الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، خصوصاً في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.

طوال ثلاثين عاماً من حكم البشير، فشلت تلك الحركات في إسقاطه، ولم تسيطر إلا على النذر اليسير من المناطق على الأطراف، وانحرفت عن الكثير من أهدافها ومبادئها، وارتزق بعضها في الحرب في ليبيا. كما أنها عجزت عن الاحتفاظ بتماسكها الداخلي، وتناسلت لدرجة عدم استطاعة الغالبية التفريق بينها. وتحت الضعف والهوان، انضم عدد منها للنظام باتفاقيات سلام لم تُنجز سوى توفير وظائف ومناصب هامشية لقادتها.

في ديسمبر/كانون الأول 2018، اندلعت الثورة بوسائلها المدنية السلمية؛ من تظاهر ومواكب وعصيان ووقفات احتجاجية وإضرابات سياسية، ونجحت تلك الأدوات في ما فشلت فيه البنادق، وذلك في ظرف 5 أشهر فقط وسقط النظام.

منذ اللحظة الأولى، عمدت حركات التمرد إلى عرقلة التفاوض الخاص بالتأسيس للفترة الانتقالية ونفضت يدها عن تحالف “الحرية والتغيير”، وفتحت بقوة دفع خارجية، حواراً مستقلاً مع العسكر، طمعاً في قسمة منفردة للسلطة بينها وبين العسكر الذين كانوا لوقت قريب هم ألدّ أعداء هذه الحركات. لكن تلك التوجهات أحبطها الحراك الثوري ما بعد سقوط البشير.

في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2020، وقّعت مجموعة من حركات التمرد اتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية، أداره بصورة واضحة المكوّن العسكري في السلطة الانتقالية. وأثبتت الأيام أن ذلك الاتفاق ما هو إلا جزء من مخطط كامل ومدروس للانقضاض على السلطة والثورة والثروة ينتهي بإزاحة بقية القوى عن المشهد كلياً.

لم تأبه تلك الحركات بعد مشاركتها في السلطة الانتقالية في مجلس السيادة وفي حكومة عبد الله حمدوك لتنفيذ بنود اتفاقاتها، ولم تهتم بالمناطق التي تدعي وتزعم تمثيلها، تلك المناطق التي لم يتوقف فيها سفك الدماء.

إذ كان كل همها ومبتغاها هو تنفيذ أجندة العسكر، وقد تحوّلت إلى كومبارس لعرقلة التحوّل المدني الديمقراطي، وافتعال المشكلات داخل الحكومة أو داخل تحالف “الحرية والتغيير” الذي انشقت عنه في سبتمبر/أيلول 2021 لتكوين تحالف جديد كجزء من الخطة الانقلابية التي استدعت العسكر عياناً بياناً لاستلام السلطة وقد كان…
في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقع انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وسرعان ما هرولت بعض الحركات إلى تأييده والاستماتة في الدفاع عنه، فيما عارضته 3 حركات أخرى لكنها قبلت الاستمرار في مناصبها.

قمة الوقاحة السياسية ظهرت من خلال تصريحات نسبت لمالك عقار رئيس “الحركة الشعبية شمال” وعضو مجلس السيادة الانقلابي، حينما رفض الاعتراف بالثورة، وعدّ مواكبها مجرد فوضى وإرهاب للدولة، وزعم كذباً بأن من يقومون بها هم أطفال مكانهم ميادين اللعب واللهو ومدارس التعليم.

علماً أن أولئك “الأطفال العظام” هم وحدهم من انتقموا لعقار نفسه بعد أن طرده النظام السابق بقوة السلاح من منصب والي ولاية النيل الأزرق الذي حاز عليه بالانتخاب، فأعادته “ثورة الفوضى أو فوضى الثورة”، حسب ما يريد، لمنصب سيادي بلا انتخابات.

خلاصة ممارسة بعض حركات التمرد السودانية تكشف زيف الشعارات والوقاحة السياسية.

نقلا عن العربي الجديد

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد