الأخبار

لماذا غبت عنكم ليومين ؟!

54

لماذا غبت عنكم ليومين ؟!

جعفر عباس


انطلقت بي الطائرة من الدوحة الى جدة في الثانية والنصف عصرا يوم السبت الماضي، وفور الجلوس في مقعدي، وكعادتي عند السفر أخرجت أوراق لعبة السودوكو واندمجت في الحل، ثم انتبهت الى ان السيدة الحسناء التي تجلس على يساري تنظر الى كثيرا وعلى وجهها ابتسامة كبيرة، ولم أبادلها الحديث، ورغم هذا حافظت على ابتسامتها كلما نظرت اليها
ووصلنا جدة فإذا بتلك السيدة ترافقني حتى الفندق، ثم تدخل معي نفس الغرفة، عندئذ أدركت انها ام الجعافر وام العيال وكانت الابتسامة تعلو وجهها لأننا كنا بصدد التوجه الى مكة المكرمة لأداء العمرة بعد قضاء ليلة واحدة في جدة


ومنذ صباح الأحد 5 فبراير ونحن في مكة، وقد انضمت الينا ام طارق زوجة ولدي غسان قادمة من الرياض وفرغنا من أداء العمرة، وطوال ساعات وام الجعافر تتغزل بمحاسني، خاصة أنني استأجرت غرفة في فندق يطل على الحرم مباشرة، ولهذا صارت تعتبرني سيد الرجالة، لأن الصلاة فيها تكون مع إمام الحرم وبنفس ثواب الصلاة في صحن المسجد الحرام، ورغم ان هذه هي المرة الرابعة التي نؤدي فيها انا وهي العمرة إلا أن الجلوس والوقوف والرقاد مع إطلالة على الحرم جعل ام الجعافر تغفر لي ما تقدم من أخطائي على أمل ان لا تتكرر”


في أول عمرة لنا كان معنا سائق لبناني شاب زعم انه اعتمر سبع مرات فسألته عن شعائر العمرة فقال: توقف عند ركن الكعبة وتبرم خمس او ست مرات، فقلت له: واعتمرت سبع مرات؟ هههه، وكان معي جميع افراد عائلتي وكان لؤي وقتها ابن سبع سنوات وفور الوقوف قبالة الحجر الأسود رفع قبضة يده اليمنى الى أعلى وقال: This is the best day of my life
فانفجرت ضاحكا فصاح رجل كان يطوف بالقرب مني: اللغات كلها من عند الله والولد قال ان هذا أفضل يوم في حياته وفي هذا حمد وشكر، فقلت للؤي مبروك لقيت محامي متطوع


تجولت بالأمس في محيط الحرم وتذكرت النقطة التي التقيت فيها بالحبيب الراحل محمد الحسن سالم حميد الذي كان وقتها في زيارة أخيه في مكة، وتذكرت صديقي الراحل الدكتور محمد علي موسى الذي وقف قبالة الكعب وفكر في ان يدعو لأهل السودان وقال: يا شعبا لهبك ثوريتك تلقى مرادك والفي نيتك بإذن الله

في عمرتنا الثالثة بدأنا السعي بين الصفا والمروة وفي نحو الشوط الرابع أحسست بالتعب بينما واصلت ام الجعافر المشي بثبات ف”زوغت” منها واستأجرت كرسيا مدولبا وأكلمت السعي، وتعرضت لشماتة أبله ظاظا، وتذكرت صاحبنا اللبناني الذي سأل عن السر في السعي بين جبلي الصفا والمروة، وعرف كيف ان السيدة هاجر راحت وجاءت بين الجبلين طلبا للماء لرضيعها إسماعيل عليه السلام، فصاح اللبناني: منيح اللي ما راحت جده، فقلت في سري: يا ربي منو النص ديانة؟ النوبيين وللا اللبنانيين


المهم اعتزم البقاء في مكة حتى عصر الغد وسأدعو لكم بالجملة بالنجاح والفلاح، وبراحة البال وصلاح الحال وحسن الفأل والرزق الحلال الذي يأتي ب”بعض” المال، ولو عند أي واحد منكم دعاء بصيغة محددة أعدكم بأن اقف امام الكعبة وأتلوه ب”الإسم”
والحمد لله بوست اليوم لن يفتح المجال أمام ذوي الألسن الطويلة

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد