الأخبار

لمحات من تاريخ قطاع الاتصالات ونقاط التحول الكبيرة فى قطاع الاتصالات في السودان

305

▪️محمد شريف – من الأسافير

▪️لمحات من تاريخ قطاع الاتصالات ونقاط التحول الكبيرة فى قطاع الاتصالات في السودان – منشور فى يناير 2018 م

▪️ بيع سوداتل لأسهمها في موبيتل ( زين حاليا ) ( 1 ):

فى العام ٢٠٠٥ قام رجل الاعمال محمد فتحى ( سوداني الأصل بريطاني الجنسية ) ببيع اسهم شركته سيل تل Celtel التى كانت تعمل فى 14 دولة افريقيه كشركة اتصالات ( موبايل ) الى شركه الاتصالات المتنقلة MTC الكويتية ( زين لاحقا) تقريبا بمبلغ 3.4 مليار دولار ( 2.84 مليار دولار تُدفع حالا و 475 مليون تُدفع بعد عام ) وكان من بين الشركات التى باعتها سيل تل نصيبها فى شركه موبيتل السودان والذى كان ٣٩٪؜ وكان النصيب الاخر فى موبيتل لسوداتل (٦١٪؜). وكانت استراتيجية شركه الاتصالات المتنقلة MTC تقتضى ان تمتلك كل اسهم المشغلين الذين تمتلك فيهم اسهم أو على الأقل اغلبيه الأسهم.

فى نفس العام 2005 كانت سوداتل نفسها (مشغل الهاتف الثابت) قد أتمت نشر تغطيه شبكه الCDMA فى كل أنحاء السودان وذلك لاستخدامها فى الاتصالات الثابته (Fixed Telecom) بدلا من التوصيل السلكي وكانت هذه الشبكه مستعده للعمل كشبكة موبايل بتغيير طفيف فى البرمجيات المشغله للشبكه.

و في 2005 أيضا كانت أريبا ( MTN لاحقا ) قد دخلت فى عامها الأول من التشغيل بعد حصولها على رخصه المشغل الثانى للموبايل في العام 2003 بعد دفعها ١٨٠ مليون دولار كقيمة للرخصه مع حصريه تمنع دخول مشغل ثالث للموبايل حتى العام ٢٠٠٨ ( خمس سنوات من ٢٠٠٣ تاريخ الفوز بالرخصة من الهيئه القوميه للاتصالات الجهه ألمنظمه لقطاع الاتصالات).
وكانت تغطية موبيتل في ذلك الوقت تتم بواسطة ٢٥٩ محطه لاسلكية ( BTS) ولديها تقريبا مليون ومائه الف مشترك.

بعد شراء MTC لنصيب celtel دخلت MTC فى مفاوضات مباشره لشراء نصيب سوداتل فى موبيتل (٦١٪؜) وذلك بواسطة سعد البراك الرئيس التنفيذي لمجموعه MTC ( زين لاحقا ) الكويتية وكان رد م. عماد الدين حسين مدير سوداتل ورئيس مجلس اداره موبيتل ان سوداتل أيضا لديها الرغبه فى شراء نصيب MTC(٣٩٪؜) فى موبيتل وان سوداتل لم تعرض نصيبها للبيع. وكانت MTC فى ذلك الوقت متعطشه للشراء والتوسع فقامت بالضغط عن طريق الحكومه الكويتية وصناديق التمويل الكويتية على الحكومه السودانيه لاقناع سوداتل بالبيع فقام وزير الماليه آنذاك د. الزبير احمد الحسن باستدعاء د. احمد المجذوب ( وزير الدولة بالمالية ورئيس مجلس اداره سوداتل، الحكومه تمتلك ٢١٪؜ من سوداتل ) و م. عماد حسين وطلب منهم الدخول فى مفاوضات لبيع نصيب سوداتل فى موبيتل. وكان طلب م. عماد حسين ان يترك لهم طريقه المفاوضات والتقييم وأن يتم ضمان رخصة موبايل لسوداتل بعد بيع موبيتل.

بصفه عامه أكثر ٣ طرق عامه مستخدمة لتقييم الشركات عند التفاوض لبيعها أو شراءها هى ( Discounted cash flow DCF) أو طريقة Net income/ operating income price multiple أو طريقة ( the liquidation method) . ولكل من هذه الطرق تعريف ووضع وحالة يمكن استخدامها فيه وفقا لاعتبارات مختلفة. ولكن كل هذه الطرق كانت ستنتج قيمه منخفضة لموبيتل نسبه لصغر حجمها فى ذلك الوقت من ناحيه الأصول ومن ناحيه الأرباح التشغيلية والصافيه ( ٢٥٩ محطه لاسلكية، مليون ومائه الف مشترك، …) ولذلك عرضت سوداتل ان يتم تقييم الشركة بحساب قيمة المشترك وحساب قيمته المستقبليه حتى نهايه عمر رخصة موبيتل وتم الوصول الى تقييم للمشترك تقريبا ب 1800 دولار للمشترك ( الدولار كان يساوي 2.2 جنيه في ذلك الوقت ).
وبذلك أصبحت القيمة الكلية للشركة ٢،١ مليار دولار وقيمه ٦١٪؜ منها تساوى مليار وثلاثمائة مليون دولار ( ١,٣٠٠,٠٠٠,٠٠٠) وهى القيمه التى باعت بها سوداتل نصيبها فى موبيتل كأكبر قيمة بيع لشركة سودانية في التاريخ الحديث وانتهت هذه المفاوضات في الربع الأول من العام 2006.

في المقال القادم نواصل ان شاء الله عن وضع قطاع الإتصالات بعد البيع وأثر ال 1.3 مليار دولار علي القطاع والاقتصاد السوداني.

لمحات من تاريخ قطاع تاريخ الاتصالات ونقاط التحول الكبيرة في قطاع الاتصالات في السودان:

بيع سوداتل لأسهمها في موبيتل ( زين حاليا ) (2):

وضع القطاع وبالذات من ناحية الرخص بعد بيع سوداتل لأسهمها في موبيتل (2005 – 2006) يتطلب أن نوضح وضع القطاع بالذات من ناحية الرخص قبل البيع( الفترة الزمنية التي نتحدث عنها ما بين 1993 حتي 2006) حتي يتبين لنا التغيير الذي حدث بعد البيع في الرخص وبالتالي هيكلة القطاع.

اللاعبون الأساسيون المؤثرون في قطاع الأتصالات هم سبعة. ثلاثة جهات حكومية وهي وزارة الأتصالات ووزارة المالية والجهاز التنظيمي وهو الهيئة القومية للأتصالات وأربع جهات خاصة وهي شركات الاتصالات الاربع سوداتل وموبيتل (زين لاحقا) وأريبا (لاحقا MTN ) وكنار. سوف نستعرض تعريف وتاريخ كل منهم (ما عدا وزارة المالية ووزارة الاتصالات*) وذلك بحسب التسلسل الزمني لنشأة كل منهم.

1) سوداتل : شركة مساهمة عامة نتجت عن خصخصة المؤسسة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية في العام 1993. ورثت سوداتل كل صلاحيات المؤسسة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية ( ضمنا )من حيث الترخيص بالعمل في كل مجالات الأتصالات السلكية واللاسلكية الثابتة والمتحركة والالياف الضوئية (بين المدن وحتي التوصيل الي المنازل والمؤسسات) والبوابة العالمية للحركة العالمية والاقمار الصناعية والكوابل البحرية. حتي تاريخ البيع لأسهم سودانل في موبيتل لم تكن هناك اي اتفاقية ترخيص (رخصة )مكتوبة بين سوداتل والحكومة سواء وزارة النقل والاتصالات (اصبحت الاعلام والاتصالات ثم اصبحت اخيرا وزارة الاتصالات ) أو الهيئة القومية للاتصالات وأنما تاخذ تصاديق للعمل من وزارة النقل والاتصالات حتي تم أنشاء الهيئة القومية للاتصالات في عام 2001 بموجب قانون الاتصالات للعام 2001. للحكومة (ممثلة في وزارة المالية )أسهم في سوداتل حتي بعد الخصخصة بدأت ب 67% وتقلصت حتي 21%. بقية الاسهم موزعة بين جهات حكومية اخري وجهات خاصة وأفراد يبلغ عددهم تقريبا 10,000 مساهم نتجوا عن خمسة اكتتابات للاسهم في الفترة ما بين 1993 و2006 ويتقاسمون عدد أسهم تقريبا مليار ومائة مليون سهم. مدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية. قامت بتوصيل تقريبا 750الف منزل بالهواتف الثابتة حتي العام 2003.

2) موبيتل (زين حاليا ) : بدأت كمشروع للهاتف السيار من داخل سوداتل في العام 1996 وكان مدير سوداتل في ذلك الحين د. عز الدين كامل امين وكان مدير المشروع داخل سوداتل م. أبراهيم عيسي البيقاوي ثم اللواء أحمد عثمان وكانت تاخذ تصاديقها للترددات والعمل من وزارة النقل والاتصالات في ذلك الوقت. بعد ذلك قامت سوداتل بتحويلها الي شركة وبمجلس ادارة مع احتفاظها بنسبة الاغلبية في اغلب الأحيان وبيع الجزء الباقي من الاسهم لأخرين من ضمنهم صلاح ادريس ثم محمد فتحي (مالك سيل تل celtel التي كانت تعمل في 14 دولة من ضمنها نيجيريا وكينيا ويوغندا وتنزانيا الكونغو وتشاد وزامبيا …) ثم مجموعة الاتصالات المتنقلة الكويتية MTC (زين لاحقا ). طوال هذه الفترة 1996 حتي 2005 لم تكن هناك رخصة مكتوبة وموقع عليها بين الحكومة وموبيتل باعتبار انها ولدت من داخل سوداتل ( وهذه النقطة تحديدا سنتطرق اليها بشئ من التفصيل لاحقا لأنه دار حولها جدل عنيف وحولها احداث كثيرة). كانت موبيتل تستخدم تقنية GSM 2G للهاتف السيار او الموبايل. وكما ذكرنا في المقال السابق اخر تركيبة للمساهمين في موبيتل قبل البيع اصبحت سوداتل 61% و MTC 39% بعد شرائها نصيب Celtel. منذ العام 2004 اصبحت موبيتل تدفع في العام ما يسمي ب Return On Net Assets RONA للهيئة القومية للإتصالات وهو للتبسيط رسم سنوي ما قيمته 11% من صافي الأصول لصندوق دعم المعلوماتية. وهذا الاتفاق تم بين مدير الهيئة م. الطيب مصطفى ورئيس مجلس إدارة موبيتل م. عماد حسين واستاذ عبد الباسط سبدرات وزير الإعلام والاتصالات.

3) الهيئة القومية للأتصالات NTC : أُنشأت الهيئة القومية للاتصالات في عام 2001 ( أي بعد 8 أعوام من إنشاء سوداتل و5 أعوام من إنشاء موبيتل ) بموجب قانون الاتصالات للعام 2001. وهي الجهاز التنظيمي المنوط به تنظيم القطاع وفتح المنافسة واعطاء الرخص للعمل في مجال الاتصالات والمراقبة للقطاع. اول مدير للهيئة تقريبا كان الفريق محمد عمر ثم خلفه في العام 2001 م. الطيب مصطفي. وكان من اول ما بدأت الهيئة التفكيربه هو فتح منافسة الهاتف السيار وكان ذلك فعلا في عام 2002 – 2003 بطرح عطاء رخصة الهاتف السيار الثانية.

4) أريبا ( MTN حاليا ): هي الشركة التي فازت برخصة الهاتف السيار الثانية ( فقط GSM 2G ) في عام 2003 بعد عطاء كانت هي فيه الثانية من الناحية الفنية والاولي من ناحية العرض المالي 180 مليون دولار. وكانت الرخصة قد منحت مشروطة للاول فنيا شركة سبأ فون اليمنية (حميد الاحمر) وشريكه المحلي أشراف كوم (جمال زمقان ) والذين كان عرضهم المالي 80 مليون دولار وكان شرط الهيئة ان تدفع سبأفون نفس مبلغ عرض أريبا في خلال شهر واحد. ولما لم تدفع سبأ فون المبلغ في المهلة الممنوحة لها تم سحب الرخصة منها ومنحها لأريبا وشريكها المحلي لاري كوم (عبد الباسط حمزة) بنفس الشرط وقامت أريبا بتوريد المبلغ في الوقت المحدد وبذلك اصبحت المشغل الثاني للهاتف السيار. وكانت هذه هي المرة الاولي التي توقع فيها الهيئة القومية للاتصالات ومديرها في ذلك الوقت م. الطيب مصطفي رخصة ( اي اتفاقية متكاملة الاركان من الامتيازات الممنوحة والحقوق والالتزامات و الخدمات المسموح بتقديمها والتقنيات التي يمكن استخدامها لتقديم تلك الخدمات والترددات الممنوحة للمشغل وسعر الرخصة الخ..). وكان من ضمن الأمتيازات الممنوحة لأريبا حصرية السوق بمعني ألاّ يتم ادخال منافس ثالث في مجال الهاتف السيار لمدة 5 سنوات من تاريخ التوقيع وهو العام 2003.

5) شركة كنار : فازت بعطاء الرخصة الثانية للاتصالات الثابتة في العام 2005 ودفعت مبلغ 45 مليون دولار كقيمة لهذه الرخصة. الرخصة الممنوحة تشمل الهاتف الثابت والبوابة العالمية للمكالمات العالمية والانترنت والربط مع كوابل الالياف الضوئية البحرية والارضية وخدمات الالياف الضوئية للمؤسسات. مدة الترخيص 15 سنة.

كان هذا هو الوضع باختصار واجمالا قبل بيع سوداتل لأسهمها في موبيتل. الان سنتعرض بعض الاحداث في الفترة ما بين أبريل 2005 تاريخ شراء MTC لاسهم Celtel 39% في موبيتل وفبراير 2006 تاريخ شراء MTC لاسهم سوداتل 61% في موبيتل. اول ما بدأت به MTC بعد شرائها لاسهم Celtel محاولة اثبات أن الترخيص الذي تعمل به موبيتل في مجال الهاتف السيار ( فقط GSM 2G ) ليس ترخيصا مملوكا لسوداتل ( اي ان موبيتل لا تعمل تحت غطاء ومظلة ترخيص سوداتل الموروث من الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية بعد الخصخصة) وانما هو ترخيص ملك لموبيتل كشركة منفصلة تماما عن سوداتل. وبالطبع كان رأي سوداتل مخالفا تماما لموقف MTC . فقامت MTC بتصعيد الموقف لمدير الهيئة القومية للاتصالات م. الطيب مصطفي الذي وقف مع MTC وقام باصدار خطاب لموبيتل يؤكد فيه أن الترخيص ملك لها كشركة قائمة بذاتها. ولكن موبيتل قامت بارسال خطاب مضاد للهيئة القومية للاتصالات بتوقيع م. عماد حسين مدير سوداتل ورئيس مجلس ادارة موبيتل بصفته رئيس لمجلس ادارة موبيتل( لان الاغلبية الميكانيكية في صالحه 61% مقابل 39% ل MTC ) مفاده أن موبيتل تعمل برخصة سوداتل العامة الموروثة ضمنا. بل قامت سوداتل بتصعيد الامر الي وزارةالاعلام والاتصالات وكان الوزير انذاك الاستاذ عبد الباسط سبدرات وكان موقف الوزارة مساندا لسوداتل وضد موقف الهيئة الامر لم يرتضه م. الطيب مصطفي ووقام بتقديم استقالته تقريبا في يوليو 2005 وتم تكليف م. صديق ابراهيم مديرا مكلفا للهيئة بعده.

ولذلك بعد عملية بيع سوداتل لنصيبها في موبيتل ل MTC كان لا بد للهيئة من ان تعمد الي توفيق اوضاع المشغلين خصوصا ان واحدة من شروط سوداتل للحكومة لاتمام عملية البيع ان يسمح لها بالعمل كهاتف سيّار وهو ما وافقت عليه الحكومة وعليه تمت صفقة البيع التي تحدثنا عنها في المقال السابق.

وتوفيق الاوضاع (هناك من يري طبعا من المهتمين بشان الاتصالات يري ان هذا التوفيق جزئ وليس كلي) تم كالاتي في فبراير 2006:

1) سوداتل: مع عملية البيع منحت سوداتل رخصة عامة مكتوبة وموقع عليها بين الهيئة القومية للاتصالات وسوداتل وفيها السماح لسوداتل بالعمل في مجال الهاتف السيار مقابل دفع مبلغ تقريبا 300 مليون دولار( منها 265 مليون دولار قيمة للرخصة و 35 مليون دولار دفعت للهيئة التي دفتعها بدورها لأريبا كشرط جزائي لكسر حصرية الخمس سنوات الممنوحة لها في رخصة الهاتف السيار الثانية). سوداتل هذا المبلغ من قيمة بيع اسهمها في موبيتل. سوداتل اطلقت خدمتها للهاتف السيار تحت اسم (سوداني ) في شهر مايو 2006.

2) موبيتل : مع عملية البيع وقعت موبيتل تحت ملكيتها الجديدة ل MTC رخصة للهاتف السيار ( فقط 2G GSM ) وقامت بترفيع هذه الرخصة في العام 2007 لتشمل ( الجيل الثالث والبوابة العالمية للمكالمات العالمية والانترنت والربط بالالياف الضوئية وتمديد مدة الرخصة الي 2029 ) ودفعت موبيتل MTC مقابل ذلك للهيئة 230 مليون يورو.

3) أريبا : تلقت اريبا مبلغ الشرط الجزائي كما تلقت ترفيعا لرخصتها لتشمل ( الجيل الثالث والبوابة العالمية للمكالمات العالمية والانترنت والربط بالالياف الضوئية ).

4) كنار : لم تتاثر بكل ما حدث

من هنا يتضح لنا انه في العام 2006 وبعد عملية البيع اصبح في السودان ثلاث مشغلين للهاتف السيار موبتيل ( لاحقا غير اسمها الي زين ) وسوداني وأريبا (لاحقا تم شراؤها بواسطة مجموعة MTN من جنوب افريقيا ). واصبح في السودان ايضا مشغلان للاتصالات الثابتة سوداتل وكنار .

في المقال القادم ان شاء الله سنوضح مصارف مبلغ 1.3 مليار دولار وأثره علي القطاع والاقتصاد السوداني وزيادة المنافسة بين المشغلين.

لمحات من تاريخ قطاع تاريخ الاتصالات ونقاط التحول الكبيرة في قطاع الاتصالات في السودان:

بيع سوداتل لأسهمها في موبيتل ( زين حاليا ) (3):

في هذا المقال نتناول كيف كان أثر عملية البيع علي قطاع الاتصالات من الاستثمار في القطاع وازدياد المنافسة وكيف استفادت الحكومة من عملية البيع بازياد ايراداتها من ناحية قيم الرخص المدفوعة لتوفيق الاوضاع والضرائب.

اولا: مصارف مبلغ 1.3 مليار دولار كانت كالاتي بعد ان تم فتح حساب خاص لايداعها في بنك السودان:

1- ٦٣٠ مليون دولار تم توزيعها كأرباح للمساهمين

2- ٢٦٥مليون دولار تم دفعها كقيمة للرخصة الموبايل بعد بيع موبيتل تم دفعها للحكومة (الهيئة القومية للاتصالات) , 230 مليون قيمة مباشرة للرخصة و35 مليون دولار كقيمة لكسر حصرية أريبا (تصحيح لما اوردته في المقال السابق 300 مليون دولار)

3- ٢٥٠مليون دولار استخدمت للاستحواذ علي رخص لتقديم خدمات الاتصالات خارج السودان في موريتانيا والسنغال

4- ١٢٥مليون دولار استخدمت لتمويل شبكة سوداني للموبايل وأجهزة الموبايل CDMA

5- ٣٠مليون دولار استخدمت لتمويل الاعفاء الطوعي للعاملين.

ثانيا: استفادت الحكومة (الهيئة القومية للاتصالات) من اوضاع ما بعد عملية البيع كالاتي:

1- دفعت سوداتل مبلغ 265 مليون دولار لتوفيق اوضاعها كقيمة للرخصة وغرامة كسر الحصرية لاريبا

2- رفّعت موبيتل (تم تغيير اسمها الي زين بعد البيع) رخصتها في العام 2007 من 2G GSM الي 3G وترخيص البوابة العالمية واستخدام الألياف الضوئية للربط بين المدن والربط العالمي ودفعت لذلك 265 مليون دولار (230 مليون يورو)

3- أصبحت الحكومة شريكا غير مساهما في ثلاث شركات موبايل وشركتين اتصالات ثابتة عن طريق الضرائب ورسوم الهيئة القومية للاتصالات التي شكلت تقريبا 25% من ايرادات تلك الشركات سنويا في العام 2006 حتي أصبحت الان تقريبا 40% من ايرادات الشركات سنويا واستفادت جدا من توسع وتضخم سوق الاتصالات نتيجة للمنافسة العنيفة التي تلت عملية البيع.

4- توسع سوق الاتصالات والمنافسة أدي الي زيادة الوظائف في القطاع بصورة مضطردة في فترة ما بعد البيع وقد وصلت تقديرات أن عدد الموظفين بالقطاع مباشرة الي 65 الف وظيفة من موظفين بالشركات ووكلاء بيع ونوافذ بيع الرصيد ووكلاء وتجار اجهزة الاتصالات والموبايل.

5- قطاع الاتصالات ساهم في زيادة الناتج الاجمالي المحلي بنسبة وصلت الي 9% حيث ان المعادلة المستخدمة انه كلما زاد معدل تغلغل (Penetration Rate ) استخدام خدمات الاتصالات بنسبة 10% كلما زاد الناتج الاجمالي المحلي بنسبة 1% ومعدل تغلغل استخدام الاتصالات حاليا وصل الي 85% من عدد السكان الذين يمكنهم استخدام خدمات الاتصالات.

ثالثا: انتعاش المنافسة في السوق كان أثرا مباشرا تابعا لعملية البيع في فبراير 2006 حيث كان أثرها كالاتي وبالذات في مجال الموبايل:

1- سوداتل: قامت سوداتل باطلاق خدماتها للهاتف السيار (الموبايل) سوداني في مايو 2006 وذلك بتقنية ال CDMA وبعدد 300 محطة لاسلكية في مختلف أنحاء السودان وزاد هذا العدد حتي وصل 780 محطة لاسلكية في العام 2008. كما سوداتل كانت المورد الاساسي لاجهزة موبايل ال CDMA فأنشات شبكة وكلاء لبيع وتوصيل الاجهزة والتي خلقت حركة شديدة في سوق الاتصالات نسبة لان سوداتل كانت تدعم هذه الاجهزة بنسبة 50% في المتوسط مما خلق سوقا كبيرا لهذه الاجهزة وساهم في زيادة المشتركين لسوداني بصورة مضطردة جدا حتي وصل 2مليون مشترك في 15 شهرا من اطلاق الخدمة. هذا الدعم ارهق سوداتل جدا من ناحية التدفقات المالية cash flow فقامت بالتحول من CDMA الي الجيل الثاني GSM والثالث WCDMA وذلك في عام 2009 وتخلص من عبء توريد الاجهزة واصبحت تستخدم نفس تقنية زين و MTN.

2- موبيتل (زين) : قامت زين باستثماروضخ مبالغ قدّرت بمليار دولار اضافة الي مبلغ شراء اسهم سوداتل وسل تل في الاعوام 2006 و2007 و2008 منها ما تم دفعه في ترفيع رخصتها ومنها تم استخدامه لزياردة تغطية الشبكة بزيادة عدد المحطات اللاسلكية من 260 محطة الي 1600 محطة لاسلكية بنهاية 2008 ومنها ما تم ضخّه لتغيير وتثبيت العلامة التجارية والاسم الجديد “زين” بدلا عن الاسم القديم موبيتل ومنها منها ضخّه في شراء وبيع الشرائح بكميات كبيرة لحصد كمية كبيرة من المشتركين فكان ان وصل عدد مشتركي زين تقريبا الي 7 مليون مشترك في عام 2009.

3- قامت MTN بشراء أريبا في العام 2007 وقامت بتغيير الاسم كما قامت بزيادة محطات التغطية وضخ كميات من الشرائح حتي وصل عدد مشتركيها تقريبا الي 3 مليون مشترك في العام 2009.

مما اوردناه اعلاه وفي المقالات السابقة يتضح لنا :

1- أن عملية بيع اسهم سوداتل في موبيتل كانت واحدة من أكبرالعلامات المفصلية والفارقة في تاريخ الاتصالات في السودان (طبعا هناك علامات اخري ) وان قيمة البيع اكبر قيمة بيع لشركة سودانية في التاريخ الحديث وذلك بغض النظر عن الاراء التي كانت تعارض البيع او تري ان قيمة البيع ليست عادلة (من يري ذلك عليه ان يوضح كم هي القيمة العادلة وكيف وصل اليها وهل يمكنه انهاء عملية البيع بها ) او تري ان خروج الحكومة من تقديم الخدمة في القطاع ليس صحيحا (راجع النقطة 3 ادناه ).

2- انه قد تم ضخ استثمارات في هذا القطاع بمبالغ كبيرة جدا (مليارات الدولارات) من جانب شركات الاتصالات وخصوصا سوداتل وزين وMTN ساهمت في نمو الاقتصاد السوداني بشكل كبير.(هناك من يعتقد ان الاتصالات تربح ارباحا فاحشة ببيع الهواء من غير ان يدرك ان هناك اموالا كبيرة ضُخّت وتُضخ سنويا للحصول علي الأيرادات والمخاطر الكبيرة المترتبة علي الاستثمار)

3- القطاع يمثل نموذجا جيدا (وليس كاملا) للسياسة العامة التي تقتضي بخصخصة المؤسسات الخدمية الحكومية وخروج الحكومة من التجارة والخدمات التجارية واكتفائها بدور المنظم والمراقب والمحصل للضرائب حيث كانت الفوائد عامة علي جميع الاطراف المؤثرة في القطاع والمتأثرة بالقطاع جمّة ومنها :

أ‌) انتفت المحاباة الي طرف دون الاخر بسبب ان الحكومة لديها مساهمة كبيرة في الشركات واكتفائها بمساهمة بنسبة 20% في سوداتل فقط.

ب‌) خلق المنافسة وعدم الاحتكار مع التنظيم للقطاع ساهم بشدة في توسع السوق وتوفر الخدمات للمواطنين بشكل ممتاز في وقت قياسي وباسعار في متناول جميع فئات المواطنين وبجودة مقبولة الي حد كبير

ت‌) أصبحت الحكومة عن طريق الضرائب ورسوم الهيئة القومية للاتصالات شبه شريك في شركات الاتصالات وذلك بتحصيلها الان ما نسبته 40% من الايرادات الاجمالية لكل هذه الشركات من غير أن تتحمل معهم تكاليف التشغيل والتوسع وهذا بالطبع افضل لها بكثير من تكون شريكة مباشرة في هذه الشركة او تلك. (مثال بسيط شركة زين دفعت ضرائب ورسوم في العام 2017 ما متوسط قيمته 205 مليون (مليار بالقديم )جنيه سوداني شهريا وتقريبا ٢.٤ مليار (تريليون بالقديم ) جنيه سوداني لكل العام المنصرم 2017)

ث‌) كلما خرجت الحكومة من المساهمة المباشرة في الشركات وتركت أدارة الشركات للقطاع الخاص (اجنبي او سوداني) مع التنظيم والمراقبة كلما استقر ونما أداء الشركات وانتفي ارتباطها بالتغيرات التي تحدث في الحكومة والتي في اغلبها تغيرات سياسية تؤثر بشكل مباشر علي اداء واستقرار الشركات المرتبطة بالحكومة.

ج‌) حيادية وتفهم المنظّم (الهيئة القومية للاتصالات ) ساهما بشكل كبير في الدفع بالقطاع الي الامام وتحقيق نتائج قياسية في وقت وجيز (17 عاما ) وذلك بعدم المحاباة (هناك من يتحفظ علي هذا الوصف علي اطلاقه ) لطرف دون الاخر والفصل في النزاعات بشكل محايد الي حد كبير وايضا تفهم وضع الشركات جعله يتيح للشركات مساحات جيدة من الحرية للابتكار واطلاق الخدمات الجديدة والتسويق لهذه الخدمات بشكل ادي الي انتشار الخدمات بشكل كبير وبالتالي زيادة الايرادات لهذه الشركات والتي بزيادتها زادت ايرادات الحكومة عن طريق الضرائب.

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد