الأخبار

مجاهد بشرى يكتب: كيف يهزم الإنقلاب ؟!

50

1 – تفاصيل الإنقلاب

قبل اسبوعين من الانقلاب, كتبت مقالا مطولا يشرح اقتراب انقلاب البرهان على الحكومة مع وضع تصور للسيناريوهات القادمة بما فيها ما قاله البرهان ملك الإنقلابات اليوم .

و لتفهم الخطاب بإختصار دعنا نقسمه لنقاط كالآتي :

1- الخطة الأساسية للبرهان ومن خلفه الكيزان والجنجويد وحاليا الحركات المسلحة, أن يظل البرهان في السلطة مهما كان الثمن, فذلك يعني الحكم العسكري واستمراره, وهذا أمر مستحيل تماما .

2- البرهان لا يملك ثقة في أي أحد ولكن معادلة البقاء التي تربطه بنائبه زعيم الجنجويد بحماية كل منهما للاخر ستظل هي الهدف الذي يجب أن يعمل الجميع على تفكيكه .

3- البرهان لا يمتلك أدنى رغبة في تسليم السلطة للمدنيين الذين ينظر إليهم بإحتقار وتوجس, أو العودة إلى الثكنات, وهو المستفيد الأكبر من تشظي قوى الثورة والتصرفات الصبيانية لقادتها, والناتج عشرات الضحايا من الشباب, وقد أشار في خبث إلى تقديره لتضحياتهم لزرع مزيد من الفرقة بينهم و بين الاحزاب التي لم ترتقي حتى الأن إلى مستوى المسؤولية .

4- الأرادلة والحركات والمراغنة, وربما عودة الميرغني, سيقومون بتشكيل حكومة هلامية تسير بهم نحو الانتخابات لتقاسم كعكة السلطة لاحقا حسب تصوراتهم قصيرة النظر, وبالتالي التمهيد لترشح البرهان للإنتخابات تشابه ما قام به السيسي في مصر, والدليل على ذلك عدم اعتراضهم على حل مجلس السيادة على الرغم من وجودهم فيه كإستحقاق لإتفاق سلام جوبا, والذي يهددون من يمسه بالحرب, و لا يفعلون ذلك مع البرهان .

5- البرهان يضع مجلس دفاع عسكري حتى بعد تشكيل أي حكومة لضمان قيامه بإنقلاب في أي لحظة تخرج فيها الأمور عن يده كما حدث في الـ 25 من اكتوبر, مما يعني أنه المسألة اصبحت اعادة تدوير للإنقلاب من جديد, لكن بنهاية مختلفة, وفي جعبته خطط أخرى, وهي مسرحية مصرية سمجة لن يكتب لها النجاح.

6- كل لحظة تمر وهنالك خلافات بين مكونات قوى الثورة ( لجان مقاومة – حرية وتغيير – شيوعيين – تجمع مهنيين ) تعني إهداء حكم السودان للعسكر والجنجويد والحركات, وأن هذه مسؤولية تاريخية أمام هذه القوى الثورية, فإما ان تتفق اليوم, وإما أن تجلس وتشاهد السودان وقد ضاعت ثورته الخالدة, و لا يوجد أي عذر أو مبرر لعدم التوحد مهما كانت الخلافات في وجهات النظر …

قوى الحرية والتغيير التي تجد مساحة تنازل لتجلس مع العسكر الذي انقلب عليها, يلزمها ان تجد نفس المساحة للجلوس مع بقية المكونات .

لجان المقاومة التي أصبحت لاءاتها الثلاثة منطقية للجميع, ومفهومها الجذري أكثر منطقية, لا بد أن تمد يدها لبقية المكونات دون تباطؤ, لكونها الجهة الوحيدة التي لا يمكن التشكيك في التزامها بشعاراتها .

الشيوعيين وتجمع المهنيين أمامكم امتحان عسير في طي الخلافات والارتكان لأي أيدلوجيات فكرية, فالعدو لا يفكر بأي أيدلوجيا, فهو يقاتل من اجل الافلات من العقاب والمحاسبة في قتل الشباب الذي يحتل الشوارع اليوم .. وقراراتكم القادمة جميعا هي الشيء الوحيد الفاصل بين هزيمة الانقلاب أو انتصاره …

وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية …

2- كيف يهزم الإنقلاب ؟!

ما يغيب عن ذهنك الأن هو أن كل تحركات الانقلاب ما هي إلا ردّة فعل لما تقوم به, وفي علم ادارة الصراع والاستراتيجيات, فإن خصمك خاسر عندما يكون في خانة ردة الفعل, ويجب الا تمنحه فرصة لعكس الأدوار, خاصة اذا كان خصما دمويا ويمتلك الة قمعية لا أخلاق لها مثل البرهان .

الثورة المصرية هُزِمت عندما انكفأ الجميع على أنفسهم, و تشظّت قوى الثورة عوضا عن التوحد والتماسك , والمتابع الحصيف يجد أن معسكر الانقلاب بدأ في التصدع والتشظي منذ مطلع ابريل 2021م, ولكنه وبعد 8 اشهر من الحراك الصلب والمستمر ضده بدأ يُجمّع في اطرافه ويحاول التوحد ضد الثورة, فالبرهان يُعلن تعيين الجنجويد في مجلس واحد مع الجيش, والجنجويد يُعلنون الاستعداد للحرب من اجل انفاذ اتفاق جوبا …

في المقابل يتراشق صبية الشيوعي مع صبية المؤتمر السوداني بالبيانات عشية سقوط اكثر من 9 شهداء, وبينما يقصف تجمع المهنيين قوى الحرية والتغيير, ويتركون لجان المقاومة التي تُشكل صمام الأمان الوحيد للثورة أمام الانقلاب بكل وحشيته ..

هذا هو الواقع المؤسف والمخيف, لكن كيف نتخطى ذلك سريعا ونهزم الإنقلاب ؟

إن هزيمة انقلاب متعدد الاطراف والرؤوس مثل انقلاب الـ 25 الفاشل يُعد من اسهل الامور اذا نفذنا الآتي اليوم قبل غد:

1- تكوين مجلس ثوري مهمته الوحيدة تنسيق و توحيد الخطاب الاعلامي نحو اسقاط الانقلاب, مع احتفاظ الجميع بتباين رؤياهم لما بعد اسقاط الانقلاب .

2- تمديد رقعة الاعتصامات في كل انحاء السودان وشل السلطة الانقلابية .

3- العمل بصورة تدريجية للإنتقال بالاعتصامات إلى مرحلة العصيان المدني الشامل .

4- التوحد على شعار واحد والتمترس خلفه مع وضع ميثاق آني يُلزم كل من يُوقع عليه بعد الخروج من الجسم الثوري أو القبول بأي تسوية او اتفاق مع العسكر.

5- توجيه خطاب للعالم الخارجي بأن القوى السياسية كلها متوحدة ضد الانقلاب, وأن السودان فيه قوى ثورة ومعسكر انقلابي, المعسكر الانقلابي هو الأرادلة والحركات المسلحة والعسكر والكيزان, وأن بقية القوى السياسية هي على وفاق واستعداد لإدارة التحول المدني الديمقراطي, من أجل تجريد البرهان من كرت اللعب الذي يلوح به الأن.

6- محاربة الشائعات عبر انشاء منصة موحدة تدير الجانب الاعلامي للثورة .

ومن كانت له اضافة فليضفها, فهذا الانقلاب يلفظ أنفاسه الأخيرة, والبرهان مازال يقفز إلى الظلام كلما ازداد فجر الثورة ضياء .

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد