الأخبار

محمد الخير حامد يكتب: حكاياتي مع النهائيات وموظف القطوعات

54

حكاياتي مع النهائيات وموظف القطوعات..


بقلم: محمد الخير حامد

حكاياتي وذكرياتي مع مشاهدة المباريات النهائيات مؤلمة، وقصصي مع خواتيم البطولات المهمة مزعجة ولا تسر، والسبب في ذلك أن الكهرباء تعوّدتْ أن تقطع بمنزلنا مع كل نهائي تقريبًا.

صورة توضيحية

حدث ذلك معي في كل النهائيات المهمة في الفترة الأخيرة: كاس العالم ٢٠١٨، ودوري الأبطال في السنوات الأخيرة، نهائيات الأمم الأوربية الأخيرتين، ومعظم البطولات القارية. وكنا قلت؛ كل ذكرياتي مع مشاهدة المباريات النهائية مؤلمة وليست جميلة.

السبب واضح ومتكرر وهو إما قطوعات الكهرباء لوحدها، وهي لازمة ظلّت تتكرر لي مع كل نهائي، أو القطوعات ومعها الأمطار.

في نهائي كاس العالم الأخير ٢٠١٨م، بين فرنسا وكرواتيا، أذكر أنني لم أشاهد نصف المباراة بسبب انقطاع التيار، واضطراري في النهاية إلى الخروج والبحث عن نادٍ للمشاهدة فلحقت بنهاياتها وشاهدتها ببيت أحدهم.

وفي نهائي الأمم الأوربية الأخيرة، إيطاليا وإنجلترا، اضطررت إلى مشاهدة اللقاء من شاشة ساحة الحريّة العامة.

وفي نهائي أمم أوربا الذي سبقه (البرتغال ضد فرنسا) انقطع التيار الكهربائي وامتلأت الشوارع طينًا ورحمة، فوجدتني وبعض الأصدقاء نخاطر للمشاهدة ونتدافع بين أندية المشاهدة المزدحمة وممتلئة بالطين، ولن أُصَدَّق إن قُلت ربما قطعنا أكثر من مسافة ١٠ كيلومترات في تجوالنا للبحث عن موطئ قدم. دخلنا أندية عديدة وفنادق بأحياء أركويت ومنطقة الشرقي والبلابل، وفي النهاية رجعنا يائسين إلى منازلنا، وصادف أن وجدنا الكهرباء قد عادت، فشاهدنا بقية اللقاء بنادٍ صغير، وقفنا فيه بالعراء، يبللنا المطر، إلى أن أحرز “ألدير” هدف البرتغال الوحيد، بعد مضي ١١٠ دقيقة من المباراة وكسبت البرتغال البطولة.

نهائي كاس العالم ٢٠١٠م بين إسبانيا وهولندا كنت بأمدرمان، فقطعت الكهرباء ورجعت عائدا نحو الخرطوم، فداهمني وقت المباراة وأنا في الطريق، وظللت متنقلا بالسوق العربي بين نادٍ وآخر حتى وجدت مكانا به مولّد كهربائي “تكرفست فيه” وشاهدت المتبقي من الشوط الثاني والشوطين الإضافيين. لكن رغم ذلك استمتعت بتمريرة فابريغاس الحريرية وهدف إنيستا التاريخي.

في نهائي أبطال أوربا ٢٠١٤م، عاشرة الريال التاريخية، شاهدت المباراة بالمنزل، لكن مشاهدتي كانت مضغوطة بتشاكسات الطبيعة ورحمة المطر، وعانيت من انقطاعات البث، ومع كل الظروف القاسية، وانقطاع البث المتكرر، وتشويش الأمطار؛ استمتعت برأسية راموس القاتلة. بعدها ظل الإرسال ينقطع ويعود كما يشاء، وكنا نشاهد ما فاتنا من أهداف عبر اجتهاداتنا هنا وهناك، كنا نعرف نتيجة المباراة من الإعادة والأرقام المكتوبة بالشاشة، عرفنا بهدف غاريث بيل الثاني من إعادة اللقطة، وأهداف مارسيلو وكرستيانو من الأرقام، ولم نعرف بالنتيجة الكاملة؛ إلا بعد أن خلصت المباراة بنتيجة ٤/١ لصالح ريال مدريد.

نهائي أبطال ٢٠١٥ بين البرسا واليوفي شاهدت البداية بالمنزل وأحرزت البرسا عن طريق راكيتيتش وانقطع التيار الكهربائي، فناضلت ولحقت بأحد النوادي، ومع وصولي أحرز اليوفي هدف التعادل، لكن سواريز ونيمار قتلا المباراة.

مباراة دورتموند والبايرن كانت الكهرباء مقطوعة أساسا، وذهبت وشهدتها مباشرة بأحد النوادي، وعندما كانت كرة روبن تتدحرج نحو مرمى دورتموند؛ شعرت بالعشرات من الناس يتقافزون حولي ويكسرون عظامي.

وبذات الشاكلة؛ نهائيات: ٢٠١٦ الريال ضد اتلتكو، و٢٠١٧ الريال ضد اليوفي، كلها شاهدتها في نواد وبلا تردد، ولقاءات: الانتر والبايرن، وتشيلسي والبايرن، وليفربول والريال، وتوتنهام والليفر، والبرسا ضد اليونايتد، كلها حضرتها وشاهدتها في مواقع مختلفة وظروف طارئة، رغم توفر خدمة المشاهدة في البيت، وكل ذلك بسبب انقطاعات الكهرباء أو الكهرباء والأمطار معًا.

النهائي الوحيد الذي شهدته كاملًا، وبمزاج، ومن مكان إقامتي ومنزلي، ولم تنقطع فيه الكهرباء؛ أو يُفسده موظف قطوعات الكهرباء، أو تشوّشه الأمطار؛ كان في شقة هادئة، بالطابق الثالث في بناية جميلة، بحي “العصافرة” بالقرب من شاطئ مدينة الاسكندرية البهيج، وجرى اللقاء بين برشلونة ومانشستر يونايتد في العام ٢٠٠٩م، وأذكر أنني شاهدته وحيدًا، وانتهى بنتيجة هدفين مقابل صفر لصالح برشلونة، أحرزهما الكاميروني صموئيل إيتو وليونيل ميسي.

إتياني بكل هذه الذكريات اليوم لم يكن بدافع الحديث عن كرة القدم، ولم أقصد منه تمجيد الاسكندرية ومصر، لكنها الحقيقة المُرَّة التي نبهتني إليها توجساتي من عدم مشاهدة مباراة اليوم والاستمتاع بها، وحجم المعاناة التي اكتشفت أننا عانينا منها وظللنا نعانيها، فكم يُعاني شعبنا من قطوعات الكهرباء، ليس في مشاهدة مباريات كرة القدم والرياضة والمسلسلات أو الأفلام، بل في الانقطاع الدائم والمستمر، وكم عانينا في كل تفاصيل حياتنا.

المباريات وذكرياتها المؤلمة في هذا اليوم؛ لم تكن هي المعنيّة، بقدر ما مثّلت مؤشرات سالبة وسيئة، إذ لا يمكن أن تتكرر معي كل هذه السيناريوهات المأساوية في المشاهدة منذ سنوات، وبهذا الشكل المؤلم والمتكرر..

على كل حال أثق في أن الكهرباء ستقطع اليوم من جديد، وسأضطر مرة أخرى -كعادتي في ملاحقة الحدث- إلى الجري والتجوّل بين النوادي ومواصلة المشاهدة في دقائق المباراة الأخيرة بمكانٍ ما لا أعرفه الآن.

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد