الأخبار

هل أجبر البرهان علي التسوية أم ماذا ؟!

272

هل أجبر البرهان علي التسوية أم ماذا ؟!

بقلم: علي أحمد ابوسالمة

يبدو أن الانقلاب المشؤوم، الذي نفذه قائد المجلس العسكري بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وداعميه في صبيحة ال ٢٥ من أكتوبر ٢٠٢١م، لم يفضي شيئا سوى المزيد من تردي الأوضاع علي كافة اصعدتها الاقتصادية والخدمية وعلي رأسها الانفلاتات الأمنية في إقليم النيل الأزرق وجنوب كردفان وجنوب دارفور وغرب دارفور، والاعتداء على أحد أفراد الهيئة الدبلوماسية في العاصمة الخرطوم، إضافة الي الإحتجاجات المستمرة المناهضة للانقلاب وإضرابات العاملين بالمؤسسات الخدمية بسبب تردي الأجور وتوقف كل مشاريع التنمية المجازة للعام ٢٠٢٢م، نتيجة لضعف التمويل الناتج عن عجز الميزان التجاري،

كل هذه الأحداث لم تستطيع إدارة الانقلاب السيطرة عليها بل وعجزت في تشكيل حكومة من أجل دعم وتصحيح المسار المزعوم حتى اكمل عامه الذي لن ينساه المواطن السوداني ووصفه آخرون، بالعام الأسوء علي تاريخ السودان الحديث.

لماذا قبل البرهان التسوية ما هي الأسباب…

الأسباب في اعتقادي عديدة، ومترابطة مع بعضها البعض وفي مقدمتها أولى، ظهور الخلل الأمني الأخير بالعاصمة والولايات، وعلي رأسها الانفلاتات الأمنية في إقليم النيل الأزرق وما صاحبه من قتل وحرق وتهجير، ساهم بشكل كبير في عملية الضغط الدولي علي القادة العسكريين لقبول التسوية السياسية التي أعدتها نقابة المحامين المهنيين أو فرض الوصايا الدولية (البند)، وكلاهما ليس في مصلحة قادة المجلس العسكري الانقلابي،

فربما يؤدي إلي فتح تحقيقات علي الجرائم التي حدثت منذ قيام ثورة ديسمبر ٢٠١٩م، الأمر الذى جعل من القادة العسكريين يبحثون عن وسائل أخرى لكسب الوقت والمراوغة، منها تكوين تحالفات سياسية (جديدة) كمبادرة نداء اهل السودان، وقوى إعلان الحرية والتغيير الميثاق الوطني، والتنظيمات الاهلية، أو الاستعانة برموز النظام المحلول حزب المؤتمر الوطني (عدو عدوي صديقي)، لإقامة مسيرات احتجاجية ضد التدخلات الخارجية للبلاد والوقوف أمام السفارات كما زعموا،

ولكن كل هذه المراوغات لم تجدي نفعا في تقليل الضغط علي الطرف الآخر المجتمع الدولي وقوى إعلان الحرية والتغيير المركزية، للقبول بشروط المجلس العسكرى وهو عدم المسألة والملاحقة القضائية للقادة العسكريين.

الأمر الثاني الذي ساهم في الضغط علي المجلس العسكري، السياسة الخارجية التي أتبعت في فترة الانقلاب، ومنها إتجاه قادة بعض الحركات والمليشيات المسلحة الي روسيا، قبيل حربها علي أوكرانيا وتثبيت موقفها الداعم لها، وتنفيذ البروتوكولات الإقتصادية بين البلدين، وكان ضمن هذه الصفقة التنقيب عن الذهب في السودان، وهذا ما تراها أوروبا انقلابا واضحا في سياستها مع السودان، الأمر الذي أقره وزير المالية جبريل إبراهيم خلال اجتماعه ببعض ممثلي البنك الدولي وصندوق النقد بفرنسا ورفضهم التعاون مع حكومته.

الأمر الثالث وجود الحركات المسلحة وغير نظامية، بالنسبة الي الجارة مصر فإنه قد ينذر بحدوث حرب أهلية وشيكة اذا لم يتم الاتفاق، ستتأثر لا محال منه أولا، ويفتح الباب علي مصرعيه للهجرة وطلب اللجوء لها.

ثانيا تأثير المنطقة الجنوبية لمصر أمنيا، وتنشط تجارة وتهريب السلاح ودخول التنظيمات الإرهابية لاراضيها.

ثالثا تهديد أمنها المائي، ورابعا توقف التجارة مع السودان والدول الأخرى المجاورة لها (سوق الكوميسا)، جعل مصر تتجه الي دعم التسوية والمؤسسة العسكرية، والإسراع لإقامة دولة منظمة في السودان، وتشهده مصر حاليا مواجهات مع متمردين في شبه الجزيرة سيناء شرقا، إضافة تأمين حدودها مع ليبيا غربا منعا من دخول المليشيات الليبية والسلاح.

لذلك التسوية السياسية بين العسكر والقوى الحزبية والثورية أصبح أمرا واقعا لا مفر منه لخروج السودان من منحدر الانهيار الذي رجح بعض الخبراء الدوليين بأنه ينذر بكارثة قريبة وهو شبح المجاعة والإنفجار الأمني.
نسأل الله أن يحفظ السودان أرضا وشعبا ويقيه شر الفتن والانقسامات

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد