الأخبار

(يا تَموتُوا انتُوا … ولا اموت انا)

47


محمد صالح عبد الله يس

(يا تموتو ا انتوا ولا اموت انا)

هكذا قالها محمد الامين واختار الاخيرة حبا وايثارا لشعبه ثم مات هو
وداعا ايها العملاق والاسطورة الذي جمل حياتنا باعذب الالحان فقد اكملت مشروعا عظيما انجزت فيه من الالحان ذكرانا واناث ووطنت الشجن والعاطفة في اعماقنا فانت من الذين شرعنوا العاطفة والمحبة واطلقتها من سجنها وفكيت عقالها بعد ان كان الحب متهم والحبيبة احتجزت في المحاكم الجنائية حتي اطلقت سراحها واخرجتها من الصدمة العاطفية فاكتملت دائرة الوعي الجمالي فاخرجت لنا خرزات وعقود نضيضة من عيوناتها التي كانت مشغولة بجريدة وهي تختلس النظر من الشباك حتي اعياها الانتظار ووجع الحبيب الغائب فصرخت تنادي نشيل املنا نقابل اهلنا لايقول قلنا ويفرح املنا ويقول اهلا خلاص قبلنا .

الان ضجت افئدة الجميع وانهارت مداميك الولهة وتوشحت احزان السودانيون بالشجن والاسي الشفيق لفراق اخر العملاقة الذين تربعوا علي عرش الاغنية السودانية لاكثر من ستون عاما محمد الامين
كان احد سدنة معبد ديوان الغناء السوداني وشي حواشيه وطرزها باجمل العناقيد واحلي الخروز كانت اوتار عوده تخترق صم الحجارة وتنحر افئدة الحسان حارة حارة فقد كانت جمله الموسيقية الرشيقة تاخذ بآلباب مستمعيه وتحيلهم الي كائنات مسرفة في الطرب والنشوة فموسيقاه كانت مستحلبة من مزامير عبقر وفيروز الشطئان العابرة


استطاع محمد الامين وعلي طريقته الخاصة ان يفك عقال الاغنية السودانية من مخافر الافندية والمجالس الخاصة الي الفضاء العام فاصبحت الاغنية في عصره اكثر شعبية وديمقراطية ماذا يفعل فينا الغياب؟ نكبر كل يوم ويتوقع منا الآخرون أن نتوقف عن البكاء.. أن نكون أكثر صلابة.. أن نصبح على قدر المسؤولية.. أن نعتاد الغياب والرحيل.


كل يوم يمر علينا ينعي الناعي لنا احد احبتنا كيف نبقى أحياء بينما تموت أجزاء منا كل يوم.. يموت الأحبة.. ويرحل الأصدقاء ونمنع من لقاء أحبابنا لسنوات طويلة لأن أوطاننا لفظتنا بفساد انظمتها وظلمها وتركتنا في منافي الدنيا نعيش قساوة التذكار وبؤس الغربة نعيش هنا ولاندري من يدفن رافقتك السلامة.
ليالي بعد الظاعنين شُكول
طوال وليل العاشقين طويل.

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد