الأخبار

مجاهد بشرى يكتب: العفريت ذو الرأسين .. وأرادلة الموز !!

318
يقولون في العامّية المصرية “اللّي يحضّر العفريت يصرفه, واللي ما يعرفش, يستحمل أذاه”.

في الـ 16 من اكتوبر 2021م وعلى منصة اعتصام الموز, بدأ الأرادلة في تحضير عفريت الانقلاب العسكري, في مسعى منهم للإطاحة بقوى الحرية والتغيير, وليس لتوسيع قاعدة المشاركة كما يدّعون, لأن قوى الحرية التي حان موعد تسليم رئاسة مجلس السيادة لها وفقا للوثيقة الدستورية, ستكون هي من يرأس السلطة في النصف الثاني من الفترة الانتقالية.

تمدد العفريت العسكري, وعوضا عن افساح المجال للأرادلة , قام بالاستعانة بشياطين النظام البائد الذين بينهم وبين الارادلة والحركات ثأر قديم وكراهية عميقة, وان اشتركت بعض مكونات الأرادلة في نفس الفكر “العدل و المساواة مثالا”.

لكن هذا لم يشفع لها, فتحولت عملية تحضير العفريت من أمر يُتوقع منه تحقيق الأمنيات, إلى كابوس حي و فظيع, فالأرادلة اكتشفوا بأنهم لا يستطيعون صرف العفريت ولا السيطرة عليه, وأنهم تحت رحمته, رغم انه افشل عفريت مرّ على تاريخ السودان, ربما لأنه عفريت ذو رأسين , أحدهما أجوف و الآخر جاهل .

فخسر العفريت ومن حضّره كل شيء أمام الرفض الشعبي والدولي والحراك الثوري الرهيب والمتزايد, وما زاد الطين بِلّةً أنه حتى المشعوذين الدوليين والإقليميين الذي دعموا عملية الإستحضار هذه, اصبحوا كافرين بها لشدة بؤس وغباء وانشقاق من نفذوها وشاركوا فيها .

قوى الحرية والتغيير التي تم الانقلاب عليها واعتُقل قادتها, نأت بنفسها بعيدا عن العفريت ووكلائه, وشاهدتهم وهم يختنقون تحت بخور اكاذيبهم و فشلهم, ومركبهم يغوص في مستنقع الانقلاب ببطء, أمّا العفريت فقد أصابه الذعر من لاءات الشارع ومواقف الشعب الصلبة, والتي تُصر على اعادته للجُرّةِ, وعدم اشراكه في أي أمر لا يخصه, ولأنه اصبح مكشوف الظهر, فلا مشعوذين يدعمونه, ولا من استحضروه يمكنهم حمايته ليعود إلى جُرته,

فبدأ ينادي بضرورة الحوار, والتفاوض المرفوض جملة وتفصيلا, ولدهشتنا من رؤية عفريت لأول مرة وهو ينادي من آذاهم بتغليب المصلحة الوطنية والجلوس لحل المعضلة التي تسبب فيها, بعد ان قتل وسحل واعتقل مئات والاف الشباب في فترة وجيزة, فربما لأنه أدرك ما كنا نقوله منذ استشعارنا محاولاته للإنقلاب على الحكم المدني, بأن الانقلاب ليس هو الحل, وانه ورطة جديدة ستضاف إلى ورطات العفريت …

وهنا شرع الذين استحضروا العفريت ايضا في تبني مبدأ الحوار, وهم من نادى العفريت ليقضي على أي فرص حوار منذ البدء, و كشفوا عن نيتهم الحقيقية .

ودون أن ينتبهوا إلى أن ندائهم الأن فقط للحوار, هو اعتراف صريح بأنهم كانوا جزء من هذا الانقلاب, وبأنهم فشلوا , والأهم بأنهم لا يستطيعون صرف العفريت او اجباره على شيء, بل العكس, فالعفريت المتمرد عليهم, اصبح في اعين المناهضين للإنقلاب مجرد مسخ يرميه الصبية والشباب بالحجارة ويبصقون على وجهه في استحقار, وهذا هو الفرق بين وكلاء الانقلاب, والقوى الثورية المناهضة له.

ما يمكن ادراكه ببساطة الأن هو الآتي :

1- ان وجود العسكر في السلطة هو أساس المشكلة والازمة, ولا يمكن للسودان ان يتقدم إلى الأمام الا بتنحي العسكر عن السلطة والنأي بالمؤسسة العسكرية عن الشأن السياسي .

2- ان مجموعة الأرادلة ما هي الا مجموعة انتهازية تُخفي نوايا انقلابية سيئة, ولا تؤمن بعهود او اتفاقيات, ونظرتها للمؤسسة العسكرية هي نظرة مكاسب وسلطة, ولا تختلف عن نظرتها للقوى السياسية المتبقية, ولا يحملها على هذا الفهم المعوج سوى توهمها بأن حملها للسلاح يمنحها مزية عن غيرها, وهو أمر هي في الطريق الى اكتشاف عدم صحته .

3- يرى الأرادلة أن السلام استحقاق دستوري لا يجب المساس به او نقضه رغم فشله وعدم تحقيقه لأي مكاسب على الأرض, أو حتى مناقشة تعديله, بينما لا يجدون غضاضة في الانقلاب على الوثيقة الدستورية واعتقال احد شركاء الحكم, وتعطيل الوثيقة الدستورية نفسها, في أوضح وأسوأ صورة لإزدواجية المعايير .

4- هذه المجموعة لا تملك سوى التلويح بالعودة إلى الحرب في حال شعرت بأنها لن تتحصل على ما كانت تبتغيه بتحضير العفريت, في عملية ابتزاز تضع خيارين ( اما ان نكون في كل شيء او الحرب ).

5- لوم الأرادلة للحرية و التغيير من جديد و شن الهجوم عليها لتصوير الأمر وكأنما جلست الأخيرة مع العسكر في مفاوضات, او وجود تسوية هو فعل يتعمد غض النظر عن رغبة العفريت في انهاء ما قام به من انقلاب, والخروج بأقل الأضرار, في ظل موقف الحرية والتغيير الثابت بعدم العودة الى الوراء او الشراكة مع العفريت مجددا, بل تطالب بسلطة مدنية خالصة, مما يعكس حالة الهلع والرعب التي بدت تدب في قلوب الارادلة وشياطين النظام السابق, من احتمالية استلام قوى الثورة المناهضة للإنقلاب للحكم من جديد …

وهو أمر دفع بالكثيرين ليخبروا الأرادلة بأن يتركوا قوى الحرية والتغيير في حالها, وان يتذكروا المثل الشعبي : “اللّي يحضّر العفريت يصرفه, واللي ما يعرفش , يستحمل أذاه”. فالقادم تخشاه الشياطين قبل العفريت … العفريت ذو الرأسين. وأرادلة الموز .

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد