الأخبار

الهوسا في السودان .. من هم ؟! وأين يعيشون ؟!

190

الهوسا في السودان .. من هم ؟! وأين يعيشون ؟!

يعد الموطن الأصلي لقبيلة “الهوسا” في نيجيريا غرب أفريقيا، وتوزعت سلالتها في عدد من الدول افريقية، وبينها السودان الذي يشهد وجودا لافتا للقبيلة في كل الأقاليم، خاصة المناطق التي تشتهر بالزراعة.

وتتحدث كتب التاريخ عن وجود 7 بطون أصلية لقبيلة الهوسا و7 أخرى فرعية، لكن الخلاف يظهر عند تتبع أصل القبيلة، إذ يقول الكاتب مهدي أدمو في سفره عن القبائل الأفريقية “إن الهوسا نبعوا من أرضهم في نيجيريا غرب أفريقيا، أي لم يهاجروا من أي جهة، وأنهم أصيلون في مناطقهم، ولا علاقة لهم بأي قبائل أخرى”، فيما تقول رواية أخرى إن اسم الهوسا جاء من أرض الحبشة شرق أفريقيا.

التاريخ :
يصعب تحديد مواعيد قاطعة لفترة استقرار شعب الهوسا في السودان، لكن المؤرخين يؤكدون أن طريق الحج عبر السودان -الذي امتدت منه هجرات الهوسا من غرب السودان إلى شرقه في بورتسودان- كان سالكا منذ بداية القرن الـ18، فيما دخل آخرون من الهوسا عن طريق النيل الأزرق للحبشة وانتشروا في مصوع واليمن عن طريق باب المندب.

ويرجح أن قبيلة الهوسا استقرت في “مملكة مروي” الأثرية شمال السودان، لأنه لا توجد “على مستوى القارة الأفريقية” منطقة تم فيها صهر الحديد إلا مملكة مروي ومملكة الهوسا في نيجيريا، مما يؤكد أن الهوساوي في مروي هو نفسه المنحدر من غرب أفريقيا.

ومن أمراء الهوسا في الثورة المهدية القائد مندي أبو دقن الهوساوي الذي ساهم في محاربة الإنجليز، إلى جانب القائد أبو التيمان الذي قاد حلف المسراب بمدينة “العباسية تقلي” عاصمة مملكة تقلي الإسلامية الواقعة في جبال النوبة، وهو الحلف الذي شكل دفعة قوية لانتصارات المهدي.

ويذكر المؤرخون الذين كتبوا عن الخليفة عبد الله التعايشي -الذي حكم بعد المهدي- أن أحد مستشاريه كان من الهوسا، وهو من أشار عليه بصناعة “الجبخانة” (الذخيرة) كما تعلم صناعتها في بلاد الهوسا، وصنعت وقتها لأول مرة في السودان.
وشعب الهوسا ساهم في القتال مع المهدي ضد القوات البريطانية)

ولا يمكن الجزم بأن تاريخ الهوسا في السودان قريب، فوجود هذه الجماعات القبلية في السلطنة الزرقاء (مملكة سنار نواة الدولة الإسلامية الأولى) جنوب شرق النيل الأزرق كان قبل 500 عام، أي حوالي عام 1505 ميلادي تقريبا.

علاقة شعب الهوسا بالسلطنة الزرقاء يرجع لاهتمامهم بالدعوة الإسلامية، مما جعلهم يؤسسون مدارس قرآنية لحفظ القران الكريم.
يعرف شعب الهوسا بتدينه وميله في الأغلب للتصوف اقتداء بالطريقة التيجانية إحدى الطرق الصوفية (الفرنسية)

ولشعب الهوسا علاقة وثيقة بالسلطنة الزرقاء يرجح أنها بسبب توجهات تلك السلطنة الإسلامية واهتمامها بالدعوة، فأسس الهوسا في ظل السلطنة “خلاوي” (مدارس قرآنية) لحفظ القران الكريم.
كانت هنالك هجرات للهوسا من شواطئ البحر المتوسط لمصر، ويقال إنهم أقاموا في منطقة بولا تكرور التي تحولت لاحقا إلى بولاق الدكرور، وهي من الأحياء الشعبية المعروفة بالجيزة في مصر، وهناك من استقر في المغرب والجزائر وحتى جنوب السودان.
وللهوسا باع كبير في “الثورة المهدية” عام 1880 وما بعدها،

فقد دخلوا من غرب السودان وصولا إلى وسطه في إقليم كردفان، وفيهم من قاتلوا مع المهدي ضد القوات البريطانية في معركة شيكان (معركة الأبيض) عام 1883، والتي انتصر فيها المهديون.
ومن أمراء الهوسا في الثورة المهدية القائد مندي أبو دقن الهوساوي الذي ساهم في محاربة الإنجليز، إلى جانب القائد أبو التيمان الذي قاد حلف المسراب بمدينة “العباسية تقلي” عاصمة مملكة تقلي الإسلامية الواقعة في جبال النوبة، وهو الحلف الذي شكل دفعة قوية لانتصارات المهدي.

أين يوجد الهوسا بالسودان؟
تتوزع قبائل الهوسا في كل أنحاء السودان تقريبا، فاحتراف أفرادها الزراعة والصيد جعلهم رأس الرمح بكافة المشاريع الحيوية في ولاية الجزيرة بوسط السودان، حيث يزرع القطن والقمح وغيرهما من المحاصيل.

ويعمل الآلاف من أبناء الهوسا في المشاريع الزراعية بولاية القضارف شرقي البلاد، إذ يزرع السمسم والذرة بكثافة، كما تعمل أعداد كبيرة منهم في أماكن متفرقة بالسودان، ففي الشرق يقطنون في ولايات كسلا، وفي الغرب بدارفور، وفي الجنوب بالنيل الأزرق، علاوة على وجودهم في مشروع الزيداب بولاية نهر النيل شمالا.

وأورد الصحفي السوداني الراحل التيجاني عامر في صحيفة الأيام الصادرة بتاريخ الثاني من يناير/كانون الثاني 1978 أن ممتاز باشا حاكم محافظة التاكا (كسلا والبحر الأحمر حاليا) في العهد التركي لجأ إلى قبائل الهوسا للعمل في مشروع “القاش” لزراعة القطن بعدما فشل في استقطاب شعب البجا.

ومع ذلك، لا توجد إحصاءات رسمية للهوسا في السودان، فجميع ما يتم تداوله أرقام تقريبية، ولم تنشر عنهم نسب مفصلة سوى في عام 1956 حين أجري أول تعداد سكاني بعد استقلال السودان ووقتها كان عددهم 500 ألف نسمة.

ووفق الوسائل التقليدية للإحصاء، يقول الخبراء إن عددهم ربما يتجاوز 8 ملايين نسمة، فيما يشير البعض إلى أن الهوسا ربما يشكلون ما نسبته 30 إلى 40% من عدد سكان السودان، وجميعها أرقام بحاجة لإثبات وفق إحصاء علمي معروف.

اندماجهم في المجتمع
من المؤكد أن شعب الهوسا في السودان ليس معزولا عن الحياة الاجتماعية بكل مجالاتها، فمنتسبوه يشاركون في السياسة والرياضة، وبينهم قيادات علمية مرموقة تعمل في الجامعات السودانية وخارجها، كما أن العشرات من أبناء الهوسا انخرطوا في القوات النظامية والجيش وبلغ بعضهم رتبا رفيعة.

كما أن كثيرا من رموز الفن والغناء اللامعين في السودان تنحدر أصولهم من قبيلة الهوسا، وعلى رأسهم الفنانة عائشة التي برزت كأول مغنية في الإذاعة الرسمية عام 1947، وبسبب الخلط بين الهوسا والفلاتة وغيرهما من القبائل ذات الأصل الغرب أفريقي اشتهرت باسم عائشة الفلاتية وليس بقبيلتها الحقيقية الهوسا.

ويبرز في مجال الفن المطرب عبد العزيز محمد داود، وهو من مواليد شرق السودان، انتقل مع أسرته إلى ولاية نهر النيل بمنطقة الدامر، واستقر لاحقا في العاصمة، وإلى جانب أغانيه العربية كانت له أغانٍ -رغم قلتها- بلغة الهوسا، ومن قبيلة الهوسا ينحدر كذلك ملك الجاز المعروف شرحبيل أحمد الذي شكل ثنائيا لافتا مع زوجته التي ظهرت معه مرارا عازفة ضمن الفرقة الموسيقية.

العادات
تعرف الهوسا بأنها من القبائل المسالمة للغاية، يقدس أفرادها الحياة العملية، فكل أفراد الأسرة يعملون، بمن في ذلك الأطفال، كما يعرفون بدرجة عالية من التدين ويميلون في الأغلب للتصوف اقتداء بالطريقة التيجانية.

أما لغة الهوسا التي تنتشر في مناطق واسعة بغرب أفريقيا فتعد من اللغات السهلة، لكن المتداول منها في السودان اختلط بكثير من الكلمات العربية ليضيف خصوصية إلى هوسا السودان.

وفي عادات الزواج يتبع الهوسا الطقوس السودانية ذاتها، باستثناء بعض الاختلاف في ما يخص تجهيزات العروس، إذ يلتزم ذووها بتجهيز المنزل ابتداء من غرفة النوم وحتى أدوات المطبخ، فيما في العادات السودانية فإن هذه التحضيرات من مهام الزوج.

أكلات شهيرة – الأقاشي هو أحد الأطباق الشعبية السودانية الذي يعود أصله لشعوب الهوسا


من الأكلات الشعبية لدى الهوسا “الأقاشي”، وهي كلمة تعني في لغتهم اللحمة المشوية بطريقة خاصة، إذ تعد بترك شرائح من لحوم الضأن الحمراء عدة ساعات في الشمس لتصبح جافة، ويتم تتبيلها نحو ساعتين داخل تركيبة من البهارات التي تأتي من أشجار معينة تنمو في المناطق الاستوائية، وتوضع الشرائح والبهارات في الليمون الحامض والفلفل، ثم تقلب في مسحوق الفول السوداني وتوضع في أسياخ على الفحم لدقائق معدودة، ثم تؤكل مباشرة بالخبز.

لكن الأكلة انتشرت في الأعوام الأخيرة بجميع المناطق السودانية، وهو ما يفسر تمدد القبيلة الواسع، إذ باتت “الأقاشي” وجبة سودانية محلية تنتشر محلات بيعها وسط الأحياء الشعبية والراقية على السواء.

ومن أهم الوجبات الشعبية الأخرى لدى قبائل الهوسا “القدو قدو” التي تطهى بعد الإفطار وقبل
الغداء، وتحظى بإقبال كبير .

مزدلفة عثمان
المصدر: موقع الجزيرة الاكتروني

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد