الأخبار

كلمة حَقْ في حَقِ أُم الجَّعَافِر

خلال العشرين سنة الأخيرة صارت ام الجعافر شبه متفرغة للعمل الخيري وتجدها تجلس ممسكة بدفتر ضخم ونظارتها في أرنبة أنفها فتحسبها فكي جبرين يتكتك لفرض جبايات جديدة

50

كلمة حق في حق ام الجعافر

جعفر عباس


يستنكر بعض الذين لا يحسنون القراءة ما بين السطور، أنني كثيرا ما أكتب عن افراد عائلتي، ويفوت عليهم انني لا أفعل ذلك لتمجيدهم وحصر اكتشافاتهم واختراعاتهم، بل استخدمهم كرموز اجتماعية لأنهم لا يختلفون عن بقية البشر من حولهم ولهم ما لهم وعليهم ما عليهم، ولا يجوز لي الحديث عن “الأغراب” بما لا يرضون؛ ولم يحدث مثلا أن ذكرت ام الجعافر إلا على صعيد غزواتي العاطفية العابرة للبحار وزيجاتي الافتراضية،

وقلت في ذات مقال في جريدة قطرية انها وضعت كتبي في صناديق واستخدمت المكتبة ك”مجزمة”، وانها تملك عشرات الأحذية بينما لا أملك سوى 3 أزواج منها، وفي زيارة لها لجارة فلسطينية وجدت معها سيدات فلسطينيات كانت إحداهن تنظر اليها بامتعاض، ولاحقا قالت الجارة لأم الجعافر ان تلك السيدة قالت انها مش طايقة تشوف ام الجعافر لأنها ست مفترية عندها كنادر (أحذية) بالكوم بينما زوجها الغلبان لا يملك إلا القليل، فشرحت لها الجارة ان المفتري الحقيقي هو أبو الجعافر “الكذاب”


عندما تزوجت بها كانت ام الجعافر “طيرة”، وربما لو لم تكن طيرة لما قبلت ب”حتة مدرس” زوجا، ورغم انها عاشت سنوات ما قبل الزواج في مدينة بحري إلا أنها لم تكن تعرف فيها كوعها من بوعها، ولو سألت هي عن دكان في الخرطوم وقلت لها انه في شارع الغلوتية المتفرع من شارع الملك زغبير لما أبدت دهشة،

وعندما اصطحبتها الى أرامكو في السعودية في اول مراحل هجرتنا اتضح انها طيرة أيضا في المطبخ وظللنا ناكل البيرغر والبطاطس التشبس لشهور خوف الهلاك جوعا، الى ان قررت العودة الى السودان حيث نالت كورس طبخ من أمها، وهي اليوم عيني باردة مايسترو في المطبخ وتمارس الطبخ بمزاج


أرهقتني في سنوات زواجنا الأولى بحبها للنظام والترتيب، و”نجضتني” بمطالبتي بوضع ملابسي في مكان معين وبترتيب معين و”منو حرك التربيزة من هنا؟” و”ليه شلت كباية من طقم الصيني بدل ما تشرب بكباية قزاز؟” وسبحان الله “عادتني” فصرت لا أطيق الخمج وعدم الترتيب، ما عدا في اللبس وذلك ناتج عن معاناتي من مشكلة مع الألوان فوجدتها ام الجعافر فرصة لمحاصرتي: ماشي بالقميص دا وين؟ الجاب التركواز مع الأحمر شنو؟ ومع هذا فملابسها الموجودة في رف واحد من الخزانة/ الدولاب أعلى قيمة من ملابسي منذ ان كنت في المهد رضيعا، ويستيقظ ضميرها أحيانا فتشتري لي ملابس من حر مالها (الذي هو في الأصل مالي أنا)

فقد انتبهت الى انها لا تمد يدها الى جيبي او الى النقود التي اضعها في مكان معلوم في الدولاب في غيابي او من وراء ظهري مهما كانت حاجتها اليها، فاستيقظ ضميري وصرت أمنحها راتبا شهريا ثابتا، وسبحان الله صارت بعدها تطالب بعلاوات كل بضع سنين، (نصيحتي لكل رجل زوجته متفرغة لشؤون البيت “لا تخبرها عن أي ترقية او زيادة في المرتب او مكافأة/ بونص”)


خلال العشرين سنة الأخيرة صارت ام الجعافر شبه متفرغة للعمل الخيري وتجدها تجلس ممسكة بدفتر ضخم ونظارتها في أرنبة أنفها فتحسبها فكي جبرين يتكتك لفرض جبايات جديدة، ولكنها بعكس جبرين ارتبطت بمنظمات ذات سمعة حسنة في السودان لمساندة الأرامل والأيتام وأطفال السرطان وفي مجال توفير الوجبات لعيال المدارس بل أنشأت مراكز صحية عديدة وصانت العديد من المدارس وبنت المساجد، وقد يرى الناس اسمي في كمشرف على عدد من المنشآت التي قامت بالعمل الخيري، ولكنني حماد الجوكي بينما هي الخيل التي “تجقلب”

ولهذا اقترحت عليها مكافأتها بالحصول على عروس غنية وشابة تخفف عنها أعمال البيت وتسهم بمالها في العمل الإنساني، فقالت: لو لقيت واحدة مخها ضارب تقبل بيك.. مبروك

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد