الأخبار

إقامة ميناء إماراتي في السودان .. ضبابية الموقف

204

إقامة ميناء إماراتي في السودان .. ضبابية الموقف

الخرطوم: هنادي النور

قررت الحكومة الوقوف على التجربة الاماراتية في إدارة الموانئ وإكمال المشاورات حول انشاء ميناء أبو عمامة على ساحل البحر الأحمر من خلال زيارة وفد بقيادة وزير المالية لدولة الامارات التى قام بها مؤخراً.

صورة لميناء بورتسودان متداولة وسائط تواصل

وهذا الأمر وجد استهجاناً وردود افعال متباينة من قبل ذوي الشأن الاقتصادي حول اهمية المشروعات الاستراتيجية وكيفية الإعلان عنها من قبل الدولة دون توضيح للرأي العام، فقط يفاجأ بها عبر قرارات من الدولة،

والسؤال الذي يطرح نفسه حول المؤسسية في المشروعات الاستراتيجية القومية ووضوح الرؤية حول جدواها الاقتصادية.

غياب المعلومة

ووجه وزير النقل السابق هاشم بن عوف انتقادات حادة للحكومة قائلاً: (مع غياب المعلومة من المفترض ان يكون مشروعاً كبيراً ولديه علاقة بالامن الغذائي، ويجب أن يكون في حوار مفتوح للرأي العام، ولكن في ظل غياب الشفافية فهذا يؤدي الى اعتراض على المشروع).

وقال لـ (الانتباهة): (بدلاً من الاستفادة من التجربة الاماراتية في الموانئ فإننا لدينا اشكالية كبيرة في الميناء كان يجب معالجتها).

ووجه انتقادات حادة لوزير المالية قائلاً: (إن القلم الاخضر الذي يستخدمه ليس ملكاً له وإنما هو أداة، ويجب أن يعرف الشعب اي مشروع أو اتفاقية يتم توقيعها حول الاموال التي تصرف في هذا الأمر).

وعاب غياب دور وزارة النقل لجهة ان سلطة الميناء على الساحل مسؤولية الوزارة، مستنكراً عدم استصحاب الوزير المختص لهذه الزيارة، واستدرك بالقول ان هذه علامة استفهام وما هو المسار الصحيح في مسألة الميناء.

واردف قائلاً: (هل سنرجع الى القرارات الذاتية في إقامة المشروعات الاستراتيجية؟).

واستنكر قائلاً: (عيب ان نقول ان الخطوة إيجابية لجهة انها مبتورة ومبهمة، وما هي المبررات لذلك، وهل تم استصحاب اهل المصلحة أو الاستماع لهم؟).

غموض

ووصف رئيس شعبة المصدرين صلاح صالح زيارة وزير المالية بانها غامضة وغير شفافة.

وقال لـ (الانتباهة): (كان يجب ان يطرح المشروع للرأي العام وتوضيح اهدافه والنتائج المرجوة منه، ومشاورة القطاع الخاص واهل المصلحة في ذلك).

واضاف قائلاً: (نحن مع اقامه مشروعات عملاقة ولكن ليس مع الاحتكار).

وأبدى استغرابه بسبب الغموض وعدم الوضوح وطرح المشروع واهدافه للاعلام،

عرض مغرٍ

ما زالت الامارات تغري السودان بعرضها لحزمة من المشروعات الاقتصادية تقدر اجماليها بحوالى ٦ مليارات دولار، منها ميناء متخصص في مناولة المنتجات الزراعية في منطقة (أبو عمامة) (١٨٠ كلم شمال بورتسودان) وطريق بري يربط الميناء المقترح بالمشروعات الزراعية في أبو حمد بولاية نهر النيل).

فيما قال الخبير الاقتصادي د. وائل فهمي: (من بعد تعليق مبلغ ٤،٢ مليار دولار من المجتمع الدولي بعد انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ شاملة دعماً للموازنة العامة التي تعتمد اكثر من ٥٠% لايراداتها على المجتمع الدولي،

وقال فهمي: (ان الامارات واضحة رغبتها القوية في استثمار الاموال البترودولارية على امتداد شواطئ البحر الاحمر الشرقية.

والسودان به موانئ عديدة وكبيرة وعريقة يمكن تطويرها لتخدم في حدود مبالغ الصادر والوارد اللذين لم يتجاوزا الرقم الاحادي من المليارات بعد لبناء موانئ جديدة متخصصة كما تقترح الامارات،

وفك الازمة الاقتصادية وازمة الموازنة العامة بفرض التزامات مالية مستقبلية على الاقتصاد السوداني ليس حلاً طويل المدى باي حال من الاحوال. ومن ناحية اخرى فإن السودان زراعي في غالبيته،

وميناء بورتسودان ميناء مصمم اصلاً لتصدير القطن الخام المزروع في مشروعات زراعته، ومربوطة بخطوط السكك الحديدية المحتاجة فقط لاستثمارات ولو بالشراكة لاحيائها.

وان الستة مليارات دولار لن تحل ازمة الاقتصاد السوداني المعقد كثيراً.

كما انها لن تحسن اداء الموازنة العامة ولو بطريق غير مباشر، خاصة انه استثمار اجنبي مخصص في مجال لا يصب في فك ازمة الغالبية العظمى من الشعب في انحاء السودان المترامي الاطراف.

وان محدودية الصادرات والواردات الاحادية المليارات ستعمل على تجفيف الموانئ الرئيسة والتاريخية في تصدير المواد الخام الزراعية والحيوانية، مما يقلل نشاط القوة العاملة بها حالياً.

البلد الأخضر

من جهته قال الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزير: (ان مشروع (السودان البلد الأخضر) في تقديري مشروع نهضوي مناسب. وتتوفر لدينا في الوقت الحالي فرصة كبرى لاستغلال مواردنا الضخمة في القطاع الزراعي في ظل ظروف دولية مواتية للغاية،

حيث تمثل أزمة الغذاء العالمية والتغييرات المناخية والحرب الروسية الأوكرانية فرصة لبلادنا لن تتكرر. ويمكن أن تكون بداية المشروع من خلال مبادرة الأمن الغذائي العربي التي وافقت عليها القمم العربية، وتتابع تنفيذها جامعة الدول العربية برعاية أمينها العام أحمد أبو الغيط،

وتجد المبادرة اهتماماً كبيراً من د. جبريل إبراهيم وزير المالية، وتجد الدعم والمساندة الفنية من البروفيسور إبراهيم الدخيري مدير المنظمة العربية للتنمية الزراعية، وينسق الاتصالات بشأنها السفير محمد الياس سفير السودان لدى مصر ولدى الجامعة العربية.

وكبداية يتوقع توفير تمويل بمبلغ خمسة مليارات دولار من الدول العربية لتحسين نظم الري بمشروعي الجزيرة والرهد، وانشاء سدود كجبار والشريك ودال، واستصلاح وزراعة مليون فدان في أعالي نهري عطبرة وستيت، وإنشاء محطة توليد غازي عملاقة بطاقة ألف ميقاواط بولاية البحر الأحمر.

وتحسين نظم الري بمشروعي الجزيرة والرهد سيمكن من احداث طفرة هائلة في انتاج الفول السوداني والقمح، وستوفر السدود الثلاثة الطاقة الكهربائية اللازمة لري مساحات هائلة بولايتي الشمالية ونهر النيل تخصص لزراعة القمح، فيما تخصص المليون فدان بأعالي نهري عطبرة وستيت لزراعة الخضر وتربية الحيوان،

وتوفر المحطة الغازية العملاقة ببورتسودان الطاقة اللازمة لتشغيل مخازن تبريد وتجميد كبرى للمنتجات الغذائية بالميناء الرئيس. وهكذا تتكامل مكونات مشروع عملاق يمكن أن يشكل أساساً لنهضة البلاد، من خلال صادرات غذائية لدول الخليج فقط بقيمة 25 مليار دولار. ونحتاج لتصميم رسالة إعلامية واضحة بأهداف محددة لهذا المشروع النهضوي الذي توفرت له كل عوامل النجاح.

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد