الأخبار

البحث عن أموال للإنفاق العسكري عبر زيادة الدولار الجمركي

71

بقلم: أحمد بن عمر [email protected]

البحث عن أموال للأنفاق العسكري عبر زيادة الدولار الجمركي

أعلن وزير مالية حكومة بورتسودان جبريل ابراهيم، زيادة جديدة في سعر الدولار الجمركي، ليصبح بواقع 950 بدلا عن 650 جنيها، على أن تطبق الزيادة الجديدة اعتبارا من يناير الجاري

وهي بالتأكيد خطوة ضمن ما سماه الوزير (موازنة الحرب), وكما قلت في مقال سابق أعلان هذا المسمي ل(ميزانية) يعني أن الحكومة ستبحث عن جهود لحشد الايرادات لتمويل الجيش في حربه ضد الدعم السريع المندلعة منذ ابريل من العام الماضي، والدولار الجمركي هو السعر المستخدم لحساب قيمة جمارك الواردات من خارج السودان، ومن ثمّ تدفع بالجنيه السوداني، وسعره ثابت تحدده الحكومة عبر المؤسسات ذات الصلة

لكن من ضمن اجراءات حكومة الفترة الانتقالية لالغاء التشوهات في سعر الصرف تم بموجب قرار الإلغاءه ليتم الاعتماد علي الية السوق, بمعني أن يتحرك سعر الدولار الجمركي وفقاً لوضع سوق سعر الصرف.

بناءً علي ذلك يجب علي الجمارك عدم تحديد سعراً للدولار الجمركي بل يُوخذ اسبوعياً من سعر بنك السودان المركزي ومع غياب البنك المركزي بالقيام بمهامه وسُلطته علي سعر الصرف حالياً بسبب الحرب وفقدان المدن والقطاعات المصرفية حدثت الفجوة السعرية، فقد ارتفع سعرالصرف في السوق الموازي

فمن الطبيعي أن يتم تحريك السعر المثبت في السابق 650 جنيه سوداني الي السعر الجديد 950 جنيه, وقد يخرج الينا وزير المالية وينفي علاقته بتحريك سعر الصرف, وهذا لا يرفع منه المسؤولية في حالة موازنة الحرب حيث تكون جميع القطاعاتالاقتصادية تحت ادارته المباشرة حسب التقديرات حول الموازنة المعدلة الربعية المُعلنة .

هذه ليست المرة الأولي فقد كانت هناك عدد من الصدمات للسوق في السابق مع تكرار نفس الخطأ من الجمارك, فعندما قامت الحكومة بالتعويم في فبراير2021 قامت بتثبيت السعر في المرة الأولي في 350ج

فحدثت الفجوة السعرية, فقامت مرة أخري بتحريكه الي 445 ثم حددثت فجوة فتم تحريكه الي 556 واخر تحريك كان لسعر ال 700 ج ومنها الي, وهذا يؤكد سوء ادارة الجمارك والمالية معاً في تأخر ردم الفجوة السعرية, التي تحدث بتحقيق صدمة للأسواق.

ومع الحرب, لا أسواق, لا طلب كبير علي الواردات, ولا تكاملية للأسواق حسب النظرية الكلاسيكية لأدم اسميث, فقط توجد حرب وتوجد ادارة عشوائية من الجميع (وزارة المالية – الجمارك – بنك السودان), فالتشوه الذي سيحدث نتيجة للاجراءات الأخيرة ستوقف الواردات (الضعيفة) بسبب انخفاض الاستيراد وفق ارتفاع التعرفة الجمركية الجديدة .

محاولة فاشلة لحشد الانفاق العسكري ؟

معروف أن إيرادات الدولة ما بين 60 إلى 70% منها من الضرائب والجمارك وبسبب الحرب الحالية توقفت جميع الانشطة التجارية وحركة الاستيراد، ومضى بالقول إذا تعطلت حركتا النشاط الاستيرادي والتجاري وعجلة الإنتاج، فلن تجد الدولة أي إيرادات تدعم الخزينة العامة للدولة

وباعلان موازنة الحرب في 2024 من جانب حكومة بورتسودان فهذا يعني حشد الايرادات لمقابلة النفقات العسكرية, فأرتفاع الدولار الجمركي يعني ارتفاع تكلفة استيراد السلعة

فالسودان بعد الحرب اصبح يعتمد علي الاستيراد بشكل كامل بعد ان خرجت كل المصانع من الخدمة بتأثرها وتدميرها .

مع الضغوطات الكبيرة للبحث عن مصادر تمويل للتكلفة اليومية الباهظة للحرب من جانب الجيش يظل خيار استخدام الدولة بمؤسساتها لتوفير التمويل هو الخيار المتاح حاليا

نعم عزيزي المواطن يجب عليك الجوع مقابل (البل) الذي يحدث فقط علي صفحات التواصل الاجتماعي, ومع تطور مراحل الحرب يبدو أن التحركات نحو ايران للبحث عن السلاح وصفقة وصول بعض المسيرات من نوع (مهاجر) فهذا يؤكد انها صفقة شراء اسلحة, وفتح باب للوصول الي أسلحة يعني المزيد من عملية الشراء في الشهور القادمة وهذا يعني حوجة الحكومة للأموال لتكلفة الشراء وتصريف الحرب (مرتبات – انفاق)

لن تؤدي خطوة الحكومة في رفع الرسوم الجمركية لتحقيق إيرادات مرتفعة لمقابلة المنصرفات في موازنة د.جبريل ابراهيم، بل ستظل الإيرادات ضعيفة لتراجع حجم الطلب على الاستيراد وستقل الكميات المستوردة ويضعف العائد من الجمارك وهذا هو الاقتصاد

ومع ارتفاع العجز في الموازنة منذ العام 2023 لن تتمكن الدولة من تغطية العجز في الميزانية ومواجهة الصرف لتسيير دولاب الدولة زيادة ً علي ارتفاع التضخم الذي يظهر في الأسواق.

أن الدولة لم تستفد من أخطائها السابقة خاصة وزير المالية جبريل ابراهيم، ومعلوم أن الاعوام 2023 /2022 شهد أكبر قرارات زيادات في الرسوم والضرائب والجمارك في تاريخ السودان مع قفزة الدولار الجمركي بصورة غير مسبوقة تعديلاً في الفئات الجمركية زيادة الضرائب من 15% إلى 30% من النشاط التجاري أي بنسبة مائة بالمائة. الزيادة ومن 10% إلى 15% للنشاط الصناعي

بجانب فرض رسوم على الضرائب فضلاً عن الزيادة في الخبز والدواء والكهرباء والوقود لأكثر من مرة وغيرها كما ذكرت في مقالي حول أزمة الحكومة في حشد الايرادات.

اخيراً … حرب في السودان والمجاعة وتدهور سعر الصرف وتناقص الانتاج المحلي وفشل المواسم الزراعية واستخدام اموال السودانيين في هذه الحرب …

جميع ما ذكر هي أزمات نراها كل يوم تتمدد وتتسع مع اتساع دائرة الحرب في السودان, أن قضية استخدام الدولة من جانب الجيش والاحتماء به هي تعريض المواطنين وحاجياتهم للخطر خاصةً قضايا توفر العلاج والسلع بما فيها المحرك ( الرواتب), الايام القادمة ستكون صعبة علي الجيش بسبب عدم توفر الدعم المالي الخارجي لهذه الحرب, وربما الاوضاع الانسانية ستعجل من الضغوطات سبباً للجيش وحكومة بورتسودان للجلوس حول مستقبل تفاوضي.

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد