الأخبار

د.فيصل الزبير يكتب: سياسات القبول والتعريب في جامعة الخرطوم

للحقيقة والتاريخ

117

سياسات القبول والتعريب في جامعة الخرطوم
د.فيصل الزبير


خاضت جامعة الخرطوم عبر تاريخها الطويل (١٢١ عام) عدد من التجارب والسياسات في الجوانب الاكاديمية والمشاريع اابحثيه والاداريه واخضعتها للدراسه العلميه و التقيم المستمر عبر لجان متخصصه لاستخلاص العبر من اجل الوصول للمعايير المثاليه للجامعة الامثل كما يحدث في كل الجامعات العالميه ذات السمعة والصيت مما اهلها ان تكون بيت خبرة ومستودع التجارب الاكاديمية والانسانية والفكرية استفادت منها مؤسسات التعليم العالي السودانيه وعلي المستويين العربي والافريقي.


فمثلا شهد العام ١٩٨٨/١٩٨٩م تطبيق تجربه فريده في نظام القبول بجامعة الخرطوم و ذلك في عهد الديمقراطية الثالثه (من هو مدير الجامعة في ذلك الزمن) علما بان تلك السياسة تم تجريبها من قبل علي ما اعتقد في منتصف سبعينات القرن المنصرم تقريبا حيث.

كانت جامعة الخرطوم في ذلك الوقت تتمتع بالاستقلالية الادرية و الماليه و الاكاديميه بشكل شبه مطلق عندما كانت مؤسسات التعليم العالي في السودان بعدد اصابع اليد الواحده وكانت تدار بواسطة المجلس القومي للتعليم العالي.

حيث تبنت جامعة الخرطوم في تلك الفتره قبول الطلاب الناجحين في الشهادة الثانويه السودانيه للعام ١٩٨٨/١٩٨٩م في كلية العلوم جامعة الخرطوم لدراسة سنه اعداديه preliminary year وكان عدد الطلاب الجالسين الشهاده الثانويه عندها يربو علي ١٢٠ الف طالب و طالبه بينما عدد كليات الجامعه للمسار العلمي احياء لا يتجاوز سته كليات هي الطب والصيدله وطب الاسنان والطب البيطري والزراعه والعلوم في وقت فيه لم تظهر كليات الغابات والانتاج الحيواني والتمريض العالي والمختبرات الطبيه الي الوجود وكانت في رحم الغيب.


كان عدد الطلاب المرشحين للقبول في جامعة الخرطوم لوحدها في ذلك العام حاولي ٧٠٠ طالب و طالبه يزيد او يقل قليلا في المساق العلمي احياء فقط في حين ان كل الطلاب المرشحين لمؤسسات التعليم العالي في السودان لا يتجاوز ٤٠٠٠ طالب وطالبه فقط .

وعندها كان الالتحاق بجامعة الخرطوم عز و شرف لا يدانيه عز ولا يقترب منها الا الصفوة cream of the cream من ابناء السودان (لحسة كوع )و كانت بالحق جميله و مستحيله ولا يوجد قبول خاص او اي استثناء لاي سبب من الاسباب. لا اعلم بالضبط لماذا رجعت الجامعة لتجريب هذه السياسه من مرة اخري بعد ان تم التخلي عنها سابقا.

حيث تم قبول العدد المذكور اعلاه بالفعل عبر منافسه شرسه علي مستوي الشهاده السودانيه عندما كان يتم فقط اذاعة العشر الأوايل من المتميزين في وسايل الاعلام في ذلك الوقت المتمثله في الراديو فقط. و كان فخر وايما فخر عندما تسمع اسمك عبر المذياع من ضمن هذه الكوكبه النيره.

في السابق اي قبل ١٩٨٨/١٩٨٩م كان يتم قبول الطلاب الناجحين في جامعة الخرطوم عبر القبول المباشر للكليات العلميه للطلاب من تخصص الأحياء اي ان الطالب يقدم عبر مكتب القبول العام لخمس فرص فقط حسب الرغبه للطالب.

ولكن السياسه الجديدة كانت ان يتم قبول الطلاب المرشحين في كليه العلوم اولا بشكل عشوائي و من ثم ودراسه سنه اعداديه prellim كامله طويله لمده ٦ اشهر تقريبا حيث يتم تصفير عداد الشهادات السودانيه لكل الطلاب و يتساوي الكل و يبدا السباق من جديد بحيث يخضع جميع الطلاب لامتحان موحد مرة اخري في نهاية العام لجميع هؤلاء الطلاب علما بان لغة التدريس كانت هي اللغة الانحليزيه طبعا ومن ثم يتم توزيعهم علي الكليات المختلفه بناء علي نتيجة كل طالب.

فنجد احيانا انه من الممكن ان يتم توزيع عدد من اوايل الشهاده السودانيه في كليات مجمع شمبات مثلا و التي تضم كليتي الزراعة والطب البيطري مع أنهما من التخصصات المحترمه والتي بحتاج السودان لخريجيها لقيادة التنميه في البلاد حيث تضم تلك الكليات اميز الاساتذة والعلماء والباحثين في جامعة الخرطوم.

ولكن كثير من الطلاب يتردد في الالتحاق بهما هذا في حالة لم يتحصل علي النتيجه التي تمكنه من الالتحاق بكليات المجمع الطبي التي كان يبدو مهرها غاليا جدا فربما نجد طالب اقل درجة في الشهادة السودانيه واجتهد كثيرا في السنة الاعدادية و يكون اكثر حظا حين يتم توزعه في كليات المجمع الطبي هذا طبعا لطلاب المساق العلمي الأحياء.

كانت التجربه تمثل تحد حقيقي لادارة جامعة الخرطوم وخلادارة كلية العلوم للعبور بها في العام الاول الي بر الامان لما واجهته التجربه من صعوبات وتحديات حقيقية واحتجاجات مستمره من الطلاب بغير مبرر منطقي بدعوي عدم الشفافيه وانعدام الثقه وهم غير ناضجين ولا يعلمون ان جامعة الخرطوم بشكل عام و كلية العلوم علي وجه التحديد تدير الامتحانات بشكل احترافي ومهني ومؤسسي لا يتسلل اليها الشك مطلقا.

كان يتم حشد ذلك العدد الكبير من الطلاب في قاعة القرشي GLT المعروفه والمشهوره بكلية العلوم وهي من اكبر القاعات الدراسية في مجمع الوسط بل جامعة الخرطوم عامة والتي كانت بالكاد تستوعب ذلك العدد الضخم من الطلاب في ان واحد وكذلك المعامل رغم وجود ذلك المبني الكبير متعدد الطوابق لتدريس الجانب العملي حيث اضطر تقسيم الطلاب الي مجموعات صغيره subgroups تعمل طوال اليوم وكل ايام الاسبوع السته بعدد مقدر من الاساتذه والعلماء بدرجاتهم العمليه المختلفه و تخصصاتهم الدقيقه و عدد من المحاضرين و مساعدي التدريس الذين كانوا يشرفون علي الجانب العملي في المعامل.

واستمرت هذه التجربه لمدة ثلاث سنوات بالتمام و الكمال للعام ١٩٨٩/1990 والعام ١٩٩٠/1991 و العام ١٩٩١/ ١٩٩٢ (من هو مدير الجامعه في ذلك الوقت).

يبدو ان جامعة الخرطوم اخضعت تلك التجربه للتقييم الدقيق والمستمر من اول وهلة بتشكيل لجان من اساتذة كليه العلوم واساتذه من كليات اخري بالبحث عن ايحابيات وسلبيات التجربه من عدة زوايا وهذا واضح من التراجع عن هذه السياسه لاحقا اي بعد ثلاث دفع فقط.

فواحد من اكبر السلبيات في تقديري الشخصي لتلك التجربه هو ربما تسرب عدد كبير من الطلاب من تلك الدفع الي جامعات اخري بعد ان لم يتمكنوا من التحويل الي التخصصات التي يرغبون في دراستها بالاضافه الي ان هنالك عدد كبير ومقدر من الطلاب المميزين التحقوا بجامعات سودانيه اخري ورفضوا التقديم لجامعة الخرطوم حتي لا يخوضوا هذه التجربه التي ربما تحرمهم من رغباتهم في دراسة التخصص الذين يرغبون فيه

بالاضافه الي عوامل اخري عديده ادت الي اختصار التجربه يعلمها الكثيرون ممن عاصروها وتم الرجوع للقبول المباشر للطلاب علي حسب رغبة الطالب ابتداءا من العام الدراسي ١٩٩٢/٩٩٣م (من هو مدير الجامعه في ذلك الوقت) وهذا علي النغيض مما يحدث مثلا في التعليم العام في السودان حيث كان الطلاب دوما مثل فئران التجارب بتغيير المناهج تارة وتغير السلم التعليمي تارة اخري بدون تقييم مستمر مع سياسة دفن الرؤوس في الرمال .

ظلت كلية العلوم بجامعة الخرطوم منذ عقود موقعا لتدريس طلاب المستوي الاول اعدادي للطلاب من كل كليات الجامعه في تخصص الأحياء قبل تجربة القبول الموحد و بعدها.

واستمر الحال حتي العام الدراسي ١٩٩٢/١٩٩٣م وهي الدفع التي تخرجت مثلا قي مجمع شمبات قي العام ١٩٩٥/١٩٩٦م (من هو مدير جامعة الخرطوم ذلك الوقت) حيث شهد السودان في تلك الفتره استقرارا أمنيا وسياسيا واقتصاديا بشكل نسبي ومن الملاحظ ان العام الدراسي ١٩٩٦/١٩٩٧ لم يشهد تخريج طلاب علي مستوي البكلاريوس في كل مؤسسات التعليم العالي السودانيه (ما السبب في ذلك الوقت) .

بعد ذلك انتهجت جامعة الخرطوم سياسه اخري اكثر مرونة لتطوير اداء الكليات والطلاب ويبدو ذلك في اعتقادي من خلال توصيات لجان متخصصه في الجامعه فمثلا بداية من العام الدراس١٩٩٤/ ١٩٩٣ وهي الدفع التي تخرجت فيما بعد في العام ١٩٩٧/١٩٩٨م (انا من عشاق التوثيق بالارقام و الاحصاءات) حيث بدا تدريس طلاب مجمع شمبات والذي يضم كليات الزراعه والطب البيطري والانتاج الحيواني والغابات حيث شهد ذلك العام مولد تلك الكليتين من رحم كليتي الزراعه الطب البيطري.

فكانت السياسه الجديدة تعتمد علي ان بدرس طلاب تلك الكليات في مجمع شمبات مباشره ابتداءا من السنه الاولي عاما اعداديا خاص بتلك الكليات فمثلا طلاب كلية الطب البيطري يدرسون السنه اولي في كلية الطب البيطري في شمبات مع تدريس جرعات صغيره من مناهج الرياضيات والفيزياء وعلم النبات مع زيادة في جرعات علم الحيوان وذلك بالتعاون مع كليتي العلوم والتربيه جامعة الخرطوم لتدريس هذه التخصصات مع تدريس مقررات تتعلق بتخصص الطب البيطري في الفصل الدراسي الاول والثاني للمستوى الاول مثل وظائف الاعضاء والكيمياء الحيويه والتشريح جنبا الي جنب للاستفاده من عامل الزمن وربط المناهج التي تدرس لطالب الطب البيطري بالجانب المهني منذ وقت مبكر وبالتالي الاستفاده من عامل الزمن.

انا اعتبر تلك السياسه كانت سياسه حكيمه ورشيده وفيها تطوير كبير يصب لصالح الجانب المهني للتخصص ومن مصلحة الطالب الذي يدرس خمس سنوات في مجال تخصصه منذ البدايه وقد يتفق معي البعض او يختلفون معي ولكن التجربه في اعتقادي اثبتت نجاحها عام بعد عام واتت اكلها وثمارها بشهادة الجميع وهذا واضح في الاداء الاكاديمي لهؤلاء الطلاب اثناء الدراسه واداءهم المهني لاحقا بعد التخرج.


فهذه جامعة الخرطوم علمتنا خوض التجارب الكبيره ومن ثم اخضاعها للتقييم المستمر عبر لجان متخصصه وترفع تقاريرها لجهات الاختصاص بالجامعة لتؤمن علبها المجالس المتخصصة فيما بعد و بها تعاقب مستمر للأجيال للمحافظة علي هذا الارث الاكاديمي والحضاري مما جعل للجامعه ديناميكية وحيويه وجعل لها كاريزما و خبرات متراكمه تضاف الي تجاربها الثرة عبر السنين

وبالتالي استمرت برامج التغيير التدريحي مع التقييم المستمر في السياسات والمناهج من اجل التطوير للأفضل ولمواكبة التطور في العالم من حولنا وادخال العلوم والتقنيات الحديثه المتطورة بفضل ثورة المعلوماتية وامكانية الوقوف علي تجارب الآخرين الناجحه حتي تكون الجامعه في مصاف الجامعات العالميه ويتحسن تصنيفها اقليميا وعالميا هذا بالطبع بجانب البحث العلمي المتميز ونشر مخرجات هذه البحوث العلميه عبر الشبكه العنكبوتية. ودامت جامعة الخرطوم رمزا للتفوق والتميز في شتي ضروب المعرفه.

سياسة التعريب في جامعة الخرطوم… كلية الطب البيطري نموذج …..


عقب استيلاء الحركة الاسلاميه علي حكم السودان بعد انقلاب يونيو ١٩٨٩ المعروف حيث جاءت حكومة الانقاذ بمشروعها الحضاري وكلمة حضاري كانت كلمة حق اريد بها باطل فصوبت سهامها الطايشة والمسمومة الاولي علي مؤسسات التعليم العالي عبر ما يعرف بثورة التعليم العالي والتي ارتكبت مجازر بشريه و اكاديميه في حق الجامعات بالفصل والتشريد فيها من اجل شيطنتها والسيطرة علي مفاصلها

وكالت لجامعة الخرطوم النصيب الاكبر من الاستهداف باعتبارها كبيرهم الذي علمهم السحر وتكسير هذا الصنم الاكاديمي للذي يمثل راس الرمح لمؤسسات التعليم العالي من اجل التغيير باعتبار ان طلاب جامعة الخرطوم واساتذتها لهم ما يكفي من الارث والرصيد الثوري والتاريخي والنضالي والوعي الكبير والادراك للمقاومه

ولاسيما ان طلاب واساتذة جامعة الخرطوم كانا لهم الدور المشهود والمعلوم في تفجير ثورتين من أعظم الثورات في تاريخ السودان الحديث في القرن الماضي اكتوبر ١٩٦٤ وابريل ١٩٨٥ ضد اثنين من اشد الانظمة الشمولية والعسكرية ظلما و استبدادا وبالتالي يريدون القيام بضربة استباقيه خاطفة للقضاء علي اي محاولة للمقاومة في مهدها.

وللاسف ان استهداف جامعة الخرطوم ومحاولة تركيعها جاء من ابناءها الذين رضعوا من ثديها في تنكر واضح فظلم ذوي القربي اشد مضاضة من الحسام المهند.

وتم اصدار عدد من القرارات الثورية عبر وزارة التعليم العالي و تم قبولها بتأييد مطلق من منسوبي النظام نفسه في الجامعة والذين سيطروا علي مفاصل الادارات من الوهلة الاولي لتمرير تلك القرارات المهمه والمفصلية من تحت جسر الؤسسيه حتي لا تصطدم بجدار اللوائح والقوانين المنظمه للعمل في الجامعه (من هو ذلك الوزير).


فمن اهم القرارات والتي اثارت جدلا كثيفا هو الغاء مجانية السكن والاعاشه لطلاب جامعة الخرطوم في عام ١٩٨٩ (من هو المدير في ذلك الوقت) بهدف تشتيت افكار الطلاب وكسر وحدتهم و بالتالي عدم استقرارهم مما شكل صدمة للطلاب الذين قاوموا القرار بضراوة وقدموا عدد من الشهداء (سليم وبشير والتايه) الاماجد الذين يمثلون طليعة الشهداء للحركة الطلابية السودانيه في ذلك العهد الدموي عندما عبر الطلاب عن رأيهم برفض لهذه القرارات والسياسة المجحفه في حقهم

ولكن بلا فايده وتم تمريره للاسف كما عمل منسوبي النظام للسيطره علي اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ( KUSU) والروابط الاكاديمية والإقليمية التي تتبع للاتحاد عبر كل الطرق الغير مشروعه.

اما القرار الاخر هو تعريب المناهج وذلك في عام ١٩٩٠ بحيث تكون اللغة العربيه هي لغة التدريس في كل كليات الجامعه بدون استثناء حتي للكليات العلميه و باستعجال ودون دراسة و بدون استعداد بهدف ما يسمي بتاصيل العلوم وللاسف تم تمرير القرار ايضا رغم احتجاج الطلاب والاساتذه والخبراء في جامعة الخرطوم علي هذه الخطوة الغير موفقه و لكن مما يحمد ان رفض اساتذة المجمع الطبي الفكره تماما في ايباء و شموخ بحجة ان تعريب المقررات في تلك الكليات سيضر بها كثيرا (من هو مدير الجامعه).

وعلي النقيض تماما نجد انه في مجمع شمبات حدث العكس تماما حيث كان يضم المجمع كليتي الزراعه والطب البيطري فقط فتبني كبار العلماء من الاساتذة بكلية الطب البيطري علي وجهه الخصوص الفكره وبدأوا في الترويج لمحاسنها وسط الطلاب المحتجين بشده رغم ان ذلك يتناقض مع قناعاتهم الشخصيه

بل كان فقط لاغراض يعلمونها هم فقط لإرضاء التنظيم الذي ينضمون اليه وبمثابة عن مجد شخصي علما بان التعريب للمناهج يضر بسمعة الكليه وباداءها الاكاديمي والبحثي واحتج طلاب الكليه واساتذتها كالعاده بهم فمنهم الان من هو علي قيد الحياة الان متعهم الله بالصحة والعافيه ومنهم من رحل نسال الله له المغفرة والرحمة سجلوا مواقف للتاريخ رفضا لهذه الخطوه الغير موفقه.

من المعلوم ساداتي الكرام ان اخر دفعه تخرجت من كلية الطب البيطري بحامعة الخرطوم درست المناهج باللغة الانحليزيه منذ التشاه كانت في عام ١٩٩٤ بينما اول دفعه تخرجت في الكليه بتدريس المناهج باللغة العربيه كانت في عام ١٩٩٥. وواجهه استاذه كلية الطب البيطري صعوبات ومشاكل كبيره في تعريب المناهج حيث لا توجد مرجعيه ولا مراجع علميه عربيه للرجوع اليها علما بان اللغة الانجليزية هي لغة التواصل الاولي في العالم في مجال العلوم الطبيه والتطبيقيه

وكما وصف احد اساتذة كلية الطب البيطري متعه الله بالصحة والعافية (بروف مختار ابو سمرة) عمليه التعريب في ذلك الوقت بانها عمليه عسر ولاده academic dystocia من ناحية الحصول علي المصطلح المناسب المقابل للمصطلح العلمي باللغة العربية مما صعب الامور فيما بعد بالنسبة لطلاب الدراسات العليا لان كتابة الاطروحة للماستر والدكتوراه يجب ان يكون باللغة الانجليزبه الا في حالات استثناءات قليله جدا بحسب قوانين كلية الدراسات العليا.

وظل الرجوع للتدريس بالغة الانجليزيه في كلية الطب البيطري حلم واشواق تراود الأستاذة والطلاب لفتره امتدت من عام ١٩٩٠ حتي عام ٢٠١٥ اي ربع قرن من الزمان رغم التوصيات المستمره من اساتذة الكليه وعلماؤها وخبراؤها بضرورة العوده للتدريس بالغة الانجليزيه

ولكن هذا الامر كان يحتاج الي اراده وقوة عزيمه للعوده للمسار القديم والصحيح الي ان تمكننت الكليه وعبر مبادره صادقة وقويه من كثير من الاساتذة والطلاب لادارة الكليه التي كان علي راسها المدير الحالي لجامعة الخرطوم والذي نال هذا الشرف بتحمسه لهذا الاقتراح.

كما طرحت ايضا المبادره من الاقسام الي مجلس الكليه الذي تتداول الامر بجديه عبر احدي جلساته ووجدت الفكره المسانده من ادارة الكليه وجميع اعضاء المجلس بالموافقه المطلقه فاصدر السيد العميد حينها قرارا بتشكيل لجنه مصغره منبثقة من مجلس الكليه بها عدد مقدر من العلماء والاساتذة بالكليه منهم عمداء سابقين للكليه ومدراء جامعات سابقين وهم اعضاء بمجلس الكليه للتفاكر حول المقترح والنقاش حول جدواه وبعد عدة اجتماعات لم تدم طويلا

خرجت اللجنه الموقرة بتوصيه واضحه لمجلس الكليه بضرورة العوده للتدريس باللغة الانجليزيه في الكلية بناءا علي حقايق تم توضيحها فتم اجازة التوصية بالإجماع من مجلس الكلية الموقر فيما بعد في العام الدراسي ٢٠١٤/٢٠١٥ م تقريبا و الذي بدوره رفع توصية الي مجلس اساتذة جامعة الخرطوم (من هو المدير في ذلك الوقت) وتم اجازة القرار بالإجماع في خطوة تاريخية تحسب لمجلس الكليه ولادارتها الرشيدة في ذلك الوقت فصار قرارا تاريخيا يمكن ان يؤرخ به.

ان قرار العوده للتدريس المناهج باللغه الانجليزيه كان انتصارا للاساتذة والطلاب فوجد القبول والترحيب والإشادة المطلقه من اساتذة وطلاب الكليه مستبشرين بعهد جديد وبدا تطبيق القرار علي ارض الواقع في الدفعة التي تم قبولها في العام الدراسي ٢٠١٥/٢٠١٦م وتدريجيا في الاعوام التي تلتها والان هؤلاء الطلاب اي دفعة التغيير الاولي في المستوي النهايي بالكليه والذي من المفترض أن بتخرطوا في العام الدراسي ٢٠١٩/٢٠٢٠م ولكن لم بتخرجوا بعد بسبب الظروف الامنيه وتفشي جائحة كورونا التي مرت بها البلاد.

والحرب الدايرة الان في السودان علما بان اداء الطلاب الاكاديمي كان ممتازا جدا باحتراف وشهادة كل الاساتذه وحتي الممتحنين الخارجيين الذين اشادوا بالتجربة وبأداء الطلاب الاكاديمي حيث لم يتاثر اداءهم الاكاديمي ولم يتدني بسبب هذا التحول بل كانوا علي قدر المسؤلية والتحدي ونجحت التجربه في تقديري بعد مرور خمسة اعوام علي تطبيقها وبالتالي استطاعت كلية الطب البيطري العبور بهذه التجربه الي البر بعد معاناة استمرت ربع قرن من الزمان .

كما ان هنالك قرار اخر تم تمريره بطريقة فوقيه وهو ما يسمي بمطلوبات الجامعه من تدريس مقررات ليس لها علاقه بالتخصص فماذا يستفيد طالب الطب البيطري من دراسه القافة السودانيه او الاسلاميه او اللغة العربيه عبر مقررات مكرره في المراحل قبل الجامعه و علي حساب ساعات التخصص و كلكن تمكنت جامعة الخرطوم في عام ٢٠٢١

وفي خطوة شجاعه تحسب لادارة الجامعة في اعادة سياق هذه المقررات في كل كليات الجامعه (من هو المدير في تلك الفتره) وذلك بالرجوع الي الكليات والاقسام المختلفه لرفع توصيات بخصوص هذا الأمر عبر المؤسسيه المعروفه من القاعده الي قمة الهرم الاداري ورفعت مجالس الكليات المختلفه توصيات قويه ومنطقيه للتخلي عن تدريس بعض المقررات بسبب التكرار وضعف المناهج وعدم ملاءمتها للتخصص المعين وإجراء بعض التعديلات بالاضافة والحذف

وتم اجازة كل هذه القرارت المهمه والتي تصب في مصلحة التجويد الاكاديمي في الجامعه في مجلس الاساتذه في انتصار واضح للمؤسسيه والرجوع عن الاخطاء التي ترقي لمستوى الجرائم والتي ارتكبها نظام الانقاذ تحت مسمي المشروع الحضاري من اجل السيطرة علي جامعة الخرطوم التي لم تستكين لتلك القرارت و كانت في حالة مقاومة وغليان مستمره حتي انتصر الحق وذهب الباطل فان البطل كان ذهوقا.

فالتحية والتجلة لكل منسوبي جامعة الخرطوم اساتذة وطلابا لوقفاتهم المشهوده ضد استباحة القوانين والنظم في جامعة الخرطوم والتي كانت في نظر اهل ذلك النظام ان جامعة الخرطوم ليس صنما ليعبد بل يجب ان بتم تكسره .

وعاشت جامعة الخرطوم ملهمة وصانعة للتغير وحامية لحصون الاداء الاكاديمي فيها وفي بقية مؤسسات التعليم العالي.

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد