الأخبار

د.فيصل الزبير يكتب: عندما تموت الاشجار واقفة

94


الشكر والتحية والعرفان لكل الذين حضروا مراسم تشييع عميد اسرتنا واستاذ الاجيال الاستاذ عوض الجيد احمد الزبير والذي انتقل الي رحاب ربه صباح الاربعاء 13 ابريل ٢٠٢٢ بالمسيد اثر علة مفاجأة لم تمهله طويلا بعد حياة عامرة افناها في خدمة العلم والتعليم والطلاب من خلال التدريس في المدارس الثانوية.

برحيل الاستاذ عوض الجيد تكون انطوت صفحة ناصعة البياض لمعلم يصعب ان يتكرر مرة اخري انها نسخة واحده.

التحق الفقيد العزيز بسلك التعليم منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي وبدا مسيرته الظافرة من القضارف الثانويه بنين في الخمسينات ومنها الي الابيض الثانويه بنات في منتصف الستينات وحتي منتصف السبعينات ومنها الي الكاملين الثانوية بنين

وتم انتدابه للعمل بوزارة الرعاية الاجتماعيه لمدة عامين لادارة شؤون قرية الاطفال السودانيه التي تقع جنوب الخرطوم اي بمنطقة المجاهدين الان ومنها الي مدرسة الخرطوم الثانوية القديمه اولاد من مطلع الثمانينات وحتي بداية التسعينات وختم مسيرته الطويلة العامره مديرا لمدرسة المقرن الثانوية اولاد وترجل عن صهوة جواده للمعاش في عام ١٩٩٥

وبعد ذلك انتقل الي الاستقرار بمسقط راسه بمسيد ود عيسي مقدما كل خبراته وتجاربه الطويله لعشيرته ولأهله واستفاد الناس من تجاربه الثرة الطويله وخبراته في ادارة شؤون المدارس وحل مشاكلها مع المسؤلين بعلاقاته الممتده واصبح رئيسا للجنة الشعبيه لتقديم كل خبراته الطويله لخدمة المواطنين وتقديم افضل الخدمات في مجال المياة والكهرباء والخطط الاسكانية وتطوير التعليم والمدارس وكان مصدرا للالهام وبيت خبرة ضخم وكان جراب راي لكل صاحب مشورة ولكل باحث عن المعرفه كما كان رئيسا لعدد من لجان الخدمات و اللجان المهتمة بشؤون التعليم بمختلف مراحله بالمسيد.

كان طويل الصمت قليل الكلام ولا يتحدث الا عندما يكون الكلام ضروره فحديثه من ذهب وتم تكريمه عشرات المرات اعترافا بجليل اعماله .

ان الاستاذ عوض الجيد احمد الزبير كان يمثل اخر جيل الاساتذة العظماء الذين تخرج علي اياديه الاف الاف من الطلاب والطالبات في مختلف مناطق السودان والان منهم الاطباء والمهندسون والقضاة وشتي ضروب المعرفه.

كان رجلا هاش باش كريم لين الطباع ويضع الناس في مقاماتهم و ينزلهم منازلهم رجل اجتماعي من الطراز الاول واصل للرحم في كل المناسبات في اي مكان رغم تقدم العمر فالاستاذ عوض الجيد هو من مواليد مطلع ثلاثينيات القرن الماضي بمدينة مسيد ودعيسي و رحل عن عمر يناهز ال ٩٠ عام، برحيله ترك فراغا عريضا وسط اهله واسرته ومعارفه.

كنا نستمد منه الصبر عند الشدايد والحكمة عند المصائب وصبورا تجده كالطود الاشم ويقف بقامته الفارعة مثل جبال التاكا كله شموخا وعزة وذلك في احلك المصايب والظروف.

كان مصدر طمأنينة لنا عند الفزع والخوف اذا مرض عزيز لدينا او انتقل شخص عزيز لنا في الاسره.

والفقيد العزيز من مواليد مدينة المسيد وشب وترعرع في كنف اسرة متوسطة الحال فوالده هو أحمد الزبير كرار كان رجلا بسيطا متوسط الحال يجمع بين التجارة والزراعه بطبيعة عمل اهل المنطقه في ذلك الاوان.

والتحق الفقيد بخلاوي الشيخ ود عيسي بالمسيد لدراسة القران ومن ثم التحق بالكتاب بالمسيد والتي عرفت بمدارسها منذ ازل طويل وهم اهل علم ومعرفة وكانت قبلة للطلاب من كل بقاع السودان شر قا وغربا وجموبا و شمالا كانت المسيد تشكل لوحة جماعيه للسودان مصغر ومن ثم التحق بمدرسة رفاعة الوسطي وما ادراك ما رفاعه في مجال التعليم ومنها الي مدرسة حنتوب الثانوية وهو مع ابناء جيله يمثلون الرعيل الاول لهذه المدرسة العريقة التاريخيه ومن ثم نال دبلومات عليا في مجالات التربيه في الجامعه الامريكية في بيروت وفي جامعة لندن في خمسينات القرن الماضي وكان من اشهر معلمي مادة الجغرافيا بالسودان.

ان الفقيد وهو الشقيق الاكبر للأستاذ الاجيال المرحوم الخير احمد الزبير والذي انتقل الي جوار ربه راضياً مرضيا في ١٨اكتوبر ٢٠١٨ والذي شرب معه من نفس المنبع و تشبع معه بنفس القيم والثوابت وهم أشقاء المرحوم البروفسور الفاضل احمد الزبير الذي انتقل الي جوار ربه هو الاخر في ٢٧ يناير ٢٠٠٧ وهو الاستاذ بجامعة الخرطوم والعميد الأسبق لكلية الانتاج الحيواني وعميد كلية الدراسات العليا بجامعة الرباط الوطني وابن عم للبروفسير سعيد محمد احمد المهدي الذي انتقل الي حوار ربه في ٥ ديسمبر ٢٠٠٥ وهو عميد كليه القانون جامعة الخرطوم في منتصف السبعينات

وكلهم سلالة بعضها من بعض ينتمون الي قبيلة الركابية الذين يقيمون بمدينة العلم والنور مدينة المسيد بولاية الجزيرة وجدهم هو غلام الدين بن عايد الركابي جد عموم الركابيه بالسودان والمشهور عنهم بالعلم وحب المعرفة و النبوغ في شتي ضروب الحياة.

اشتهر المرحوم الاستاذ عوض الجيد بالانضباط في كل شي في الحضور والانصراف وكان شديد الهدوء ولا يغضب كثيرا ولا ينفعل كثيرا مهما كانت كان الموقف وهو صحاب خبرات ومستودع للتجارب الانسانية بكافة اشكالها.

تمكن الفقيد من نقل تجاربه للأجيال التاليه من المعلمين وعلمهم الاحساس بالزمنن وغرس فيهم ان للزمن قيمة وان كل دقيقه تمر لا يمكن ان ترجع ولا يمكن ان تعوض وكيفية ادارة الزمن كقيمة مهمه جدا جدا. ويعلم ذلك كل من تتلمذ علي يديه او كل من زامله من المعلمين.

برحيله المر المفاجي فقد الوطن واحد من افضل المربين والمعلمين الافذاذ ولقد شق نعيه علي طلابه وزملاءه الذين توافدوا من مختلف بقاع الوطن رغم الصيام لاداء واجب العزاء عندما علموا بنبأ رحيله وعددوا مناقبه وذكروا محاسن اعماله وحكوا ذكرياتهم معه في تجويد الاداء والانضباط المطلق

الا رحم الله استاذ الاجيال عوض الجيد احمد الزبير بقدر ما اعطي وقدم لهذا الوطن الجميل وللعلم و للطلاب وترك ذكري طيبه ستبقي في نفوسنا الي الابد فان الذكري للانسان عمر ثاني

وفي الختام ان الاحرف تتواري خجلا والكلمات تتبعثر مني وتعصي علي في ان اوفيه حقه كاملا ولكن اسال الله العلي القدير ان يسكنه فسيح الجنان مع الشهداء والصديقين والصابرين وان يلهمنا الصبر الجميل.

و انا لله و انا اليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل وعزاؤنا انه كان صايما حينما فاضت روحه الطاهره الي ربها وما زل في النفس شي من حتي ومازال للحديث معك من بقية ولكنها ارادة الله .


د.فيصل الزبير
بالانابة عن الاهل و الاسره بالمسيد
١٣ ابريل ٢٠٢٢

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد