الأخبار

على صالح طمبل يكتب | يتيم في حياة الأبوين ..!!

55

يتيم في حياة الأبوين..!!

كان يحكي قصته والدموع تترقرق في عينيه، فيقول: كنت الولد الوحيد بالنسبة لأبي وأمي، أنعم بحياة سعيدة في كنفهما، يحيطانني بعنايتهما واهتمامهما. ثم طأطأ رأسه وقال: لكن هذه الحال لم تستمر طويلاً، فسرعان ما أطلت المشاكل بوجهها القبيح بين أبي وأمي، وأخذت تتفاقم إلى أن كانت نهايتها الطلاق ! وتشربت الحسرة نبرات صوته وهو يقول: فكان مصيري أن أُترَك مع جدتي لتربيني بعد أن تزوج كلٌّ من أبي وأمي وكوَّن أسرة جديدة.

وسقطت دمعة على خده حين قال: كنت أذهب لأزور أبي وأقضي معه أياماً لأنعم بعطفه ورعايته، فتحتج زوجته على وجودي بأنها اشترطت على أبي أن لا أكون معه؛ وأزور أمي لأسعد بحبها وحنانها، فيتذمر زوجها لذات السبب؛ فأضطر في الحالتين أن أغادر البيت مرغماً والألم يكاد يعتصر قلبي ! ثم قال خاتماً قصته المأساوية: وهكذا عشت يتيم الأبوين، بينما كان أبواي على قيد الحياة !!

ولعلها قصة واحدة من قصص لا تُحصى عن تأثير الطلاق السالب على حياة الأبناء، وكيف حوّل حياة كثير منهم إلى تعاسة وشقاء، ولو اطلع الأزواج على هذه القصص، ووضعوا في الحسبان العواقب والمآلات؛ لترددوا ألف مرة قبل أن يقدموا على خطوة لا تُحمد عقباها، ولتنازلوا عن حظوظ أنفسهم في سبيل أن يسعد الأبناء والبنات، ولأبوا أن يكونوا سبباً في ظلمهم والإجحاف في حقوقهم !

صحيح، أن الله جل وعلا شرع الطلاق لحكم جليلة، فهو حل إذا استحالت الحياة بيبن الزوجين ولم تُجْدِ كل الحلول التي سبقته، لكن الناظر في كثير من حالات الطلاق، يجد أنها جاءت نتيجة لأسباب واهية تافهة، وكان العناد من الطرفين – أو احدهما – سبباً في عدم التراجع عنه!

فقد يكون السبب في الطلاق اختلاف رأي في موضوع ما، وقد يكون تقصيراً بسيطاً من طرف تجاه آخر، وقد يكون بسبب تدخل أطراف أخرى، ولو كانت المشكلات – بقدر الإمكان – تُحل في نطاق ضيق دون تدخل الآخرين، وتحلَّى كلٌّ من الزوجين بالجدية وروح المسؤولية، وكان على استعداد للتنازل للطرف الآخر من أجل استمرار الحياة الزوجية واستقرار الأسرة؛ لتجاوزا كثيراً من الخلافات التي تطفو على السطح من حين لآخر، ولا يكاد يخلو منها بيت من البيوت.

ولو علم الزوجان أن الطلاق يُرضي الشيطان ويثلج صدره لراجعوا أنفسهم كثيراً قبل أن يتخذوا قرار الانفصال؛ فقد جاء في الحديث:

 (إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ علَى الماءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَراياهُ، فأدْناهُمْ منه مَنْزِلَةً أعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: فَعَلْتُ كَذا وكَذا، فيَقولُ: ما صَنَعْتَ شيئًا، قالَ ثُمَّ يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: ما تَرَكْتُهُ حتَّى فَرَّقْتُ بيْنَهُ وبيْنَ امْرَأَتِهِ، قالَ: فيُدْنِيهِ منه ويقولُ: نِعْمَ أنْتَ ) رواه مسلم

▪️عصارة القول، الحياة الزوجية تحتاج إلى صبر، وتنازل، وتسامح، وجدية، وتحمل للمسؤولية، ومراعاة لشعور الطرف الآخر، ووضع مصلحة الأبناء في الاعتبار؛ حتى نقيم بيتاً سعيداً، ننفع به أنفسنا ومجتمعنا، أساسه تقوى الله عزّ وجل، وغايته الفوز بجنته ورضوانه.

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد