الأخبار

على صالح طمبل يكتب: رمضان .. 720 ساعة فقط ..!!

54

علي صالح طمبل

رمضان: 720 ساعة فقط ..!!

ذكر أحد الدعاة في معرض حديثه عن أيام رمضان التي تنصرم سراعاً موقفاً طريفاً حدث من أحد المختلين عقلياً حين قال عقب إفطار أول يوم من أيام رمضان: الحمد لله؛ بقي على العيد تسعة وعشرون يوما فقط!

قال ذلك الداعية حفظه الله معلِّقاً على الموقف: (لم أنتبه لما قاله ذلك المختلُّ عقلياً إلا حين قرأت تفسير قول الله تعالى: (أياماً معدودات)، فعلمت أن الله تعالى قال (معدودات) ولم يقل (معدودة) ليفيد معنى القلة، وليخفف على النفوس؛ حتى لاتشعر بثقل تكليف الصيام عليها. فقلت في نفسي: ومن عجب أن يوفق ذلك المختل عقلياً لهذا المعنى، بينما غفل عنه كثير من العقلاء!).

720 ساعة فقط هي جملة ساعات شهر رمضان المبارك، يقضي الكثيرون – في العادة – ثلثها في النوم، بل من المؤسف أن يزيد الكثيرون ساعات النوم في رمضان حتى تصل إلى النصف، بل إلى الثلثين أحياناً، فتمتلئ المساجد والبيوت ومواقع العمل بالنائمين، ليتحول رمضان عند هؤلاء من شهر للعبادة والعمل إلى شهر للكسل والخمول!

وإذا كنا نقضي في المتوسط ثماني ساعات يومياً في النوم في هذا الشهر الفضيل، فإن  أربع ساغات على الأقل نقضيهما في الأكل والشرب وقضاء الحاجة والمواصلات، وغيرها من الشواغل! وهذا يعني أننا نهدر ما يقارب نصف ساعات هذا الشهر، لتتبقى لنا 360 ساعة فقط! 

والعجيب أن الزمن عند الجميع هو نفس الزمن، لكن يتفاوت الناس في حجم الاستفادة منه تفاوتاً عظيماً، فقد تجد شاباً في الثلاثين من عمره استفاد من الزمن ما لم يستفده شيخ في السبعين من عمره، ولعل ذلك مصداق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) رواه البخاري (6412)..

قال ابن الجوزي‏:‏ (قد يكون الإنسان صحيحاً ولا يكون متفرغاً لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنياً ولا يكون صحيحاً، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون، لأن الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها السقم، ولو لم يكن إلا الهرم كما قيل‏:‏

يسر الفتى طول السلامة والبقا فكيف ترى طول السلامة يفعلُ

يرد الفتى بعد اعتــــدال وصحــــة    ينــــــــوء إذا رام القيــــــام ويحمـــــــــــــــــلُ

وقالَ ابن بطَّال: (معنى الحديث: أنَّ المرء لا يكونُ فارغًا حتَّىٰ يكونُ مكفياً صحيح البدن، فمَنْ حصلَ لهُ ذٰلك فليحرص علىٰ أنْ لا يُغبَن بأنْ يترك شكر الله علىٰ ما أنعم به عليه، ومِنْ شُكره: اِمْتثال أوامره، واجْتناب نواهيه، فمَنْ فرطَ فِي ذٰلك فهوَ المغبون)  فتح الباري (11/230).

ثم إن الجميع يتفقون على أن الشهور والأيام تنقضي أسرع من ذي قبل، وهي علامة من علامات الساعة كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام.

إذاً، نحن في صراع مع الزمن؛ لذا علينا أن نبادر فنستثمر كل لحظة من لحظات هذا الشهر، وإن الفرصة ما زالت سانحة لتصحيح المسار والاستقامة على الطاعة وإحداث التغيير المنشود، بتحقيق التقوى ومن ثم الفوز بالعتق من النيران، ولعلها تكون الفرصة الأخيرة؛ فلربما كان هذا الشهر هو آخر شهر نشهده على قيد الحياة،

ولنضع نصب أعيننا وصية النبي عليه الصلاة والسلام قبل فوات الأوان: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناءك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) صحيح الترغيب والترهيب (3355)..

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد