الأخبار

المرافق الصحية في السودان تاريخ زاهر وهوان ظاهر

🔴 تاريخ باهر وهوان ظاهر

117

المرافق الصحية في السودان تاريخ زاهر وهوان ظاهر


بقلم: علي أحمد ابوسالمة


السودان علي الرغم من قدم تاريخه فى المجال الصحى الذي بدأ منذ بناء وتأسيس أول مستشفى في العهد التركي بمدينة الخرطوم في العام ١٨٢١م والذي خصص آنذاك للجنود الأتراك فقط دون سواهم من السكان ، كانت خدماته محدودة وضئيلة، الي ان تحسن مستواها في العامين ١٨٧٧ _ ١٨٨٤، ومن ثم توقف العمل بها في عهد الثورة المهدية التي اتخذت أم درمان عاصمة لها الي حين دخول المستعمر البريطاني في العام ١٨٩٩م وتأسيس أول مركز أبحاث صحية في العام ١٩٠٣م ومدرسة كتشنر، والتي أصبحت جامعة الخرطوم اليوم يدرس فيها العلوم الطبية المختلفة.

أما في فترة حكومات الوحدة الوطنية الأولي والمتعاقبة في فترة الستينيات والسبعينيات فقد أولت الدولة اهتمامها وخصصت ميزانيات لإنشاء المراكز الصحية والمستشفيات بالمركز والولايات، ولكن في منتصف الثمانيات بدأ التدهور في البنى التحتية للمرافق الخدمية بشكل عام، وذلك لأسباب عديدة منها ظهور الحروب الأهلية في جنوب السودان في فترة الرئيس الراحل جعفر نميرى وتواصلت هذه الحروب لتشمل فترة حكمي حكومة الوحدة الوطنية الثانية وحكومة المعزول عمر البشير، وتوقفت في العام ٢٠٠٥م إبان التوقيع على اتفاقية سلام نيفاشا،

ولكن استمرت حروب أهلية أخرى في دارفور وشرق السودان وجنوب كردفان، لتعود مرة أخرى وضع أولوية الحروب في الموازنة العامة لتاخذ ٨٠% من ميزانية الدولة، وغض الطرف عن المرافق الخدمية الأخرى، حيث وصل إهمال هذه المرافق الخدمية ما يفوق ال٤٠ عام.


هذا الموضوع كفيل لكي نخوض في غماره بحثا عن الأسباب الأخرى غير الحروب أدت إلي تدهور المرافق الصحية، وتسميه ووصف بعض المواطنين هذه المرافق بمستشفيات الموت أو القتل الصامت، فكثيرا ما نسمع بأن المريض ذهب الي المستشفى بقدميه وخرج منها إما في وضع حرج أو حمل إلي مثواه الأخير،

وكل ذلك لأسباب عديدة :
أولا الإهمال في تأهيل البنى التحتية للمستشفيات والمعامل الصحية والمتمثلة في المباني والعنابر والصرف الصحى والمشارح، فهذه بالذات تحتاج لصيانة دورية دون توقف لحساسية وضعها وأثرها على المريض ومرافقيه.


ثانيا الأجهزة والمعدات الطبية : للأسف تفتقر المستشفيات الحكومية من وجود أجهزة حديثة غالبا ما يحول او ينقل المريض للمستشفيات القطاع الخاص لإتمام علاجه ونجدها قليلة جدا مقارنة بالكثافة السكانية في المدن والعاصمة.


ثالثا التشخيص الخاطئ : غالبا ما نجد التشخيص المبدئي يعتمد بالاعتقاد او الافتراض وما يحزن كثيرا بدا العلاج الخطأ وأخذ المريض العلاجات قد تسبب آثار جانبية مضرة او في بعض الأحوال قد تؤدي الي حالة التسمم الدوائي ومن ثم الوفاة.


رابعا الأطباء والكوادر المساعدة: وهي في الأغلب حديثة التخرج وقليلة الخبرة (إمتياز او نواب).


خامسا غياب الاختصاصيين والاستشاريين في المرافق العامة: الرواتب الضعيفة و ضعف المخصصات والمعينات الطبية جعلت الكثير من الكوادر المؤهلة ذات الخبرات العالية تهاجر خارج الوطن طلبا لتحسين أجورهم والقليل منهم فقط يعملون بالقطاع العام وهذا أدى إلي الغياب التام من متابعة ومراقبة الحالات المرضية و علاجها بصورة صحيحة.


كل هذه الأسباب ساهمت بصورة كبيرة في فقد الثقة بين المرضى والمرافق الصحية في السودان، مما أسفر عنه سفر العديد من المرضى الي الخارج لطلب الفحص والعلاج وإجراء العمليات الجراحية البسيطة والكبيرة، وهذا للأسف شئ محزن.


ويبقى السؤال الا يمكن ان يتم إنشاء مستشفى بمواصفات حديثة يكفى المريض وأهله عناء السفر الي الخارج ويوفر لهم المال والجهد، الا يعي المسؤولين بالدولة بأن تكاليف العلاج بالخارج تعادل الملايين من العملات الصعبة يمكن أن تنشئ أكبر المستشفيات المتخصصة توفر أحدث الأجهزة ورواتب مجزية تساهم في استقرار الاستشاريين والأطباء في الوطن.


هنالك بلدان استثمرت وطورت الجانب الطبي ووفرت الإمكانيات الحديثة لجذب المرضى من كل أنحاء العالم، مما شكل ذلك عائدا كبيرا اقتصاديا وأحدث حراك اقتصاديا شاملا استفادة منه في توفر فرص العمل المحلية وتوفر العملات الأجنبية وساهمت في حراك الاسواق العقارية والتجارية، وقد عرف في بعض البلدان بإسم السياحة الطبية.


أخيرا أن قياس مستوى قوة الدولة في الدول المتقدمة يساوي قياس المستوى الصحي والتعليمي فإذا قل او ضعف بالتأكيد ستتأثر به الدولة، وهذا المستوى الضعيف نعاني منه الآن على المستويين الصحي والتعليمي، لذا فهي رسالة إلي المسؤولين بالدولة في الحكومة القادمة من أجل وضع الأولوية والإهتمام بالخدمات الصحية والتعليمية فهما ليس بأقل من (الأمن والدفاع) بشئ.

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد