الأخبار

الانحياز للشعب ولا للحرب

49


جعفر عباس


من المؤكد أن القوات المسلحة ستنتصر في خاتمة المطاف على قوات الدعم السريع، في المعارك الدائرة في عاصمة بلادنا، ولكن من المؤكد ان ذلك النصر سيكون فاتحة لحروب مفتوحة هنا وهناك، لأن الدعم السريع سيتقهقر الى الأقاليم ويستدرج الجيش الى معارك بلا حصر، وستكون معارك في منتهى القذارة يمارس خلالها الدعامة كل أنواع البطش واللطش والسلب والنهب التي اشتهروا بها، فلو فتك الجيش ب50 الف مقاتل من الدعم سيكون لديه 50 الف آخرين وعنده مستودعات ضخمة للمقاتلين في تشاد والنيجر ومالي


الأمر الذي لا يقبل التأجيل هو وقف الحرب بأسرع ما يمكن، لأن نتائجها الكارثية الآنية صارت محسوسة وملموسة متمثلة في الدمار والخراب الذي تعرضت له المرافق والبيوت والبنى التحتية وتوقف الخدمات الضرورية وعجلة الإنتاج التي هي كسيحة أصلا، هذا غير الخسائر في الأرواح حيث سقط مئات المدنيين قتلى والآلاف منهم جرحى، ثم انفرط عقد الأمن بدرجة أن أشخاصا صدرت بحقهم عقوبات بالإعدام خرجوا بالأمس من سجن كوبر عبر أبوابه
توقفت المعارك في نيالا والأبيض والفاشر بعد سقوط مئات الضحايا،

ولكن الحرب لا تزال مستعرة في العاصمة، ومن ينجو من قذائف طائشة قد لا ينجو من عصابات السلب والنهب وقطع الطرق، والكارثة الوشيكة هي ان نحو 9 ملايين شخص في عاصمتنا مهددون بالمجاعة بعد نفاد مخزون رمضان من المواد التموينية من بيوتهم ومن المتاجر، بل إن غالبية الناس لم يعودوا يملكون المال لشراء أي شيء لتوقف نشاط البنوك، وها هي شبكة الاتصالات تكاد تنهار تماما ويعجز الناس حتى عن تفقد أحوال بعضهم البعض، وها هم آلاف السودانيون يتدافعون صوب مصر طلبا للسلامة


قائد الجيش عبد الفتاح البرهان قال لوسائل الإعلام انه سيتفاوض لوقف الحرب بعد إخراج الدعم السريع من الخرطوم، ولكن وقف الحرب في الخرطوم على وجه السرعة أمر ضروري، وخروج البعثات الدبلوماسية من الخرطوم يعني عدم وجود مراقبين يبلغون قيادات بلدانهم بما يحدث مما يعطي الطرفين المتحاربين شيكات على بياض كي يمارسوا لعبة الحرب بصورة أشد عنفا، وما هو أخطر من كل ذلك هو أن هناك تدخلات خارجية مستترة ومكشوفة في هذه الحرب، فاللواء الليبي المتمرد خليفة حفتر ومرتزقة فاغنر الروس يساندون الدعم السريع، ومصر والصين تساندان البرهان، وها هي روسيا ترفض الجلسة المقترحة لمجلس الامن اليوم، وعلى صعيد آخر فالمجتمع الدولي “مش فاضي” للسودان ومشغول بحرب أوكرانيا


البرهان وصف الحرب بأنها عبثية، وحميدتي قال ان المنتصر في الحرب خاسر، وحقيقة الأمر هي ان الخاسر الأكبر هو الشعب والوطن الذي يتعرض للدمار، ومن ثم فواجب هذا الشعب هو رفض الحرب، وإرغام الطرفين على الدخول في مفاوضات برعاية وسطاء موثوق بهم، وتكون الغاية هي التوصل الى صيغة لحل الدعم السريع بتسريح ودمج عناصره وربما إقصاء آل دقلو من المشهد وإذا كان المقابل المطلوب هو رحيل البرهان أيضا ف”خير وبركة” فالأشخاص زائلون والوطن لابد أن يبقى ما بقيت الحياة، ولتكن بداية مسيرات رفض الحرب من المدن التي لم يصبها فيروس الفتنة بعد

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد