الأخبار

الخرطوم .. المدينة التي شاخت سريعاً !!

مجاهد بابكر نايل

148

من الأسافير

مجاهد بابكر نايل

تحمل على ظهرها هذه المدينة دولة كاملة بكل معنى الكلمة ، شعوب البلاد جميعها في بقعة الخرطوم، حتى تفلطحت على إتساع يسمح بالتنفس من رئتيها الصغيرتين جدا، قرر الإنجليز بناؤها على نسق لندن (قال ليك)، خططوها بالعلم وبالحساب الذي يسمح أن تكون عاصمة وبسكان محدودون، تغنى بجاملها المغنيين، وتجدع في شوارعها الأفندية على طريقة الخواجات السمر

حتى حميدتي ..!! الذي دخلها أول أمس تحسر عليها قائلا لجمهور الخرطوم أنفسهم (والخرتوم دي زمان شوارعها بغسلوها بالصابون)، فهل يعلم أنه بعد دخوله الخرطوم وجلوسه في قصر الإنجليز، قد أصبحت الخرطوم في حاجة لسبع غسلات متواصلة حتى تخف عنها النجاسه !!!؟

يخبرنا كبارنا أن الإنجليز كانوا يتركون سكان الأقاليم المنتجه يدخلونها لأغراض بسيطه، ويمنعونهم من الإستقرار فيها على حساب توقف مناطقهم المنتجه، ولغير ذلك فإن التخطيط الإسكاني تم إيقافه من هذه المدينة، لأن تخطيط المدن يتم بحسابات معقدة، أقلها سعة الشوارع وخدماتها لعدد السكان وراحتهم، والكثير من التخطيط والتصاريف الهندسية


ظلت الخرطوم على مقاس سكانها، توزع الحياة عليهم بسهولة ويسر، وللخرطوم سكان، عكس ما يتندر به الجميع أن الخرطوم (لحم رأس)، منهم ذلك الفلولي الذي أضحكنا كثيرا بغبائه حين نفخ وجهه المملس وقال (الخرطوم حقتنا وأنا أبو الخرطوم)، حسنا أيها الكوز، الخرطوم بها مواطنون جدودهم بالفعل تحت ترابها ولكنها ملك للجميع


حين هجم إخوان الشيطان كيزان إبليس الكبير على رقبة الخرطوم، وتحكموا في أمورها، كانوا يعلمون أن قاطني الخرطوم كلهم لا يحبون الكيزان، كانوا أبعد عن أن يؤيدوا حسن الترابي في أي شيى سيفعله، وكان الثعلب قد جرب مرة وفشل، فقرر أن يجلب مناصرين من خارج المدينة، حتى لحظة إنقلاب الهمبول البشير لم تكن الخطط الإسكانية مفتوحة في المدينة، فقد كانت خدماتها تكفي بالكاد للسكان المتواجدين، وهو علم دقيق ليس خرمجة وضيافة و(كان تطايبت النيه العنقريب يشيل ميه)

وضع الكيزان خططا إسكانية أكبر مما تستطيع أن تتحمله المدينة الجميلة ذات الموقع الخرافي، جلبوا سكان مناطق الإنتاج الذين تربوا في القرى ذات التخطيط الأهلي والتصاريف الفردية كما العقول الحره التي لا تلتزم بنظام، جلبوهم إلى مدينة صنعها الإنجليز ووضعوها بنظام !؟؟


وزاااادوا من التخطيط حين وجدوا ربحا و مدخلا للفساد وبيع الأراضي، خططوا جسدها كله، حرقوا زرعها وحولوا مزارعها إلى اسمنت، وتمددوا إلى حدود الأقاليم هناااك، فشاخت المدينة وأستباحها الجميع، وتوقف الإنتاج وتلاشت قرى ومدن صغيرة كان لها موقع مميز في تنمية البلاد


طال التهميش الأقاليم، بعد أن أصبحت الخرطوم مستقر رجرجة الكيزان وزوجاتهم، وبدأوا على إستحياء برصف شوارع أسفلت متدنية المستوى، حفاظا على سياراتهم، وتسهيلا لتحركاتهم من الفلل التي بنوها إلى مكاتب الحكم التي إغتنموها غنيمة، وسبوا الخرطوم ملك يمين

كل يوم نسمع لقائد مليشيا يحدث جماعته، أن ندخل الخرطوم وننام تحت المكيفات، ونشرب الماء البارد، وأحاديث الغباء وركوب الرأس، أي مدينة في الدنيا يمكنها تحمل هذا العدد الضخم من الناس المختلفين، ريفيون يعيشون على نسق ريفهم ويمارسون حياة القرى في أرصفة المدينة، تراكم أوساخ ناتج عن ضعف طرق الصرف مقارنة بإنتاج الوسخ اليومي، وكهرباء مقطوعة وشوارع ضيقة والخ مما يعرفه الجميع

الان سكان الخرطوم أنفسهم، لو أتيحت لهم الفرصة لأرتحلوا إلى الأقاليم، ومددوا أرجلهم قليلا وقالوا (أححححح يادوب شمينا هوا) الخرطوم الجميله، تنبأ لها الشيوخ بأجل محدود، وقالوا أنها يوما ستخرب.

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد