الأخبار

من أين طينة هذا الفتى ؟!

115

من اي طينة هذا الفتى ؟!!

منصور بشير تنقا – أرشيفية

الممشى العريض – خالد أبو شيبة

حاولت وأجتهدت وفعلت كل الممكن وبعض المستحيل لتطويع المفردات علني أنجح في رسم صورة تقريبية للقاري العزيز تبين بعضاً من سمات ومميزات الكابتن الخلوق لاعب الهلال الدولي السابق منصور بشير تنقا ولكني فشلت ولا أخال أن غيري بإستطاعته أن يتحدث عن هذا النجم الإستثنائي ويوفيه القليل من حقه

وأنا شاكر وممتن للظروف التي جعلتني قريباً منه وشاكر وممتن لحلفا الجديدة التي جمعتني بتنقا الإنسان الذي يؤكد لي في كل يوم انه من طينة العظماء وتعملقه لم يقتصر فقط على مستوى المستطيل الأخضر بل تعداه إلى ميادين اخر.

تنقا لم يشكو حاله لأحد لم يتجزع أو يسب الدهر كما يفعل غالبية الناس قابل ما واجهه من عنت ومشقة وضيق حال بصدر رحب وصبر جميل وإبتسامة رضاء أقسم أنني لم أجدها في كل الميسوريين

طلبت مقابلته فأستجاب وسألته عن حاله فشكر الله وأثنى عليه بالحمد الكثير وقال أن حاله مستور وهو أفضل من الأف السودانيين الذين يفتقدون للأمان وللمآوي وما يسد رمق جوعهم.

قال ذلك ومعه أسرة عددها أفرادها تسعة يسكنون جميعاً في غرفة لا يوجد بها سرير ولا مرتبة ولا غطاء ولا كرسي واحد فأي قناعة هذه وأي مرحلة من الرضاء لا يصل اليها إلا من كان ينتمي لعالم اخر غير عالمنا البشري؟

في مقابلتي معه قال انه جاء إلى حلفا الجديدة ليعيش في هذا الظرف الصعب مع أهلها الذين ينتمي إليهم ويقدرهم ويحبهم جدا وأنه لا يعتبر نفسه نازحاً فهو يتواجد بين أهله وعشيرته وعزوته وشكرهم رغم أن غالبيتهم لم يسمع بوجوده ورغم انه في تلك اللحظة لم يجد منهم إلا غرفة في مدرسة فأي أدب هذا واي إحترام واي أخلاق؟

تنقا المهذب الخلوق يتعفف حتى عن رفع رأسه عندما يتحدث معك وتكاد لا تسمع حديثه إلا إذا إقتربت منه وبالأمس أخبره الأخوان ربيع محمد عثمان ومحمد أدهم خليل وأستاذ الأجيال محمد جلال فرح بفكرة إقامة مهرجان رياضي كبير بالتعاون مع إتحاد الكرة بحلفا عقب عطلة عيد الفطر المبارك يكون تكريماً له ويساهم دخله في رفع القليل من معاناته

ولكن الرجل بإباء قال انه لا يوافق على ذلك واغرورقت عيناه بالدموع مؤكداً انه لا يقبل أن يحتفى به وغالبية الشعب السوداني مشرداً ومشتتاً في المنافي بالداخل والخارج متسائلاً هل تقبلوا لي أن أبتسم وهنالك من يبكي ويتألم؟ ماذا سيكون موقفي عندما يشاهدني أو يسمع بي الصغار الذين فقدوا من يعولهم والأم التي ترملت والأب الذي فقد فلذة كبده؟

كان حديثاً مؤثراً وموقفاً مهيباً لا تجده إلا عند تنقا الذي جعلنا جميعآ نتساءل من أي طينة جاء هذا الفتى؟.

لعنة الله على الحرب ومن اشعلها ومن قرع طبلها ومن نفخ في نارها التي تستعر وتمضي في سرعة جنونية للقضاء على أخضر الوطن ويابسه..

فأمثال تنقا يموتون في اليوم الف مرة حزناً على ضياع الوطن وغبناً على مآلأت الكارثة فمتى يتخلى الصغار عن اللعب بالنار التي حرقت حشاء أبناء هذا الشعب الطيب الذي يستحق واقعاً افضل وحياة افضل ومستقبلاً افضل؟

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد