الأخبار

يا ساكن المدينة

77

مصطفى درش

يا ساكن المدينة – عليه افضل الصلاة والسلام

وكأن بين يديك كتاب تقلب صفحاته بإنشراح ثم ترجع لتقرأها مرة اخرى , وهكذا كلما تتيح فرصة زيارة المدينة والمسجد النبوي وساكن المدينة حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رغم تكرار زياراتي لها ولكن تحس وفي كل مرة كأنك تزورها اول مرة .
الناس هناك مختلفون في كل شيء , طيبة شعبها وكأن جذورهم منا نحن السودانيين الشعب الطيب .
الشوارع التي تحس ببرودتها في الصيف واعتدال مناخها في الشتاء ، والكل يفسح لك الطريق وكأنك ضيف عظيم يجب احترامك , فلم لا واهل المدينة يرحبون بكل زائر كريم فيعرفون انهم زوار الرسول صلى الله عليه وسلم , حبيبهم الذي احباهم واستقبلوه بطلع البدر علينا , فكان بدرا حقيقيا .
ولأن معظم الزائرين للمدينة لايستطيعون المكوث طويلا بسبب الحملات القصيرة وظروف اعمالهم والسفر فكان لابد ان تستعين بصديق .
اما انا فاعتبر نفسي من المحظوظين لأن ربنا اكرمني بصديق العمر والذي قدم لي خدمات جليلة ، فهو لايزال يعطيني دروس مستمرة عن المدينة واهل المدينة وكرامات المدينة . وحب السودانيين لرسولهم في المدينة , هذا الصديق والزميل دائما ما يطلب مني بل يلح عليا كثيرا الا أذكر اسمه مهما كان فلايريد جزاء او شكورا من احد .
حكايات المدينة كثيرة ومستمرة , فكان يعطيني من وقته الكثير , فكم تتبعت معه اثار هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم , ومعالم معركة احد . وكم مرينا على المساجد التي مر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواحه وعدوه في المدينة .
احيانا عندما ازور المدينة , احاول اتهرب منه ولكنه مجرد ان يعلم بوجودي لايترك لي فرصة , ويقول انت تتحسس لوجود ضيوف من السودان في بيتي , هؤلاء هم ضيوف الرحمن وما انا الا خادم
يوجد سودانيين كثر في المدينة ممن وهبهم الله العبادة والسعة في الرزق . ومنهم عم هذا الصديق الذي وهب جزء من ارضه لاوقاف المسجد النبوي بدون تردد ، ولايزال ابنائه يقدمون العطايا رحمه الله وغفر له .
هؤلاء يقدمون للحجاج والزائرين وطلبة العلم ما تخفيه يمناهم عن يسراهم فجزاهم الله خير .
كنت في رمضان مع هذا الصديق ووجدته يوميا يحمل صحن القراصة وسط السودانيين رغم بعد المسافة فقلت له يوما الا تشعر بالتعب يا محمد وانك مريض فقال لي ( عندما أكون خارج المسجد النبوي هنا اشعر بالتعب ) .
كنا مجموعة في زيارة المدينة وعزمنا شخص من اهل المدينة للفطور عنده ولما وصلنا المكان قدم لنا اطباق فول صغيرة مع التميس وكنت جعان جدا , فشعرت بالامتعاض لاني محب للاكل الكثير ، همس صاحبي وقالي ( طعام المدينة فيه البركة ) اكلنا وشبعنا وبحثنا عن شخص نعطيه باقي الاكل فلم نجد .
يحلو الحديث ولكن جمال السودانيين وهم امام بوابة السلام لا يضاهيه جمال , الجلاليب البيضاء تخطف الانظار وكأن قماشها من مشغل واحد , أو كأنها غمست في بياض .
وسلام السودانيين والطبطبة على الاكتاف تجعل حتى عمال الحرم يقفون انبهارا بها هذه الوجوه السمراء التي تتلاقى في باحة الحرم وامام بوابة السلام لايجمع بها الا الانتماء لهذا الوطن
فكم قابلت من اشخاص زائرين ومعتمرين يقولون لنا نريد بوابة السلام فقط لكي ترتاح نفوسنا .
كنت اتمنى ان يبادر قيادي حصيف بجمع الفرقاء السودانيين في ساحة المسجد النبوي لازالة ما علق بالنفوس , فهنا في هذه الساحة يحب السودانيون سيدهم النبي صلى الله عليه وسلم .
هنا ستكون صحيفة الاتفاق بيضاء لا لوث فيها ولكن يبدو اننا بعيدين عن السلام وباب السلام ..

أكتب تعليقـكـ هنــا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد